العدسة – ربى الطاهر

حملة نشطة جدًّا على مواقع التواصل الاجتماعي، يقودها بنات ونساء سعوديات وناشطات حقوقيات، منذ أكثر من 700 يوم، تحمل اسم “سعوديات نطلب نزع الولاية” تدعو لنزع ولاية الرجل على المرأة السعودية، وإلغاء هذا النظام المجحف بالكامل، حسب قولهن.

فالمملكة العربية تعتمد على نظام ولاية الرجل على المرأة؛ حيث لا يمكن للمرأة العمل أو السفر أو الالتحاق بالدراسة أو حتى استئجار شقة أو إجراء أي من المعاملات أو الحصول على أية خدمات بدون حضور وموافقة الولي، وهو أي رجل من عائلتها الأب أو الزوج أو الأخ أو حتى الابن، المهم أن يكون رجلًا.

قاصرات إلى الأبد!

وقد عانت السعوديات أشد المعاناة من هذا النظام المجحف الذي يجعل مصير المرأة بالكامل مرهونًا بموافقة وإرادة الرجل.

وعبرت عن تلك المعاناة الناشطة الحقوقية السعودية سحر حسن نصيف، وقالت إنَّ أمنيتها أن تنتصر المرأة السعودية وتنتزع حقوقها، وتتخلص من أعباء ما يسمى بنظام الولاية، الذي يُخْضِع المرأة ومصيرها بالكامل لسيطرة رجل ربما يكون مريضًا نفسيًّا أو يتلذذ بالسيطرة على المرأة والتحكم فيها وإذلالها.

وأضافت “نصيف” في تغريدات لها عبر حسابها الشخصي “تويتر”، أنّ المرأة لا يسمح لها بالعمل أو التوظف في أية جهة أو الدراسة أو السفر أو ممارسة أي نشاط أو أي حق لها بدون موافقة ما يسمى بوَلِيّ أمرها، طبقًا للقوانين السعودية، وأن النساء يعانين أشد المعاناة من ابتزاز الكثير من الأولياء؛ حيث وصل الأمر باشتراط بعضهم حصوله على نصف راتب المرأة مقابل موافقته على عملها، وأكدت “نصيف” أنَّ إسقاط الولاية قادم لا محالة.

ويعتبر نظام الولاية عقبة كبيرة تمنع المرأة السعودية من ممارسة حياتها، وتعامل على أنها إنسان ناقص وغير كامل الأهلية.

وقد عبر تقرير لمنظمة “هيومان رايتس مان” في عام 2008، عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، وخاصة بالنسبة للمرأة في ظل تطبيق قانون الولاية، والذي يمنعها من حق العمل والزواج والدراسة والسفر ومن كل حقوقها بدون موافقة ولي أمرها.

وقد أشعل هذا التقرير الذي حمل عنوان “قاصرات إلى الأبد” الشارع السعودي؛ إذ لا يعتبر القانون السعودي المرأة السعودية إنسانًا كامل الأهلية يمكنه مباشرة حقوقه ومعاملاته، ويشترط وجود الولي.

ومع انطلاق ثورات الربيع العربي تعالت صيحات السعوديات مطالبات بحقوقهن في إسقاط الولاية، وقيادة السيارات.

وفي عام 2016، انتشر هاشتاج (# سعوديات نطلب إسقاط الولاية #)، وأثر في المجتمع السعودي تأثيرًا كبيرًا، وبعد ظهور تأثير الهاشتاج أصدرت “هيومن رايتس مان” تقريرًا جديدًا تحت عنوان “كمن يعيش في صندوق”، ونتيجة لهذا الحراك المجتمعي أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز مرسومًا ملكيًّا نص على عدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها في حال تقديم الخدمات لها، ما لم يكن لها سند نظامي لهذا الطلب، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.

وقد عبّرت الناشطات السعوديات عن أنَّ هذا المرسوم أو الأمر الملكي لم يغيِّر من الواقع شيئًا؛ لأن كل المؤسسات والهيئات الحكومية تشترط موافقة الولي في كل ما يخص المرأة.

كما علقت الناشطة الحقوقية بالقطيف “نسيمة السادة” عن رغبتها في إلغاء نظام الولاية برُمّته، وليس التخفيف منه، فالواقع يؤكد تحكم الولاية في كامل مصير المرأة.

فحتى السجينة التي قضت فترة حبسها أو حصلت على البراءة لا يمكنها الخروج من السجن دون حضور الولي وموافقته على اصطحابها، وهو ما يعرِّضها للبقاء في السجن فترة أطول.

وهو ما دعا مُقرِّر الأمم المتحدة المعني بالفقر “فيليب أليستون” أثناء زيارته للسعودية العام الماضي بمطالبة القيادة السعودية بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، وإصلاح نظام ولاية الرجل على المرأة، وبالفعل حصلت المرأة السعودية على حق قيادة السيارة، وعبرت عن سعادتها بحصولها على هذا الحق.

ظلم الولاية

وبسبب ما تتعرض له المرأة السعودية من ظلم وتحكم وابتزاز من الأولياء، يتقدم الآلاف من الفتيات والنساء بطلبات للقضاة بإلغاء الولي المختص أو استبدال ولي آخر به أو بولاية القاضي.

وفي عام 2016 وقع الآلاف من الأشخاص عريضة يطالبون فيها بإلغاء هذا القانون، ويؤكّد الناشطون أنَّ الحكومة لم تعد تطلب موافقة الرجل كشرط لتوظيف المرأة، ولكن الكثير من الدوائر الحكومية ودوائر العمل ما زالت تشترط موافقة الولي.

تغيرات مرتقبة

وفي سياق متصل، أكّدت مسؤولة حكومية أن هناك تغيرات قريبة ستطرأ على قانون ولاية الرجل على المرأة، وأنَّ هناك مشروع قانون قادم بهذا الشأن.

وكشفت وكيل الهيئة العامة للرياضة والتطوير، في حوارها مع قناة “CNN” الأمريكية، أنَّ نقاشًا يجري في مجلس الشورى وفي أروقة الحكومة، حول قانون الولاية بشكل شبه يومي، متمنية أن تظهر تطورات إيجابية خلال فترة قريبة.