إذا كان المثل العربي الشهير “جزاؤه جزاء سنمار” يُضرب للدلالة على خدم الشر الذين يكونون أول من يطيح الفاسدون بهم، فإنه بات من الأليق الآن أن يغيّر هذا المثل ليكون “جزاؤه جزاء قرقاش” بعد الفضيحة التي خرج بها من منصبه وزير الدولة لشؤون وزارة الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، الذي كان طوال الأزمة رأس حربة الهجوم الإماراتي على قطر وتركيا.

 

ولطالما آمن العربي القديم بأهمية اختيار الحليف قبل المعركة، فقال إن الجار قبل الدار، إلا أن قرقاش فشل في اختيار معسكره الأصيل، وألقى بنفسه خادما لمستبد لا يحفظ “المعروف”، ولا يرد سابقة “الخير” إلا بكل إهانة وتشريد، وهو أقل ما يمكن أن يوصف به الخروج المخزي لقرقاش من قصر الحكم الإماراتي.

 

كارت محروق

فقد أطاحت المصالحة الخليجية “الهشة” التي أعادت العلاقات صوريا بين الدول المتخاصمة، بقرقاش، حيث أعلن محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، أنه تم إجراء تعديل وزاري في الخارجية الإماراتية بحضور محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي. 

 

وكتب بن راشد مغرداً أن التعديل ينص على انضمام شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان وخليفة شاهين المرر وزيري دولة للخارجية. وأضاف أن الوزارة يغادرها قرقاش للعمل مستشاراً دبلوماسياً لرئيس الدولة وزكي نسيبة للعمل مستشاراً ثقافياً لرئيس الدولة.

 

تاريخ أسود

قرقاش انضم إلى الحكومة الاتحادية عام 2006 وزيراً للدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، كما تم تعيينه عام 2008 وزيراً للدولة للشؤون الخارجية ووزيراً للدولة لشؤون المجلس الوطني. وفي شباط 2016 وضمن التشكيل الوزاري الجديد، تم تعيينه وزير دولة للشؤون الخارجية.

 

ويعرف عن قرقاش حضوره في تويتر مغرداً ومعلقاً على الأحداث، وكان رأس حربة في الهجوم الإماراتي على عدد من الدول ومنها قطر وتركيا. أما شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان الذي التحق بالخارجية فكان سفيراً لأبوظبي لدى الرياض منذ 2017.

Image result for قرقاش

فرحة عارمة

وأثار قرار حكومة الإمارات بإقالة قرقاش من منصبه بوزارة الدولة للشؤون الخارجية، جدلا بين النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وعبر وسم #قرقاش على موقع التدوينات المصغرة “تويتر” عقّب النشطاء على عبارة محمد بن راشد حول “التحولات الكبيرة في عملنا السياسي” التي أحدثها قرقاش.

 

وعدد النشطاء تلك “التحولات”، والتي من بينها “مشاركة قرقاش في تدمير اليمن وليبيا، والمشاركة في حصار قطر، والوقوف مع اليونان وقبرص ضد تركيا، وتأييد فرنسا رغم حملتها ضد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وموقفه السلبي من القضية الفلسطينية”. 

 

وأكد النشطاء أن قرقاش قد “انتهى دوره في السياسة الخارجية الإماراتية”، واصفين إياه بـ”كرت محترق”، ومؤكدين أنه وصل لمرحلة لا يمكن أن يستمر فيها في منصبه بسبب “قفزه وتلونه” من موقف إلى موقف مضاد. 

 

إصرار على “التطبيل”

أما قرقاش نفسه، فغرد على قرار خروجه من الحكومة الإماراتية قائلا: ‏أحمدالله وأشكره على نعمه الوافرة، وعلى فضله وتشريفه لي بفرصة خدمة وطني الإمارات، ومنحي ثقة قيادة وطني العزيز. وأضاف عبر صفحته على موقع التدوينات القصيرة تويتر قائلا: «نكبر بالإمارات وتكبر بعملنا وعطائنا مجتمعين نشأت وتربيت في بيت يؤمن في أنّ خدمة الوطن شرفٌ وواجب، وأحمده سبحانه تعالى على ذلك».

 

ولم ينفس قرقاش بالطبع أن يتقدّم بالشكر لجميع قيادات الإمارات قائلا: «أشكر قيادة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد والشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد ونائبي رئيس الوزراء على ثقتهم ودعمهم، ولأخي وصديقي الشيخ عبدالله بن زايد على دعمه وتوجيهه، وكل التقدير لدبلوماسيينا الذين يشرفوننا بعملهم وإخلاصهم». وختم تغريداته قائلا: نبقى للوطن جنودًا نخدمه من كل موقع.

 

قطر لم تعد “الإرهابية” 

وأثارت تعليقات قرقاش على بيان قمة العلا الذي اُعتبر نهاية للحصار المفروض على قطر، سخرية رواد التواصل، حيث صرح قرقاش، أن هناك صفحة جديدة يملأها الأمل، تفتحها دول الخليج العربي بالمنطقة.

 

ونشر تغريدة عبر حسابه بتويتر قال فيها:”من الكويت إلى مسقط مرورا بالرياض والمنامة والدوحة وأبوظبي، نفتح صفحة جديدة مليئة بالأمل والتفاؤل”. وتابع: “نصبو إلى خليج عربي مستقر ومزدهر، وننظر إلى المستقبل بكل ثقة وبإرادة صلبة وعزيمة واثقة. هذا هو شعورنا في الإمارات”.

Image result for عبدالله بن زايد

الكذبة الأخيرة

كما استذكر رواد التواصل كذبات قرقاش المتكررة والتي كان أبرزها وآخرها زعمه أن دولة الإمارات أنهت تدخلها العسكرى فى أكتوبر من العام الماضى. وكتب قرقاش، عبر حسابه بموقع تويتر:” أنهت الإمارات تدخلها العسكري في اليمن في أكتوبر من العام الماضي، حرصًا منها على انتهاء الحرب، ودعمت الإمارات جهود الأمم المتحدة ومبادرات السلام المتعددة،وظلت دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أكبر مقدمي المساعدات الإنسانية للشعب اليمني”.

 

وكيل وزارة الإعلام بالحكومة اليمنية محمد قيزان، فضح كذبة قرقاش سريعا، ونشر تغريدة ، عبر “تويتر” نفى فيها إنهاء الإمارات تواجدها العسكري في بلاده، مطالبا أبو ظبي بـ”وقف تسليح المليشيات في الجنوب”. وقال إن “العالم قرية صغيرة بفضل وسائل الإعلام والجميع يعرف أنكم (في إشارة للإمارات) مازلتم في ‎اليمن”. وأضاف: “اسحبوا جنودكم من ‎سقطرى، ‎وبلحاف، ‎وميون، وأوقفوا تسليح المليشيات”.

 

ولحفظ ماء الوجه، أعاد محمد بن زايد تسمية «أكاديمية الإمارات الدبلوماسية» إلى «أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، تقديراً لدور قرقاش و”عطاءاته المخلصة”، خلال السنوات الماضية، والتي يعرفها القاصي والداني، تغذية القطيعة والنفخ في كير الخصام.

اقرأ المزيد: لهذه الأسباب لا يمثل تطبيع “الانتقالي الجنوبي” مع إسرائيل مفاجأة