إبراهيم سمعان

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إنَّ انشقاق أمير إماراتي وفراره إلى قطر يوفِّر لمحة نادرة عن التوترات بين حكام دولة الإمارات، ويزيد من تعقيدات علاقتها بقطر.

وأوضحت الصحيفة أنَّ الأمير الشيخ راشد بن حمد الشرقي، 31 عامًا، هو الابن الثانِي لأمير الفجيرة، وهي إحدى أصغر وأقل الإمارات السبع في دولة الإمارات ثراءً، وحتى وقت قريب كان يدير العملية الإعلامية المؤيدة للحكومة في الفجيرة.

وتابعت: “في وقت مبكر من صباح 16 مايو، ظهر الشيخ راشد بشكل غير متوقع في مطار الدوحة، عاصمة قطر، طالبًا اللجوء”.

وأضافت: “أخبر الأمير الإماراتي المسؤولين القطريين أنه يخشى على حياته بسبب نزاع مع حكام أبو ظبي، الإمارة الغنية بالنفط التي تُهَيّمن على الدولة، وذلك بحسب تأكيد الشيخ راشد ومصدر قطري مقرَّب من العائلة الحاكمة”.

ولَفَتت إلى أن ممثلًا عن السفارة الإماراتية في واشنطن رفض التعليق، ولم يتسنَّ الوصول إلى حكام الفجيرة.

ومضت الصحيفة تقول: “يبدو أنَّ رحلة الشيخ راشد إلى الدوحة هي المرة الأولى منذ ما يقرب من 47 عامًا من تاريخ الإمارات، التي يقوم فيها أحد أفراد إحدى العائلات الملكية السبعة بانتقاد حكامها علنًا، حسب علماء المنطقة”.

وتابعت: “في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، اتهم الشيخ راشد الحكام الإماراتيين بالابتزاز وغسيل الأموال، رغم أنّه لم يقدِّم أي دليل يدعم ادعائه”.

وأردفت: “كما تحدث علنًا ​​عن التوترات بين الإمارات التي كانت تُناقش سابقًا همسًا، ولا سيما الاستياء من قيادة أبو ظبي للتدخل العسكري في اليمن”.

ونقلت عنه قوله: “لم يتشاور حكام أبو ظبي مع أمراء الإمارات الستة الأخرى قبل إرغام جنودهم على الحرب، التي تجاوزت3 سنوات، ضد فصيل متحالف مع إيران في اليمن، لكن الجنود من الإمارات الأصغر حجمًا، مثل الفجيرة، ملأوا الخطوط الأمامية وشكلوا معظم الوفيات في الحرب، التي قدرتها التقارير الإخبارية الإماراتية أكثر بقليل من 100”.

وتابع الشيخ راشد: “كانت هناك وفيات أكثر من أي مكان آخر”، متهمًا أبو ظبي بإخفاء عدد القتلى الكامل”.

وقال: إنه قرّر إجراء المقابلة على أمل أن يتسبب انتباه الرأي العام لقضيته في حماية عائلته في الفجيرة من ضغوط أبو ظبي، ويبدو أنّه يأمل في أن التهديد بمزيدٍ من الإفصاح قد يمنحه نفوذًا ضد أبو ظبي. وتابع: “أنا الأول في عائلة ملكية يخرج من الإمارات ويقول كل شيء عنهم”.

لكن وصوله إلى الدوحة أثار معضلة لقطر جزئيًا؛ بسبب عدم اليقين المحيط بنزاع الشيخ راشد مع أبو ظبي.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أنّ الإمارات والسعودية قادتا حملة لعزل قطر، وقطع جميع العلاقات الدبلوماسية والتجارية في محاولة للضغط على الدوحة، للالتزام بسياسة خارجية مشتركة والانضمام إلى قمعهما للإسلام السياسي.

وتابعت: “مما يزيد من الضغوط أنَّ أبو ظبي استضافت حفنة من أفراد العائلات المالكة القطرية المنفيّين، حيث وجهوا انتقاداتهم إلى الأمير الحالي، وقاموا بتشجيعهم كقادة بديلين”.

لكن قطر رفضت الاعتراف علانية بوجود الشيخ راشد. وأكّد القطري القريب من العائلة المالكة أن قطر سمحت للشيخ راشد بالبقاء، لكن المتحدث باسم الحكومة رفض طلبات متكررة للتعليق.

وفي المقابلة، اتهم الشيخ راشد أجهزة مخابرات أبو ظبي بابتزازه بالتهديد بإطلاق مقاطع فيديو محرجة ذات طابع شخصي. ووصف أشرطة الفيديو بأنها “ملفقة”، لكنه رفض الكشف عن محتوى المادة، مما زاد من احتمال أن يؤدي الفيديو إلى إحراج مضيفيه القطريين.

كما ادَّعى الشيخ رشيد أن أجهزة الاستخبارات ضغطت عليه لتحويل عشرات الملايين من الدولارات نيابة عنه إلى أشخاص لا يعرفهم في دول أخرى، وهو ما يبدو أنّه ينتهك القوانين الإماراتية والدولية ضد غسيل الأموال. وأوضح أنه نقل ما يصل إلى 70 مليون دولار إلى الأردن ولبنان والمغرب ومصر وسوريا، والهند، وأوكرانيا. ولم يتمكن من تقديم أدلة تدعم هذا الاتهام، قائلًا: إن فواتير هذه المعاملات لا تزال في الفجيرة.

ونقلت الصحيفة عن ديفيد روبرتس، الأستاذ في كينجز كوليدج- لندن والمتخصص في شؤون الخليج، قوله: “من النادر أن تقوم النخبة السياسية بعملية تسريب علنية في الإمارات”.