إبراهيم سمعان

النسخة الحادية والعشرين من كأس العالم لكرة القدم.. حدث رياضي حقق نجاحًا كبيرًا من جميع النواحي بالنسبة لروسيا التي استضافت البطولة، وكذلك لرئيسها فلاديمير بوتين.

كان هذا ملخص تقرير نشرته قناة “bfmtv” الفرنسية عن مونديال روسيا، وكيف استطاع ساكن الكرملين، أن يكون لاعبًا رئيسيًا في البطولة ويجني أفضل ثمار هذا النجاح.

وقالت القناة: انتهت بطولة كأس العالم، فعلى مدار شهر كانت روسيا، التي استضافت الحدث الرياضي الدولي، تحت أنظار العالم، ورغم العديد من المخاوف التي أحاطت بالمنافسة، وأولها الشغب، لكن من الواضح أنَّ موسكو نجحت؛ حيث لم تقع أية حوادث كبرى، في ظل وجود أكثر من 600 ألف زائر.

وأضافت: الرئيس بوتين خرج منتصرًا إلى حد كبير من هذا الحدث، الذي كان بالنسبة له منذ بادئ الأمر هدفًا سياسيًا في المقام الأول قبل أن يكون رياضيًا.

وأوضحت أنه من عِدّة نواحٍ ربح الرئيس الروسي الرهان إلى حد كبير؛ فلم تكن هناك أية حوادث على هامش المباريات، في حين كان العنف المرتبط في هذه النسخة الروسية متوقعًا بكثرة، مشيرة إلى أنَّ بطولة يورو 2016 في فرنسا تميّزت بصور المشجعين الروس وهم يهاجمون الإنجليز في ميناء مرسيليا القديم.

وأكّدت أنه قبل انطلاق المسابقة، شرعت السلطات الروسية في إحصاء العناصر الأكثر تطرفًا؛ حيث تم تحذير معظمهم بوضوح شديد من قبل الشرطة وأجهزة المخابرات من ارتكاب أي سلوك غير لائق خلال كأس العالم.

كما اعتقل بعضهم بشكل استباقي أو وُضِعوا قيد الإقامة الجبرية، لقد كانت هذه التقنية الرادعة فعّالة أيضًا ضد العنصرية في الملاعب؛ حيث لم يتعرض أي لاعب للإهانة العنصرية أثناء المباريات، أمّا بالنسبة للإرهاب، الذي كان أحد المخاوف الكبرى للسلطات الروسية، فلم يستطع كذلك تشويه الحدث الرياضي.. تكتب القناة الفرنسية.

 

Image result for ‫روسيا‬‎

روسيا

 

وقال جان باتيست جيجان، الخبير في الجغرافيا السياسية الرياضية، للقناة الفرنسية: “كأس العالم كان رهانًا ناجحًا لفلاديمير بوتين من ناحية التنظيم؛ حيث نَجَت البطولة من جميع التهديدات”.

وأضاف: “كان أيضًا هناك رهان على السياحة والاقتصاد؛ لأنَّ المشجعين الأجانب والفرق حظوا باستقبال جيد جدًا، فأعطت بطولة كأس العالم هذه صورةً مغايرةً عن روسيا، بعيدًا عن الصورة النمطية للعدوانية والفتور الذي يُنسب إليها بشكل عام”.

لدرجة أنَّ رئيس “فيفا” جياني إنفانتينو قال خلال زيارة إلى الكرملين الأسبوع الماضي: “لقد وقعنا جميعًا في حُبّ روسيا، اكتشفنا دولة لم نعرفها”. وهكذا تم تنفيذ عملية الإغراء، الهدف الرئيسي الآخر لفلاديمير بوتين.

وأكّدت القناة أن نسخة 2018 من المونديال، الذي يعدّ أهم وأكبر منافسات الساحرة المستديرة، أثبتت أنها جيوسياسية للغاية، ومرة أخرى، سجل فلاديمير بوتين خلالها العديد من النقاط.

في الواقع، أثبتت المنافسة أنها مُفِيدة لصورة روسيا في الخارج، “رأينا فلاديمير بوتين مبتسمًا مساء يوم الأحد في الملعب إلى جانب إيمانويل ماكرون، والرئيسة الكرواتية كوليندا جرابار- كيتاروفيتش”. يوضّح جان باتيست جيجان، لافتًا إلى أنه كان أيضًا “في غرفة الملابس المنتخب الفرنسي بعد الفوز، وجنبًا إلى جنب مع نظرائه. هذه الصور لم تنشرها” وسائل الإعلام.

بالإضافة إلى ذلك، تمَّت دعوة العديد من قادة العالم لمتابعة المباريات مع بوتين من المدرجات؛ حيث حضر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المباراة الافتتاحية، بينما كان إيمانويل ماكرون أيضًا مع الرئيس الروسي ليل الأحد في المباراة النهائية.

وقالت القناة يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التأثيرات الإيجابية لكأس العالم ستفيد روسيا ورئيسها على المدى البعيد، ويؤكد الخبير الرياضي: “بالنسبة لروسيا، نعم حدث ذلك، لقد تخلصت البلاد الآن من صورة الحرب الباردة التي تمسّكت بجلدها، وسيبقى هذا الجانب العصري والترحيبي راسخًا” في أذهان الكثيرين.

وتابع: “لكن بالنسبة لفلاديمير بوتين فالتأثير أقل؛ فإنه وإن كانت صورته مثالية خلال كأس العالم، إلا أن أحدًا لن ينسى أنه زعيم سلطوي”؛ فقبل ثلاثة أسابيع فقط من نهاية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي فبراير 2014، اتخذ الرئيس الروسي قرارًا بضمّ شبه جزيرة القرم، الأمر الذي مهَّد الطريق لأول عقوبات اقتصادية، وبداية الأزمة مع الدول الغربية.

وفي النهاية أشارت القناة الفرنسية، إلى أن بوتين قد يُواجه تحديًا آخر، يأتي هذه المرة من الداخل؛ فخلال كأس العالم استطاع الروس فعل ما هو ممنوع عادة؛ “التجمع في الشوارع”، الأمر الذي من الممكن أن يشجّعهم على المطالبة بمزيد من الحريات.

وبيّنت أنه مع نهاية المنافسة، بدا هذا النقاش بالفعل “الحرية انتهت، أهلًا وسهلًا بك في روسيا الحقيقية”، كما كتب أحد المغردين على تويتر، مع صورة لمنطقة مهجورة ترمز إلى نهاية المونديال.