قوبلت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة المتعلقة بالسعودية بالسخرية، إذ تعهد الأخير باتخاذ إجراءات حاسمة ضد السعوديين بعد إعلانهم، بالاتحاد مع روسيا، عن خفض إنتاج نفط أوبك+، بخاصة وأن هذا الأمر تنازل بايدن عن كبريائه وسافر إلى ولي العهد السعودي يمنع حدوثه.

الأمر مثير للسخرية حقًا ليس فقط لأن بايدن سبق وتعهد بجعل السعودية “منبوذة” بسبب حقوق الإنسان لكنه في المقابل طار إليها وأدار ظهره للضحايا، لكن لأنه في الوقت الذي يقول فيه الآن إنه يريد “معاقبة” السعوديين فإن البنتاغون يمضي قدمًا بأقصى سرعة في خططه لبناء منشأة اختبار عسكرية جديدة للجيش في السعودية…. إن كان بايدن عازمًا حقًا على معاقبة السعودية، فبإمكانه على الأقل تعليق مشروع البنتاغون حتى إشعار آخر.

في أوائل سبتمبر/أيلول، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، التي تدير قوات البنتاغون في الشرق الأوسط، عن العمل على فتح منشأة اختبار عسكرية جديدة في المملكة العربية السعودية “ستختبر تقنيات جديدة لمكافحة التهديد المتزايد من الطائرات بدون طيار، وستطور وتختبر قدرات دفاعية جوية وصاروخية متكاملة”.

وسيُطلق على المنشأة اسم مركز “ريد ساندز (الرمال الحمراء) المتكامل للتجارب”، وهو مواز لمركز “نطاق صواريخ وايت ساندز (الرمال البيضاء)”، وهو منشأة اختبار عسكرية أميركية للصواريخ بعيدة المدى في نيو مكسيكو.

وبحسب ما ورد، اقترح الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، فكرة المنشأة الجديدة عندما زار القوات المسلحة الملكية السعودية في يوليو/تموز، إذ قال كوريلا في ذلك الوقت: “المملكة مستعدة للمستقبل، وأنا أتطلع إلى استمرار الشراكة العسكرية”.

كان ذلك في شهر يوليو/تموز في نفس الشهر الذي ذهب فيه بايدن أيضًا إلى المملكة العربية السعودية، وهي الزيارة التي لاقت هجومًا واسعًا من جموع النشطاء والحقوقيين وعدد كبير من السياسيين من الحزبين وذلك بسبب تراجع بايدن عن وعوده بجعل السعودية وولي عهدها “منبوذين” عقابًا على مقتل الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي الذي قُتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018 في عملية أشارت تقارير الاستخبارات الأمريكية أن محمد بن سلمان مسؤولًا عنها.

كان بايدن يأمل أن تساهم زيارته في إنجاح محاولاته لإبعاد السعودية عن أي تحالف مع روسيا، وكذلك التأثير على خطط انتاج المملكة من أجل الحصول على أسعار نفط منخفضة، لكن بن سلمان فاجئه بالاتفاق مع روسيا وخفض الإنتاج ما تسبب في إثارة غضب بايدن الذي يريد معاقبة السعودية، لكن مع ذلك، لا يزال العمل على مشروع “الرمال الحمراء” قائمًا، كما لم تتوقف مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة الأمريكية السنوية لنظام محمد بن سلمان.

لدى السعوديين سبب وجيه للقلق بشكل خاص بشأن الدفاع الجوي وحرب الطائرات بدون طيار، بخاصة بعد هجمات الطائرات بدون طيار التي قام بها المتمردون الحوثيون في اليمن ضد منشأتين نفطيتين رئيسيتين داخل المملكة في سبتمبر/ أيلول 2019، في مارس / آذار ضرب هجوم بطائرة بدون طيار أقل فعالية مصفاة نفط بالرياض.

مع تأزم الصراع في أوكرانيا بشكل كبير، فإن حرب الطائرات بدون طيار مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، لذلك من المؤكد أن للجيش الأمريكي مصلحة في تطوير قدراته في هذا المجال.

بعد القرار المتعجرف لمحمد بن سلمان بخفض انتاج النفط، فإن إلغاء مشروع الرمال الحمراء – أو على الأقل تعليقه الوقت الحالي – أمرٌ لا يحتاج إلى تفكير، بخاصة وأن تنفيذ المشروع لم يبدأ بعد -حسب تصريحات البنتاغون- وعليه فإنه لا توجد تكاليف باهظة سيتحملها الأمريكيون، ولا توجد مواقع بناء للتخلي عنها، ولا توجد عقود يمكن إلغاؤها، والجدير بالذكر أن بناء أي منشأة عسكرية يكلف عشرات الملايين من الدولارات.

يتصرف محمد بن سلمان من منطلق الثقة بأن الولايات المتحدة لن تستطيع التخلي عن علاقتها مع السعودية، سيما العلاقة العسكرية، لذلك يجب على الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات ترسل له رسائل مفادها أن الحفاظ على العلاقة الثنائية يجب أن يدفع مقابلها السعوديون أيضًا… فماذا تنتظر إدارة بايدن؟!

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا