منذ وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لسدة الحكم في عام 2017، عمد إلى تغير هوية بلاد الحرمين الشريفين، وقام بإصدار بعض القرارات التي تخدم سياسته، وسار على نهج القمع، واعتقل جميع أصحاب الرأي والمعارضين لهذه الخطوات الذين رأوها تهدف إلى طمس هوية المملكة، وإفساد شعبها.

وبحجة الانفتاح على الغير، وتقبل الآخر، تبدلت معالم المملكة العربية السعودية وأصبح بإمكانك حضور عشرات الحفلات الصاخبة وفاعليات الترفيه المتنوعة المكتظة بالجماهير، لكنك في المقابل لن تجد فردين أو ثلاثة يمكنهم التجمع لمناقشة أي أمر سياسي أو ذا صلة بالشأن العام.

المظاهر الجديدة المتناقضة في المملكة لم تظهر إنفتاحا إلا على صعيد الإلهاء والترفيه، وفي المقابل إنغلاقا متطرفا على حرية الرأي والتعبير، كما عكست أفكار محمد بن سلمان، التي تخدم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ ذلك الحين أصبحت بلاد الحرمين مرتعاً للحاخامات الإسرائيليين، حتى تطور الأمر بدخولهم للمقدسات الإسلامية، بتصاريح رسمية من الدولة التي يرأسها محمد بن سلمان.

رب البيت..مُطبّعاً

ينتشر عن العرب قول مأثور يقول ” إذا كان رب البيت بالدف ضاربُ.. فشيمة أهل البيت الرقص”!، وهذا القول ينطبق على حالاتنا هذه، حيث أن رأس الدولة في المملكة “الملك وابنه” قد رحبوا بالصهاينة في قصورهم.

ففي شهر فبراير/شباط من العام العام الجاري استقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، حاخاماً إسرائيلياً في سابقة هي الأولى من نوعها في القصر الملكي بالرياض.

الحاخام الإسرائيلي يدعى “ديفيد روزين”، وقد ذهب للسعودية ضمن وفد مجلس إدارة مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وقد امتنعت وكالة الأنباء السعودية عن تعريف أعضاء الوفد في خبرها الرسمي عن الزيارة.

لكن حساب إسرائيل بالعربية الناطق بإسم الخارجية الإسرائيلية عبر عن تلك الخطوة بحفاوة وتباهي، كما كشف عن هوية الحاخام اليهودي المذكور، ومن هنا يتحقق المثل المذكور آنفاً، إذا كان ملك السعودية وولي أمرها “خادم الحرمين الشريفين كما يلقب قد بدأ باستقبال قتلة الأطفال في فلسطين بقصره، فكيف سيكون الحال مع من هم أقل منه منصبا.

مسألة وقت 

وفي المرحلة السابقة قد ازدادت مظاهر التطبيع بالمملكة حتى وصلت إلى تدنيس الصهاينة للمقدسات الإسلامية علناً، بتصاريح رسمية من الدولة السعودية.

حيث أن مراسل القناة العبرية 13 “غيل تماري” قد التقط فيديو له وهو يصول ويجول بشوارع المملكة بمكة المكرمة، وقد تحدث بالمقطع اللغة العبرية قائلاً “هذا المسجد المقدس هناك، ونحن سننزل من هنا، لكنني هنا في مكة، الحلم أصبح حقيقة”.

ليس ذلك فحسب فقد دخل تماري إلى مشاعر الحج، ووصل إلى جبل الرحمة في منطقة عرفات وصعد إليه، كل ذلك كان بتصريح من الدولة وهو ما أكد عليه المراسل.

علاوة على ذلك، فقد أثار إسرائيليان غضب المسلمين بتدنيسهم مسجداً ميدانياً في الرياض، وتسجيلهم لمقطع فيديو أثناء دخولهم بين المصلين، وهم يقولون أنهم لا ياكدوا أن يصدقوا أنفسهم بتواجدهم بالمملكة.

كل ذلك كان نتيجة لتطبيع المسؤولين ولفتحهم أبواب المملكة على مصرعيها لصالح الصهاينة، فقد رحب الشيخ السعودي أحمد الغامدي مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً بحاخام يهودي بالسعودية.

إضافة لذلك فقد دعاه إلى بيته، ونشر صورة فوتوغرافية معه علق عليها قائلاً ” أهلاً به ومن معه لقد كانت فرصة لإظهار صورة من صور التعايش”، هذا وهو الذي تقلد منصب مستشار مركز علوم القرآن والسنّة بالسعودية!.

كل هذه الأمثلة تدلل على كلمة قالها حاخام يهودي بالسعودية، وهو “ستيفن بروج” الرئيس التنفيذي لمجموعة “آيش جلوبال” أن التطبيع بين دولة الاحتلال والمملكة العربية هو مجرد “مسألة وقت”.

الخلاصة أن مسؤولي السعودية قد اتخذوا التطبيع مسلكاً، وفتحوا أبواب المملكة والأماكن المقدسة على مصرعيها أمام الصهاينة غير مبالين لمشاعر المسلمين في العالم، ولا للضرر الذي سيصيب القضية الفلسطينية، وفي المقابل لن تجد في معاملة نظام بن سلمان للمعارضين وأصحاب الرأي من بني جلدتهم أي رحمة، واسألوا إن شئتم جسد الراحل جمال خاشقجي إن استعطتم العثور على خلاياه المذابة في الحمض والقمع والإرهاب الحكومي المنظم.

اقرأ أيضاً : زيارة بايدن للسعودية.. لماذا تصفها الأوساط الإسرائيلية بـ “متواضعة النتائج”؟!