صرح مسؤولون يوم الاثنين أن إدارة بايدن ستفرض شروطا جديدة على المساعدات الأمنية لمصر، وهو قرار يحمل في طياته لوماً كبيراً إلى حليف رئيسي في الشرق الأوسط بشأن انتهاكات النظام ضد حقوق الإنسان، لكنه لا يصل إلى حد العقوبة الأكبر التي تسعى إليها جماعات حقوق الإنسان.

 يقدم هذا القرار، الذي يؤثر على حصة من 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر كل عام، مؤشراً على كيفية قيام إدارة بايدن بموازنة حقوق الإنسان والأمن القومي في الوقت الذي تسعى فيه لإصلاح الأضرار التي لحقت بسمعة أمريكا وإعادة التركيز على المستوى المحلي، بما في ذلك الانقسامات السياسية ووباء فيروس كورونا.

 بعد مداولات مطولة، قرر المسؤولون تقديم 170 مليون دولار لمصر تحت بند مكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن الحدود، حسبما قال مساعدو وزارة الخارجية والكونغرس المطلعون على الأمر، كما قال المسؤولون إن الإدارة ستقدم 130 مليون دولار إضافية بشرط أن تنهي مصر المحاكمات المطولة ضد منظمات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني المعروفة باسم القضية 173، وأن تسقط التهم الموجهة ضد 16 شخصاً وتفرج عن الأشخاص الذين حددتهم الولايات المتحدة ورفعت قائمة ببياناتهم إلى القاهرة في يونيو/حزيران.

 قال مسؤول أمريكي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته باعتبار أن القرار لم يتم الإعلان عنه بعد: “إذا التزمت الحكومة المصرية بمعايير حقوق الإنسان التي وضعناها، سوف يحصلون على 130 مليون دولار”.

 القرارات الجديدة -إن صحت- ستشكل طريقاً وسطاً بين جماعات حقوق الإنسان التي أرادت أن يتخذ بايدن موقفاً أكثر صرامة ضد مصر وبين المشرعين الجمهوريين الذين ينظرون إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أنه من المناضلين الملتزمين، وإن كان قاسياً، ضد الإسلام المتشدد.

 وعد مسؤولون، بمن فيهم وزير الخارجية أنطوني بلينكين، بوضع القيم الأمريكية الجوهرية في قلب سياسة بايدن الخارجية، في خطوة جاءت بعد أربع سنوات من رفض ترامب المستمر لتقارير عن انتهاكات ارتكبتها الحكومات الشريكة، بل وأعرب عن إعجابه بالقادة الاستبداديين مثل السيسي والرئيس الروسي فلاديمير.

 في المقابل، وعد بايدن، في إشارة إلى السيسي، بأنه لن يكون هناك المزيد من الشيكات الفارغة لـ “الديكتاتور المفضل لترامب”.

لكن سجل الإدارة في الاهتمام حقوق الإنسان حتى الآن، بما في ذلك القضايا المتعلقة بميانمار والمملكة العربية السعودية، يشير إلى أنه سوف يتبنى نهجًا حذرًا، أقل بكثير مما يريده الديمقراطيون التقدميون.

 واجه السيسي، الذي تولى الرئاسة في 2014، انتقادات واسعة النطاق على مدى سنوات بسبب القيود المتزايدة المفروضة على الصحافة وحرية التعبير للمصريين.

كما كشف تقرير صدر حديثاً عن منظمة هيومن رايتس ووتش عن وجود عمليات قتل خارج إطار القانون ترتكبها القوات الأمنية ضد مواطنين تدعي أنهم قتلوا في اشتباكات مسلحة مع الأمن، في حين تؤكد عائلاتهم أنهم تعرضوا للاعتقال واختفوا لفترة قبل أن يُعلن عن مقتلهم في ظروف غامضة.

  من جانبه، قال ويليام هارتونغ، الباحث في مجال المساعدة الأمنية في مركز السياسة الدولية، إن قرار فرض شروط على حصة صغيرة من المبلغ الإجمالي كان ” غير كافٍ ومخيب للآمال”.

 وأضاف أن “نظام السيسي هو الأكثر قمعاً في تاريخ مصر، ويجب أن تقابل حملته القمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الديمقراطية بإجراءات أقوى…إذا كانت الإدارة تريد حقًا تركيز حقوق الإنسان في سياستها الخارجية، فعليها أن تفعل ما هو أفضل.”

 قال تشارلز دن، الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي خدم في القاهرة، إن الإدارة بفشلها في معالجة الانتهاكات الواسعة الانتشار الأخرى في مصر، تقوض تحذيراتها للقاهرة بشأن حقوق الإنسان، بينما ترسل رسالة مقلقة إلى الدول الأخرى.

وأضاف “إنها تقوض أجندة سياستها الخارجية وتعطي ترخيصاً ليس فقط للسيسي، ولكن لمنتهكي الحقوق الآخرين في الشرق الأوسط وأماكن أخرى”.

 من ناحية أخرى، شدد مسؤولو الإدارة على أهمية مصر، بموقفها عند تقاطع إفريقيا والشرق الأوسط وحماسها لمكافحة الإرهاب، كشريك أمني أمريكي، كما لعبت حكومة السيسي دوراً رئيسياً في التوسط في وقف إطلاق النار الذي أنهى جولة القتال الأخيرة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس في غزة.

   للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا