العدسة – معتز أشرف

في محاولة يائسة لتبيض وجهه، وفي سابقة تكشف الارتباك السعودي، أنفقت المملكة العربية السعودية ملايين الدولارات على حملة دعاية كبيرة مدفوعة الأجر في العاصمة البريطانية لندن، من أجل الترويج لزيارة ولي العهد محمد بن سلمان، رغم الغضب الواسع الذي سبقه إلى عاصمة الضباب، وتوالي تحليلات الصحف البريطانية السلبية بحقه، والتي وصفته بالفاشل والغادر والفاسد في كثير من تقاريرها في الفترات الأخيرة .

غادر بامتياز!

شاب لم يبلغ ريعان التصدر بقدر ما بلغ فورة الطيش، فهو من مواليد 1985، ولكنه سعى تحت تأثير الطمع إلى قبض يديه على مقاليد الأمور في المملكة السعودية التي باتت تشهد تحولات متناقضة في وقت قصير للغاية، حيث يجمع في قبضته العديد من التوصيفات منها: “ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي” ورئيس الديوان الملكي السعودي منذ تولي والده الحكم في يناير 2015 وحتى أبريل 2015.

غادر بامتياز، وتصدر غدره في وقعتين بارزتين؛ الأولى لها صدى عالمي، تطرقت إليها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن ليلة الغدر بابن عمه الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد في السعودية، حيث جمع العاهل السعودي كبار الأمراء والمسؤولين الأمنيين في قصر الصفا في مكة المكرمة، في آخر شهر رمضان، وتم استدراج الأمير محمد بن نايف، لمقابلة العاهل السعودي لكن تم توقيفه وأخذ هواتفه، وتم الضغط عليه كي يتخلى عن منصبه في ولاية العهد ووزارة الداخلية، ولكنه رفض في بداية الأمر، لكن مع مرور الوقت أصيب بالإرهاق، بسبب ما يعانيه من داء السكري والتعب المزمن الذي يعانيه من آثار عملية الاغتيال التي سبق وتعرض لها عام 2009، ثم أخذت البيعة بالإكراه لسلمان الابن، أما الوقعة الثانية، كانت بمثابة الصدمة للجميع، وتركزت في قرارات التوقيف بحق ما يقارب 49 شخصية بارزة في السعودية، بينهم أمراء ووزراء حاليون وسابقون بتهم تتعلق بالفساد، في خطوة يراها كثيرون لا تستهدف سوى التخلص من أي تهديد محتمل من قبل أطراف سياسية، ربما تعارض تولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان السلطة، والذي يقول كثيرون بحسب موقع بي بي سي عربي ، إنه بات قاب قوسين أو أدنى، وأن الخطوة الأخيرة بتوقيف هذا العدد الكبير من الأمراء والمسؤولين النافذين في البلاد، لا يمثل إلا مرحلة من مراحل إخلاء الساحة لولي العهد السعودي، لتولي سدة الحكم في البلاد، ولكي يصبح الملك القادم للسعودية دون منازع.

صديق للفشل!

الفشل صديق شخصي حميم للأمير الطائش، وهو ما أجمع عليه مراقبون بارزون، وهو ما أكدته الأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد بقولها إن محمد بن سلمان لم ينجح سياسيا واقتصاديا وفشل في حربه في اليمن وضد قطر وهو يقف اليوم وحيدا، فيما أكد الكاتب البريطاني، باتريك كوكبيرن، إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يُضعف بمشاريعه مكانة السعودية، وإذا كان فعلاً أكثر شخصية مؤثرة في الشرق الأوسط، فإن ذلك يأتي بسبب “فشله” في أكثر من مجال، وليس بسبب ما حققه من نجاحات، موضحا في مقال له نشر بصحيفة الإندبندنت البريطانية، أن “بن سلمان” يشبه الممثل الهزلي المفتّش “كلوزو”، وهو شخصية سينمائية هزلية تتصف بأنها بلا كفاءة.

واستعرض الكاتب البريطاني، باتريك كوكبيرن، جانبًا من فشل محمد بن سلمان في العديد من الملفّات الدولية، بقوله: إن “الأمير الشاب المندفع والمزاجي، ومع تولي والده الحكم عام 2015، سارع بدعم المعارضة السورية، وذلك قاد إلى تدخّل روسي أدى إلى منح بشار الأسد الانتصار، أما في اليمن فقد بدأ “بن سلمان” تدخّلًا عسكريًّا عماده القصف الجوي في محاولة منه لتقليص نفوذ إيران في هذا البلد من خلال قصف الحوثيين، إلا أن “عاصفة الحزم” التي أطلقها، وبعد عامين ونصف العام، ومقتل 10 آلاف مدني وتجويع قرابة 7 ملايين إنسان، لم تحقّق شيئا، مضيفًا أن “بن سلمان”، الذي ركّز في سياسته الخارجية على محاولة الوقوف بوجه النفوذ الإيراني وحلفائه الإقليميين، ما أسهم بشكل واضح في تقوية نفوذ إيران في المنطقة، بحسب المقال، “فعلى سبيل المثال قالت السعودية ومعها الإمارات، إن قطر على علاقة مع إيران، وإنها تدعم جماعات إسلامية مسلّحة، فقررت السعودية فرض حصار على قطر، فلم تجد قطر بدًّا من الاتجاه نحو إيران لتأمين مستلزماتها اليومية، فتحسّنت العلاقة بين الدوحة وطهران، كما أن سلوك السعودية بات “فاشلاً” وغير متوقّع وبلا نتيجة، فكما حصل مع رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، حيث أُجبر من الرياض على تقديم استقالته ولم يُسمح له بالمغادرة لولا تدخل فرنسا، “وهذا التحرّك غير المحسوب بهدف إضعاف حزب الله أدّى عمليًّا إلى تقوية موقف الحزب الذي تدعمه إيران” .

” محمد بن سلمان فشل في كل شيء” هكذا وصفت  صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تحليل نشرته، مؤخرا الأمير الطائش مؤكدة أن “

العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لديه مشكلة تتمثل في ابنه ولي العهد الأمير محمد”، حيث فشلت السعودية في خطتها لتغيير النظام في اليمن، وأدركت أنها لا تستطيع اتخاذ خطوات توقف نفوذ إيران وحزب الله في لبنان، حيث اعتقد ولي العهد السعودي أن استقالة سعد الحريري سوف تخلق استقطابا في الحكومة اللبنانية وفوضى سياسية، لكن كما حدث في اليمن، لم يمتلك السعوديون خطة لإنهاء اللعبة.

فاسد ومتناقض!

غارق في الفساد بصورة تفوق كل التوقعات، وهو ما تناولته كثير من الصحف والتقارير الدولية، منها ما سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الضوء عليه، حيث أشارت إلى مشتريات محمد بن سلمان والتي تحمل طابع” الأغلى في العالم، وكان آخرها شراء قصرًا، بمجموع مليار و300 مليون لـ 3 أشياء فقط (يخت، ولوحة، ومنزل)، وكشفت الصحيفة أن “بن سلمان” اشترى قصر لويس الرابع عشر في فرنسا بمبلغ 300 مليون دولار قبل عامين، إذ كان حينها أغلى منزل في العالم، وكان قبلها قد اشترى يختًا بقيمة نصف مليار دولار، ولوحة للرسام الإيطالي ليوناردو دافينشي بقيمة 450 مليون دولار، وكلاهما الأغلى في العالم، كما اقتنى الأمير محمد بن سلمان يختًا قيمته حوالي 550 مليون دولار، العام الماضي، خلال إجازة “بن سلمان” في جنوب فرنسا، لم تستغرق سوى ساعات، أخلى بعدها البائع اليخت في نفس اليوم، وأوضحت الصحيفة أن المشتري هو ذاته الذي يتبنى سياسة تقشف صارمة في بلاده، ونقلوا عن العضو السابق في المخابرات المركزية الأميركية بروس ريدل قوله: إن “الأمير محمد بن سلمان حاول أن يبني لنفسه صورة الإصلاحي المحارب للفساد، لكن تلك الوقائع تضرب تلك الصورة”.

الطائش

الطيش دفع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية للتهكم عليه في تقرير بعنوان: “بن سلمان استطاع توفير شيء لا يُقدَّر بثمن للسعوديين”، حيث تهكمت من الأوضاع في المملكة العربية السعودية، وما حدث فيها على مدار العام الماضي، بعد تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، وسردت كافة الأحداث على شكل فيلم سينمائي، وقالت الصحيفة البريطانية إنه بالإمكان تخيل حبكة الفيلم، والذي يقوم ببطولته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، 32 عامًا، والذي ظهر كالحاكم الفعلي للبلاد عام 2017، ويشارك في الفيلم جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط وزوج ابنته الكُبرى إيفانكا، والذي بات الصديق المُقرب الجديد للأمير السعودي، بالإضافة إلى زمرة من الأمراء السعوديين يقومون بأدوار أبناء العم المزعجين، بالإضافة إلى عدد من القادة الإيرانيين.

وتابعت الصحيفة سردها لقصة الفيلم قائلة: “سيكون هناك مجموعة من مشاهد الدمار في بلاد تُدعى سوريا واليمن، وهناك مجموعة من الرجال الشجعان الذين يقفون بجانب الأمير ضد الدعاة المتشددين السعوديين الذين يتوهمون أنهم الحكام الحقيقيون للمملكة، والأكثر إثارة هو تلك الحبكة البيزنطية التي تقوم على سرقة ثروات المملكة النفطية، ويرتكب هذه الجريمة مجموعة من الجناة محتجزون في سجن فاخر يُدعى ريتز، وعندما يشعر الأمير بالملل من أعمال الإصلاح في مملكته، وشن حرب أو هزيمة الأغنياء والمشاهير، سيذهب في إجازة إلى جنوب فرنسا، يقضيها في اليخت الخاص به، والذي يُقدر سعره بحوالي 500 مليون دولار، ويحمل اسم سيرين، أو قد يذهب لزيارة متحف، حيث يجد السلام بالتمعن في لوحة “سلفاتور دالي” للرسام ليوناردو دافينشي، والتي بلغ سعرها 450 مليون دولار، والتي اشتراها عبر وسيط”.