لم تهدأ أصداء الفضيحة السابقة لذراع الإماراتي الحقوقي “المشبوه”؛ “لؤي محمد ديب”، بعد اعتقاله في يونيو 2015،  بتهمة “غسيل أموال قادمة من الإمارات”، ليصدر قرار رسمي جديد بنفس التهمة من سلطات النرويج، والتي سبق وأن هرب منها بعد توقيفه لمدة 48 ساعة إلى أبو ظبي.

فبحسب مصادر إعلامية، فإنَّ هيئة مكافحة جرائم الأموال في النرويج وجّهت رسميًا اتهامات إلى “لؤى ديب” بصفته، فى قضايا غسيل أموال، مجددًا.

ووفق ما نُقِل عن محامي هيئة مكافحة جرائم الأموال، فإنَّه قد ثبت تورُّط “ديب”، في “لعب قمار” بأموال المؤسسة الحقوقية التي كان يديرها، عبر الإنترنت بقيمة عشرة ملايين “كرونة”– عملة النرويج-.

وأوضح المصدر ذاته، أنَّ هيئة مكافحة الجرائم المالية، لا تريد الحديث عن التفاصيل في الوقت الحالي، دون ذكر السبب.

ليست المرة الأولى

وهذه ليست المرة الأولى التي سيُواجِه فيها “ديب” الاعتقال؛ حيث سبق أن اقتحمت الشرطة النرويجية، ومكتب مكافحة الجرائم الاقتصادية، بسرية، في مايو 2015، مكتب “الشبكة العالمية للحقوق والتنمية” بالتزامن مع اقتحام منزله.

اقتحام مكاتب المؤسسة التي تروِّج لنفسها على أنها حقوقية، حصل على شاطئ بحر الشمال في المدينة النرويجية الثالثة، ستافنغر، وأوقف “ديب” لمدة 48 ساعة على ذمة التحقيق.

وفور إخلاء سبيله طبقًا للقوانين التي تمنع التوقيف لأكثر من هذه المدة، تمكن من الهرب خارج البلاد، تحديدًا إلى مصر ثم إلى دولة الإمارات التي لا يزال مقيمًا فيها، وبات الرجل مطلوبًا للعدالة في دولة النرويج، بعدما وجّهت له السلطات القضائية تهمة تبييض الأموال وأعمالًا إجرامية، وفق القانون 317 الصارم جدًا في مسائل الجرائم الاقتصادية والاحتيال.

وبحسب دائرة الضريبة النرويجية فإنَّ “الشبكة العالمية للحقوق والتنمية” لم تقدّم حساباتها ولم تدفع الأجور الشهرية سوى لراتب سنوي واحد مقدَّر بـ140 ألف كرونة (أي ما يعادل 30 ألف دولار).

الأمر الذي وصفته السلطات النروجية أنه مثير للانتباه؛ إذ لم يكن لتلك المنظمة التي مقرها ستافنغر، أي تسجيل رسمي ولا علاقة بالمنظمات الحقوقية المحلية ولا الدولية ولا حتى اتصال بوزارة الخارجية النرويجية.

وتناقلت الصحف النرويجية أنّ شبكة لؤي الدولية أسست بمساعدة “رمضان أبو جزر” (عضو مجلس إدارة، وهو أيضًا من سكان رفح سابقًا ومقيم في بروكسل)، وأجرى مفاوضات لتتبناها المخابرات الفلسطينية العامة وعلى مدار عدة أشهر عام 2011، عبر مدير الإدارة العامة للأمن الخارجي العميد مأمون هارون رشيد، ومتابعة مباشرة من مدير المخابرات اللواء ماجد فرج.

وذكرت لاحقًا تقارير صحفية أنَّ لؤي ديب غيَّر ولاءه من المخابرات العامة التابعة للرئيس محمود عباس إلى غريمه محمد دحلان الذي يعمل كمستشار لدى الإمارات.

واتّهمت جهات عديدة في تونس الشبكة الدولية للحقوق والتنمية بالعمل ضد حزب النهضة خلال الانتخابات التونسية لصالح نداء تونس ورئيسها الباجي قائد السبسي، بعد أن عملت نفس الدور ضد الإخوان المسلمين في مصر.

و”ديب”، متهم بغسل الأموال بعد تلقِّي شبكته 100 مليون كرونة (حوالي 21 مليون دولار) مُحوّلة من دولة الإمارات على مدى 3 سنوات– ما بين 2013 وحتى 2016-.

وبحسب تقارير صحفية فإنَّ قضية “الشبكة العالمية” بَقِيت تحت التحقيق والمراقبة منذ شهر يناير 2015، بعد جدل أثير في أروقة “مجلس حقوق الإنسان” والأمم المتحدة عمومًا، لإصرار “لؤي ديب” على نيل اعتراف بمنظمته كمنظمة ضغط “لوبي”.

ذراع الإمارات “المشبوه”

وكان ظهر اسم “ديب” مؤخرًا بعد أن استعانت به الإمارات في تمويل أنشطتها لتشويه صورة قطر في المحافل الدولية، تحت اسم منظمة أهلية “غير حكومية” تعمل في مجال حقوق الإنسان تسمى GNRD.

فالإمارات شرعت في حملة عالمية خلال الفترة الماضية لتحقيق القبول العالمي لتعريفها الاستبدادي للإرهاب الذي يشمل كل شيء، ويرتكز على اعتبار “الإسلام السياسي”- في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة- مصدرًا للعنف ويجب حظره، وكان “ديب” أبرز تلك الأذرع، وذلك وبحسب موقع “يور ميدل آيست”.

وتسعى عبر هذه الشبكة الحقوقية لتوسيع وبسط نفوذها الإقليمي عبر “القوة الناعمة”، وتحقيق القبول العالمي بتعريفها الاستبدادي للإرهاب الذي تقصد به الإسلام السياسي.

ويعتبر سجل هذه المنظمة بشأن قضايا حقوق الإنسان التي يُدِريها “ديب”، “مشوهًا”؛ إذ يمتدح سجل دولة الإمارات الحقوقي، رغم تعرض أبو ظبي لانتقادات متكررة من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية ووزارة الخارجية الأمريكية.

فقد سبق وأن نشرت الشبكة التي يديرها “ديب” تقريرًا صنفت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة في 2013 الأولى عربيًا في مجال احترام حقوق الإنسان الأساسية والرابعة عشر عالميًا في ذلك، متقدمة على أمريكا وبريطانيا ودول أوروبية كثيرة ووضع التقرير دولة قطر في ذيل القائمة لتحتل المرتبة فوق المائة.

و”ديب” النازح الفلسطيني الأصل، والحاصل على الجنسية النرويجية بعد تقديم طلب لجوء سياسي للعمل كسائق تكسي، حصل على شهادته جامعية من جامعة وهمية في غزة بقيمة 1000 دولار، ويقدم نفسه على أنه صاحب شهادة دكتوراه في القانون الدولي.

وكان حضر إلى النرويج قبل 18 سنة من مدينة رفح في قطاع غزة؛ حيث ولد عام 1975، لكن النرويجيين لم يجدوا أية خلفية أكاديمية للرجل في بلادهم.

وبحسب صحيفة “داك نارينغ ليف” فإنَّ “ديب” كان مجمل دخله حتى مطلع عام 2013 بلغ 200 ألف كرونة، في حين ارتفع فجأة مع العام 2013 إلى نحو 4.7 مليون كرونة”.

فضلًا عن أنه يمتلك حاليًا ثلاث شركات في الإمارات العربية المتحدة التي ترسل الأموال إلى ستافنغر حيث مقر (GNRD) التي يترأسها.

والشركات، هي: “Deep Consulting والتي تعود ملكيتها إلى “لؤي ديب” نفسه، والأخريين Advance Security Technology وLana Interior واللتين لهما العنوان نفسه ولا يوجد أي معلومات عن ماهيتهما أو طبيعة الأعمال التجارية التي تقومان بها”.

وبحسب الجارديان” فإنَّ “لوئ” تلقى أكثر من 1.6 مليون دولار عن طريق دولة الإمارات عام 2013، والتحويلات ارتفعت إلى 5 ملايين دولار في عام 2014، وأكثر من 6.9 ملايين دولار عام 2015، وفي عام 2013 وحتى عام 2015 كانت أكبر جهة مانحة لجمعية (ديب) شركة مقرها الإمارات متخصصة في أمن المعلومات.