قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن اللواء المتقاعد خليفة حفتر أقام إمبراطورية اقتصادية في شرق ليبيا تقوم على تهريب البشر والنفط وتصدير الخردة، مشككة في صحة ادعائه أمام الغرب أنه صمام أمان أمام الهجرة غير النظامية.

وبحسب الصحيفة فقد تطورت الأمور بمنطقة شرق ليبيا دون أن يلاحظها أحد، لأنها لا تقع تحت الإشراف الدولي مثل المنطقة الغربية حيث تقع العاصمة طرابلس، مؤكدة أن مليشيات حفتر قامت تحت قيادته بوضع إستراتيجية “متوحشة” للوصول إلى مصادر جديدة للدخل، وفق تقرير أواخر يونيو عن مركز نوريا للأبحاث.

وقالت لوموند إن جيش حفتر يعاني بسبب وجود البنك المركزي وشركة النفط التي تدير عائدات استغلال النفط والغاز، تحت سلطة حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وبسبب فشل محاولاته استنساخ المركزي وشركة النفط في مناطق سيطرته.

ومقابل حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، فإن السلطات المنافسة شرقا في بنغازي التي يعتمد عليها جيش حفتر تعاني من خلل واضح.

ومع أن تلك السلطات قامت بإنشاء مؤسساتها الاقتصادية والمالية الخاصة (بنك مركزي ومركز مواز لشركة النفط الوطنية) فإن عدم اعتراف المجتمع الدولي بتلك المؤسسات جعل محاولة الازدواجية تلك غير مجدية، خاصة أن المجتمع الدولي ظل يعترف فقط بالمؤسسات التي تسيطر عليها طرابلس.

وقالت لوموند إن قوات حفتر تمارس شكلا من أشكال الإشراف على الهجرة غير النظامية، مشيرة إلى أن تورط اللواء المتقاعد بهذا النوع من الشبكات أمر لم يكن متوقعا بالنظر إلى السمعة التي اكتسبها في بعض العواصم الأوروبية، ولا سيما باريس التي ترى فيه حصنا ضد خطر الهجرة.

والمفارقة الغريبة في ليبيا – كما تقول لوموند – أن جيش حفتر يسيطر على معظم حقول النفط ومحطات التصدير ولا سيما الهلال النفطي المتاخم لخليج سرت، لكنه لم يتمكن من إيقاف السيطرة على عائدات النفط من شركة النفط الوطنية والمركزي والتي تسيطر عليها طرابلس.

ويعود ذلك – حسب الصحيفة – إلى أن المجتمع الدولي كان حاسما بشأن الحفاظ على “نزاهة المؤسسات المالية” في ليبيا، وهو موقف مبدئي كان يعمل بحكم الواقع لصالح الحكومة التي تأسست في طرابلس.

وفي السياق المعاكس، قامت قوات حفتر بتحويل عاصمتها العسكرية تدريجيا إلى عاصمة اقتصادية، خاصة بعد “تحرير” بنغازي صيف عام 2017، بفضل دعم الرعاة الإقليميين كمصر والإمارات والسعودية تحت ذريعة “الحرب على الإرهاب”.

وأظهرت دراسة مركز “ناعورة” أن من خطط النهوض باقتصاد تلك القوات كان اللجنة العسكرية للاستثمار والأشغال العامة، المسماة اختصارا “اللجنة العسكرية” وهي المظلة التي بموجبها نظمت قوات حفتر بالتدريج الاقتصاد المحلي في المنطقة الشرقية، مستخدمة في ذلك الضغط على النظام المصرفي الخاص لاستخراج قروض نتجت عنها “ديون خطيرة” وفقا لتقرير نوريا الذي يرى في ذلك أحد أسباب الهجوم على طرابلس.