جلال إدريس

مع حلول الذكرى الخامسة للانقلاب العسكري، الذي قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي في الثالث من يوليو 2013، ضد الدكتور “محمد مرسي- أول رئيس مدني منتخب في مصر”- تتوجه الأنظار إلى قيادات المجلس العسكري الذين شاركوا السيسي انقلابه على السلطة، ليتبين أن السيسي قام خلال 5 سنوات من انقلابه بتغيير كل قيادات المجلس العسكري، وإقالتهم من مناصبهم.

ووفقًا لمراقبين، فقد عرف السيسي طريقه للانقلاب على كل من ينافسه في الحكم مبكرًا، بعد بالإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، ليصبح بعد 5 سنوات وحيدًا متفردًا بالسلطة، لا ينازعه فيها أحد.

“صدقي صبحي” وزير الدفاع السابق، كان آخر العسكريين الذين تخلص منهم السيسي، ليكمل بذلك منظومة السيطرة على كل مقدرات الدولة، سواء كانت العسكرية أو الشرطية أو القضائية أو الإعلامية.

“العدسة” ومن خلال التقرير التالي تلقي الضوء على أبرز القيادات العسكرية التي تخلّص منها السيسي على مدار الأعوام الخمس الأولى من عمر الانقلاب العسكري:

التخلص من مجلس طنطاوي أولًا

خطة السيسي في السيطرة على المؤسسة العسكرية، بدأت فيما يبدو، مبكرًا؛ حيث حاول منذ اليوم الذي عُيِّن فيه وزيرًا للدفاع أن يتخلص من كل قيادات المجلس العسكري الذي كان عضوًا فيه أثناء اندلاع ثورة يناير، والذي عرف اصطلاحًا بمجلس طنطاوي في إشارة لوزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي.

وكان المجلس العسكري بقيادة “المشير طنطاوي” هو من يدير مقاليد الحكم في مصر عقب ثورة يناير، إلى حين تسلم السلطة الدكتور محمد مرسي، حيث كان هذا المجلس يتكون من 22 عضوًا.

صورة ذات صلة

 

وخلال عامي 2012 و2013 نجح السيسي في تفتيته بصورة غير مفهومة؛ حيث تمَّت إقالة البعض ودفع آخرين إلى تقديم استقالتهم، ونقل بعضهم إلى مناصب مدنية، وترقية آخرين إلى تولّي قيادات وأفرع القوات المسلحة، ولم يتبقَّ من هذا المجلس أحد على الإطلاق، بعد أن تخلص منه السيسي على مدار أربع سنوات من الإحلال والتجديد.

ووصل تفتيت المجلس العسكري للمشير محمد حسين طنطاوي الذي أصبح ظلًّا للسيسي، في حين تمّ حبس الفريق سامي عنان بعد عزمه على الترشح أمام السيسي خلال مسرحية انتخابات 2018.

أما الفريق مهاب مميش، فقد كُلِّف برئاسة هيئة قناة السويس البحرية بقرار جمهوري، بينما الفريق عبد العزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوي وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة إبان ثورة يناير، تمت إحالته للتقاعد في أغسطس 2012، أما اللواء أركان حرب حسن الرويني قائد المنطقة المركزية العسكرية، فقد عُيِّن مساعدًا لوزير الدفاع في 11 من يوليو 2012، ثم قدّم استقالته من عضوية المجلس العسكري نهاية العام نفسه.

أما اللواء مهندس طاهر عبد الله، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة إبان الثورة، فقد رُقّي إلى منصب مساعد وزير الدفاع في يوليو 2014 في خطوة وصفها الكثيرون بأنّها إبعاد عن منصبه، خاصة بعد إعلان القوات المسلحة تأجيل العلاج بجهاز فيروس “سي” 6 أشهر، والذي تمّ الإعلان عنه من قِبل الهيئة الهندسية.

ثم جاء دور اللواء الملقب بـ”بطل التسريبات” ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري إبان ثورة يناير، وعضو اللجنة التأسيسية ولجنة الخمسين لإعداد وتعديل الدستور، فقد تمَّت ترقيته إلى منصب مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية والدستورية.

كذلك اللواء طارق مهدي، مساعد وزير الدفاع وعضو المجلس العسكري إبان ثورة يناير، كُلف من قِبل المجلس بالإشراف على اتحاد الإذاعة والتلفزيون في 26 من فبراير 2011، ثم عُين محافظًا للإسكندرية في 2013، إلى أن تمت الإطاحة به بعد أزمة الصرف الصحي التي ضربت الإسكندرية مع موجة الطقس السيئ، ولا يعلم أحد أين هو الآن.

كما غاب عن المشهد الكثير من الأسماء التي كان لها دور بارز في مرحلة ما بعد 25 يناير، ومنهم اللواء محمد عبد النبي، واللواء محمد فريد حجازي، واللواء محسن الفنجري، واللواء إسماعيل عتمان، واللواء مختار الملا، واللواء عادل عمارة، واللواء محمد عطية.

أما من تبقى من هذا المجلس فقد تخلص منه السيسي عقب وصوله لكرسي الحكم؛ حيث تمهَّل في إقالة البعض وتعجَّل في إقالة الآخرين، على النحو الآتي:

إقالات 2014.. بدأها بـ”وصفي”

في عام 2014 بدأ السيسي خطته المركَّزة للتخلص من المجلس العسكري الذي خطط معه لحظة الانقلاب على مرسي، ليستريح قلب السيسي؛ فالآن لا أحد من القادة العسكريين له فضل عليه في شيء.

وفي هذا الإطار وضع السيسي خطة محكمة نفذها على مدار 5 سنوات تخلص فيها تمامًا من كل قيادات المجلس العسكري؛ حيث بدأ الخطة بإقالة اللواء أحمد وصفي، قائد الجيش الثاني الميداني السابق، وذلك في مارس 2014.

وجاءت إقالة “وصفي” بسبب جملته الشهيرة «لو ترشح السيسي للرئاسة.. قولوا على 3 يوليو انقلاب»، وهي التي تسبَّبت في غضب شديد منه داخل القوات المسلحة.

نتيجة بحث الصور عن أحمد وصفي

أحمد وصفي

 

وفي 30 يونيو 2014، قام السيسي بإقالة رئيس الهيئة الهندسية اللواء طاهر عبد الله طه، وتعيينه مساعدًا لوزير الدفاع، وإقالة قائد المنطقة الشمالية العسكرية اللواء سعيد محمد عباس، وتعيينه مديرًا لسلاح المشاة.

كما قام في العام نفسه بإقالة المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد أحمد علي، وتعيينه سكرتيرًا للمعلومات برئاسة الجمهورية، ثم ملحقًا عسكريًّا بإحدى السفارات الأجنبية.

إقالات 2015.. بدأها بـ”عسكر”

في 31 يناير 2015، أقدم السيسي على ترقية قائد الجيش الثالث اللواء أركان حرب أسامة عسكر إلى رتبة فريق، وتعيينه بوظيفة مستحدثة، وهي قائد منطقة شرق القناة، ليحلَّ محله اللواء أركان حرب محمد عبد اللاه، وهو ما اعتُبِر آنذاك بمثابة إقالة مقنعة لـ”عسكر” من منصبه.

وفي أبريل 2015، أقدم السيسي على إقالة قائد القوات البحرية الفريق أسامة الجندي، وتعيينه نائبًا لرئيس هيئة قناة السويس؛ حيث حلَّ محله اللواء أركان حرب (الفريق لاحقًا) أسامة منير ربيع.

وفي الشهر ذاته قام السيسي بإقالة مدير المخابرات الحربية اللواء صلاح البدري، وتعيينه مساعدًا لوزير الدفاع، ليحلَّ اللواء محمد الشحات قائد الجيش الثاني محله في إدارة المخابرات الحربية، وتولى اللواء أركان حرب ناصر العاصي قيادة الجيش الثاني خلفًا للشحات.

نتيجة بحث الصور عن أسامة عسكر

أسامة عسكر

 

وفي 10 يونيو 2015،  قام السيسي بإقالة رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة اللواء محسن الشاذلي، وإقالة رئيس هيئة التنظيم والإدارة اللواء أحمد أبو الدهب، وتعيينه مساعدًا لوزير الدفاع، وإقالة قائد المنطقة الغربية العسكرية اللواء محمد المصري، وتعيينه رئيسًا لهيئة التنظيم والإدارة.

وفي 19 سبتمبر 2015، تم إقالة رئيس هيئة التسليح للقوات المسلحة اللواء محمد العصار، وتعيينه وزيرًا للإنتاج الحربي.

إقالات 2016

يعد عام 2016 من أكثر الأعوام التي أقدم فيها السيسي على تغييرات كبيرة وإقالات في صفوف الجيش، ويمكن القول إنه عام السيطرة الحقيقية على مقاليد المؤسسة العسكرية بالنسبة للسيسي.

ففي 6 سبتمبر 2016، أقدم السيسي على إقالة رئيس هيئة الإمداد والتموين في القوات المسلحة اللواء محمد علي الشيخ، وتعيينه وزيرًا للتموين، ليتم إقالته في عام 2017 من منصبه.

وفي 17 ديسمبر 2016،  أقدم السيسي على إقالة قائد القوات البحرية الفريق أسامة منير ربيع، وتعيينه نائبًا لرئيس هيئة قناة السويس، وتكليف الفريق أحمد خالد حسن خلفًا له.

نتيجة بحث الصور عن السيسي

 

كما أقدم السيسي على إقالة قائد الدفاع الجوي الفريق عبد المنعم التراس، وتعيينه مستشارًا عسكريًا للرئيس، وتكليف الفريق علي فهمي بدلًا منه.

وفي القرار ذاته قام السيسي بإقالة قائد المنطقة الشمالية العسكرية اللواء محمد الزملوط، وتكليف اللواء محمد لطفي بقيادة المنطقة خلفًا له.

وفي ديسمبر 2016، قام السيسي بإقالة رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة اللواء توحيد توفيق، وتكليف اللواء وحيد عزت خلفًا له، وإعفاء اللواء أركان حرب محمد عبد اللاه من قيادة الجيش الثالث الميداني ليتولى قيادة منطقة شرق القناة، ويحلّ محله اللواء أركان حرب محمد رأفت الدش.

إقالات 2017.. تخلص من صهره

وفي عام 2017، واصل السيسي إقالاته العسكرية في صفوف الجيش، ووسّع تلك الإقالات لتطال صهره والرجل القريب منه في المؤسسة العسكري محمود حجازي.

ففي مايو 2017  قام السيسي بإقالة اللواء أركان حرب ناصر عاصي من قيادة الجيش الثاني، وقام بتعيينه رئيسًا لهيئة التدريب، وكلَّف اللواء أركان حرب خالد مجاور بقيادة الجيش الثاني خلفًا له.

نتيجة بحث الصور عن محمود حجازي

محمود حجازي

 

وفي 28 أكتوبر 2017، قام بإقالة الفريق محمود حجازي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وتعيينه مستشارًا للرئيس وتكليف الفريق محمد فريد حجازي بدلًا منه.

عام 2018.. وداعًا صدقي صبحي

كل ما سبق من إقالات عسكرية في عهد السيسي كان أمرًا متوقعَ الحدوث، لكن أن يقدم السيسي على إقالة الفريق صدقي صبحي، شريكه في انقلاب يوليو ووزير دفاعه طيلة 5 سنوات، فإنَّ ذلك كان أمرًا مفاجئًا وصادمًا.

وفي شهر يونيو 2018، أقدم السيسي على إقالة “صدقي صبحي” في إطار تغيير وزاري، استبدل السيسي برئيس حكومته شريف إسماعيل رئيسَ حكومة آخر هو مصطفى مدبولي.

وبموجب التغيير الوزاري الجديد عين قائد الحرس الجمهوري الفريق محمد زكي وزيرًا للدفاع والإنتاج الحربي خلفًا للفريق صبحي، وهو الذي كان يشغل رئيس الحرس الجمهوري وقت عزل مرسي، وكان أيضًا الشاهد الرئيسي في قضية التخابر التي يحاكم فيها الرئيس مرسي.

ونظر مراقبون إلى صبحي باعتباره ثاني أقوى رجل في نظام السيسي؛ إذ ظلّ هناك اعتقاد على نطاق واسع بأنه كان محصنًا دستوريًا من العزل، فضلًا عن ظهور السيسي وصبحي في مختلف المناسبات كشريكين في السلطة.

نتيجة بحث الصور عن صدقي صبحي

صدقي صبحي

 

لكن نظرة ذات مغزى صدرت من السيسي تجاه صبحي، وكان جالسًا إلى جواره في إحدى المناسبات قبل شهور، كشفت عن عدم ارتياح السيسي لصبحي الذي سعى إلى طمأنته بالتصفيق والتصديق على كلام السيسي الذي كان يقول بلهجة تحذير وهو ينظر لصبحي: “ناس لا تعرف معنى للدولة، وعايزه تتصدى وتتكلم، أنا بقالي خمسين سنة باتعلم يعني إيه دولة”. وفسّر مراقبون حينها كلام السيسي بأنه موجَّه إلى صدقي.

وفي ديسمبر الماضي استهدف صاروخٌ طائرة وزير الدفاع بمطار العريش في سيناء شرقًا، وكان برفقته وزير الداخلية مجدي عبدالغفار الذي تمّ عزله أيضًا في التغيير الوزاري الأخير، وظهر التأثر الشديد على وجه صدقي صبحي وأمارات عدم استيعاب كيفية وقوع هذا الاستهداف.