كانت الناشطة السعودية سلمى الشهاب، وهي أم لطفلين صغيرين، تدرس للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة ليدز وأخذت إجازة للعودة إلى المملكة العربية السعودية لقضاء العطلة، لكن السيدة الشيعية ارتكبت خطأ شنيعاً بالنسبة للنظام السعودي، وطالبت بمنح المرأة الحق في قيادة السيارات، لينتهي بها المطاف سجينة خلف القضبان.

احتجزت السلطات السعودية سلمى الشهاب في يناير/كانون الثاني 2021، وبعد أشهر حُكم عليها بالسجن 6 سنوات بتهمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لـ “الإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن واستقرار الدولة”، ثم تم تغليظ الحكم في أغسطس/آب الجاري، وأصبحت عقوبتها السجن 34 عاماً مع حظر من السفر بعد انتهاء المدة.

قبل اعتقالها، كانت الشهاب أحد نشطاء التواصل الاجتماعي، لطالما طالبت بالإفراج عن لجين الهذلول، الناشطة النسوية التي سجنت كذلك لمطالبتها بحق المرأة في القيادة وتعرضت للسجن والتعذيب.

أثناء جلسات المحاكمة، قالت السيدة سلمى للقاضي إنها استخدمت هويتها الحقيقية للتغريد على وسائل التواصل الاجتماعي، لم تخف شخصيتها، بل كانت تنشر صوراً لأطفالها وحياتها الخاصة، وعدد متابعيها قليل نسبياً مقارنة بالمشاهير (2000 متابعاً تقريباً)، مشيرة إلى أن تغريداتها كلها كانت ذات طبيعة سلمية، فكيف يمكن أن تشكل خطراً على أمن البلاد.

واشتكت سلمى للقاضي من ظروف احتجازها المروعة، حيث قالت إنها احتجزت في الحبس الانفرادي لمدة 285 يوماً، لكن المدعي العام وبعد أقوالها تلك طلب من المحكمة ضرورة توجيه اتهامات إليها بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في المملكة وبموجب قانون الجرائم الإلكترونية في المملكة.

في 8 أغسطس/آب، أصدرت المحكمة حكماً شديد القسوة: السجن لمدة 34 عاماً ثم 34 عامًا من حظر السفر، ليصبح هذا أطول حكم معروف بحق ناشطة في مجال حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، وفقاً لمبادرة الحرية، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن.

ملف سلمى يقدم لمحة أخرى عن الجانب الوحشي للديكتاتورية السعودية تحت حكم ولي العهد والحاكم الفعلي، محمد بن سلمان، الذي شكل فريق اغتال الصحفي السعودي بالواشنطن بوست جمال خاشقجي منذ ما يقرب من أربع سنوات.

منذ توليه منصبه، حرص ولي العهد على تصوير نفسه على أنه شخص عصري مجدد، يسعى لتنويع الاقتصاد السعودي وفتح البلاد على آفاق جديدة على المستوى الاجتماعي والثقافي والرياضي. في سبيل ذلك أشرف على تنظيم بطولة دولية للجولف، ووضع المليارات في مدينة ضخمة يتم بناؤها في الصحراء.

في فبراير/شباط 2021، أي بعد شهر من اعتقال الشهاب، تم إطلاق سراح لجين الهذلول بعد ما يقرب من ثلاث سنوات في السجن لكنها لا تزال تخضع لحظر السفر، أحد العقوبات القاسية التي يستخدمها الحاكم السعودي تنكيلاً بالمعارضة.

عندما زار الرئيس بايدن المملكة العربية السعودية الشهر الماضي وصافح محمد بن سلمان، قال البيت الأبيض إنه “أثار قضايا محددة بشأن حقوق الإنسان، بما في ذلك “الاغتيال الوحشي لجمال خاشقجي”.

وبحسب البيت الأبيض، فإن “الرئيس حصل على وعود فيما يتعلق بالإصلاحات والضمانات المؤسسية المعمول بها لمنع أي سلوك من هذا القبيل في المستقبل”، لكن الحكم على الشهاب يؤكد أن الضمانات التي وعد بها ولي العهد هي: لا شيء، ما يعني أن الوعود السعودية لبايدن لم تكن سوى مهزلة.

على الأقل، يجب على السيد بايدن الآن أن يتحدث بقوة ويطالب بالإفراج عن السيدة شهاب والسماح لها بالعودة إلى ولديها، 4 و 6 سنوات، في المملكة المتحدة، واستئناف دراستها هناك.

يجب كذلك على مشجعي ومحبي بطولات الجولف المدعومة سعوديًا في بوسطن وشيكاغو وميامي الاحتجاج على المعاملة القاسية للسيدة شهاب، فإن كان في المملكة العربية السعودية، يأمر ولي العهد بالخوف والصمت، فإنه في المجتمعات المفتوحة، يجب التنديد بسلوكه القاسي في كل فرصة.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا