بعد أيام فقط من إلغاء حالة الطوارئ التي ظلت سارية المفعول في البلاد لأكثر من ثمان سنوات، أدخل مجلس النواب المصري تعديلات جديدة على عدد من القوانين القمعية التي سنها السيسي بعد توليه الحكم، لتكون هذه التعديلات بديلاً أشد قساوة وقمعاً من حالة الطوارئ التي كان يتم بها خنق الحريات والمعارضة.

وبحسب خبراء، تستعد مصر حالياً لتوسيع سلطات الأمن القومي للرئيس والجيش بتشريعات من شأنها تقوية يد الحكومة الاستبدادية في البلاد، كما لو أن رفع حالة الطوارئ التي طال أمدها كان إجراء شكلياً لا هدف منه سوى خداع الرأي العام العالمي بأن النظام يخفف من قبضته الأمنية.

وكان مجلس النواب المصري -يوم الأحد- قد وافق على تعديلات جديدة لقانون الإرهاب تمنح صلاحيات موسعة للأمن والرئيس، حيث تمنح التعديلات الرئيس سلطة اتخاذ “الإجراءات الضرورية للحفاظ على الأمن والنظام العام”، بما في ذلك فرض حظر التجول، من بين سلطات أخرى.

أثارت التغييرات تساؤلات حول ما إذا كانت مصر تتخذ بالفعل خطوات للانفتاح، كما كانت الحكومة حريصة على إظهار ذلك، مع تعرض سجلها في مجال حقوق الإنسان مرة أخرى للتدقيق من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، ما دفع الحكومة للإعلان مؤخراً عن إعادة تقييم بعض جوانب تعاملها مع السجناء السياسيين وقضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان، كما قرر السيسي عدم تجديد حالة الطوارئ التي استمرت سنوات عديدة، وانتهت الشهر الماضي.

منحت حالة الطوارئ الحكومة سلطات واسعة للمراقبة والاعتقال والرقابة وغيرها من التكتيكات باسم مكافحة الإرهاب، بما في ذلك القدرة على قمع الاحتجاجات واحتجاز المعارضين والسيطرة على الحياة اليومية للمصريين، وقد كانت هذه القواعد، بشكل أو بآخر، سارية خلال معظم السنوات الأربعين الماضية، منذ تولي مبارك الحكم في البلاد قبل إسقاطه في ثورة 2011.

في حين رحب بعض المدافعين عن حقوق الإنسان بإلغاء حالة الطوارئ، انتقد الكثيرون تحركات الحكومة لمعالجة مخاوف حقوق الإنسان باعتبارها مجرد حيلة علاقات عامة – لا سيما وأن التعديلات أعطت الرئيس والجيش بعض الصلاحيات المماثلة لتلك التي تحتفظ بها في ظل حالة الطوارئ المرفوعة الآن.

مع التعديلات التي أُدخلت على قانون الإرهاب، ستستمر مصر في توسيع دور الجيش، الذي شهد صعود نجمه وتوسع مسؤولياته في مجموعة من المجالات – من صناعة المعكرونة والفنادق إلى القضاء – منذ عهد السيسي، الجنرال السابق الذي تولى السلطة بعد انقلاب عسكري في 2013.

إذا وافق الرئيس على التغييرات البرلمانية، فسيكون للجيش والشرطة مسؤولية دائمة عن حماية البنية التحتية العامة، ومنحهم بشكل أساسي السيطرة على المرافق بما في ذلك خطوط أنابيب الغاز وحقول النفط ومحطات الطاقة والطرق والجسور ومسارات السكك الحديدية، وأي شخص متهم بالتعدي على ممتلكات الغير أو الإضرار بهذه البنية التحتية سوف يحاكم أمام المحاكم العسكرية.

وهناك تعديل آخر أقره مجلس النواب يوم الاثنين، وهو إجراء يعاقب بالسجن والغرامة -تصل إلى 50 ألف جنيه مصري أو ما يقرب من 3200 دولار- من يحاول جمع المعلومات عن أفراد ومهام القوات المسلحة دون إذنها.

أثار توقيت التغييرات التشريعية الأخيرة الشكوك حتى بين أعضاء البرلمان المصري، الذي يسيطر عليه أنصار ومؤيدو السيسي.

في تعليقها على التشريعات، قالت النائبة مها عبد الناصر من الحزب الاشتراكي الديموقراطي: “نحن لسنا ضد تشديد عقوبة إفشاء الأسرار العسكرية أو التجسس، لكن لدينا تحفظات على التوقيت، حيث إنه يتزامن مع إلغاء الرئيس لحالة الطوارئ وإصدار استراتيجية حقوق الإنسان”.

وأشارت إلى أن تشديد العقوبات على نشر المعلومات عن الجيش يتعارض مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس ووعد المصريين بموجبها بالحق في حرية التعبير.

كما أعرب النائب محمد عبد العليم، عضو سابق في حزب الوفد، عن مخاوفه من أن التعديلات ستؤدي إلى تعقيد عمل الصحفيين والباحثين مثل السيدة عبد الناصر، لكن، لئلا يشكك أحد في وطنيته وولائه للدولة، سارع ليضيف أنه يحترم القوات المسلحة.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا