على مايبدو أن محافظة “مسندم” مازالت تشعل الصراع المكتوم بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، وهو ما كشفه تصرف وزير خارجية أبوظبي “عبدالله بن زايد”، خلال الاحتفالية التي أقامتها  السفارة العُمانية.

وغادر “عبدالله بن زايد” حفل السفارة العُمانية الذي أقامته في مدينة أبوظبي بمناسبة العيد الوطني الـ 48 بشكل مفاجئ، وذلك بسبب أغنية وطنية عمانية ذُكر فيها اسم محافظة “مسندم” المختلف عليها بين الدولتين.

الخروج المفاجئ لـ”ابن زايد” مع خلع العباءة والبعيد عن البروتوكول، الذي أثار جدلا واسعا دفع سفارة سلطنة عمان في أبوظبي، لنشر توضيح عبر حسابها بـ”تويتر”.

وقالت السفارة: “تود السفارة التأكيد أن سمو الشيخ عبدالله بن زايد قد أبلغ السفير بأن لديه التزام عمل، واعتذر عن عدم تمكنه من مواصلة بقية فقرات الاحتفال، وأصر على عدم قيام السفير لتوديعه، وخرج بسرعة؛ حرصا على استمرار الحضور في متابعة بقيّة الفقرات”.

 

وعلى الفور دشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وسم تحت اسم #من_ظفار_إلى_مسندم، حيث أكدوا أن خروج “ابن زايد” لم يكن مخطط له مسبقا وجاء كرد فعل على النشيد العماني.

 

التاريخ يشهد

بعيدا عن تفسيرات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، والتوضيح الدبلوماسي للسفارة العمانية، فالتاريخ يؤكد صحة مطامع دولة الإمارات في محافظة “مسندم” العمانية.

وشهد العام الحالي محاولات كثيرة من قبل الإمارات تعمد للسيطرة على المحافظة العمانية؛ كان أخرها عرض شركة إماراتية إعلانًا ترويجيًّا لها في مارس الماضي، وضعت خلاله خريطة تضم محافظة “مسندم” العمانية إلى الحدود الإماراتية.

والفيديو الترويجي الذي تعمد ضم “مسندم” للإمارات، أشعل موجة غضب لدى المغردين العمانيين، الذين أكدوا أن الهدف هو شن حرب على عمان، مما دفع الشركة للاعتذار.

وسبق هذا العرض نشر متحف “اللوفر” في مدينة أبوظبي، خريطة مشوهة، استقطعت محافظة كاملة من السلطنة العمانية، وأتبعتها للإمارات؛ حيث تبدو في الخريطة محافظة “مسندم” الواقعة شمالي عُمان جزءًا تابعًا لدولة الإمارات المتحدة.

لماذا مسندم؟

تعتبر “مسندم” نقطة الخلاف الأحدث بين الإمارات وعمان، ولكنها ليست الوحيدة بينهما، فالعلاقات بين الطرفين لم تكن على خير ما يرام، منذ يناير عام 2011، و ذلك عندما اكتشفت السلطات العمانية شبكة من الجواسيس تعمل لصالح الإمارات، وذكرت حينها أن الشبكة كانت تتجسس على الحكومة والجيش العماني.

وتأتي أهمية محافظة “مسندم” لدى الإمارات لموقعها الإستراتيجي على مضيق هرمز؛ كونه يقع على رأس أحد أهم خطوط الملاحة البحرية في العالم.

ويأتي ذلك ضمن المشروع السياسي التي أطلقه الإمارات وتسعى  من خلاله للسيطرة على الموانئ المطلة على البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

والناظر إلى خريطة الملاحة والموانئ في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، سيلاحظ امتدادًا إماراتيّا توزع ما بين اليمن والقرن الإفريقي ومصر على استحياء، بعيدًا عن مناطق نفوذ السعودية التي تركت لها الإمارات “قيادة” الخليج والعالم الإسلامي، لتخلق لنفسها دورًا أشد أهمية وتأثيرًا خارج محيطها الإقليمي الخليجي المليء بالنزاعات ومحاولات السيطرة.