إمارات الشر..

يبدو أن إمارات بن زايد باتت عبئًا كبيرًا على المنطقة العربية، أو بالأحرى على شعوب المنطقة، فلا تكاد تخلو أي من سياسات حكومة “أبو ظبي” من إضرار بالشعوب ومواردها وحرياتها، هكذا يدرك من يستقرئ تاريخ الإمارة خلال العقدين الماضيين على وجه التحديد.

ولا تتورع الإمارات عن التحالف والتعاون مع كائن من كان لتحقيق مصالحها وإنفاذ سياساتها، حتى وإن كان ذلك في غير مصلحة الشعوب.

بالنظر إلى سياسات الإمارات خلال السنوات الأخيرة، نجد أن سياساتها الملتوية باتت ترنو إلى زرع قوى خارجية في المنطقة، تهدف من خلالها إلى غرس بذور الفتنة والانقسام والتدخل الخارجي.

ابن زايد.. تقارب مع الروس

تقارب سياسات دولة بن زايد مع الدولة الروسية في غالب ملفات المنطقة الساخنة بات لافتًا للانتباه إلى حد كبير.

فلو نظرت إلى القضية الليبية، لوجدت كيف تَتَمَتْرَسُ الإماراتُ خلف الجنرال المنقلب خليفة حفتر، وكيف أنها الداعم الأبرز له ولميليشياته ضد الحكومة الشرعية في طرابلس. وهي في هذا تقف في نفس الخندق جنبًا إلى جنب مع مرتزقة شركة “فاغنر” الروسية المقربة من “الكرملين”.

ومن أحدث الشواهد على التعاون الروسي الإماراتي ضد الشعب الليبي هو ما كشفته مؤخرًا صحيفة التايمز (The Times) البريطانية من أن منظومة الصواريخ الروسية “بانتسير” -التي استولت عليها قوات الحكومة الشرعية حديثًا في إطار المناوشات مع ميليشيات حفتر- اشترتها الإمارات من روسيا وزودت بها قوات حفتر، كما أضافت الصحيفة أنه من المرجح أن مرتزقة شركة فاغنر الروسية هم من أشرفوا على تشغيلها وتدريب الميليشيات على آلية استخدامها.

ولو أدرت وجهك صوب الملف اليمني الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، لوجدت كيف تساهم الإمارات بسياساتها المتآمرة في تقويض الدولة اليمنية والاستيلاء على موارد شعبها، من خلال دعم المجلس الانتقالي الجنوبي ذي المطالب الانفصالية.

ويا للمصادفة! وكلاء الإمارات الانفصاليون يستعينون بروسيا في مواجهة السعودية، ففي مارس/ آذار الماضي، كشفت مصادر مقربة من قيادة الانتقالي الجنوبي عن لقاء عُقد بينهم وبين مسؤولين روس بتنسيق إماراتي، وذلك بهدف التنسيق والاستعداد لمواجهة أي إجراءات قد تتخذها المملكة ضد حلفاء الإمارات، على خلفية رفض الانفصاليين إنفاذ اتفاق الرياض آنذاك.

مع الأخذ في الاعتبار أن هذا اللقاء لم يكن الأول من نوعه، حيث نسقت الإمارات زيارة رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، إلى العاصمة الروسية، موسكو، في التاسع عشر من ذات الشهر والسنة، وأثناء زيارته وصل محمد بن زايد إلى روسيا في زيارة رسمية، وبالتزامن مع هذه الزيارة، وفي نفس اليوم، قام السفير الروسي في اليمن، فلاديمير دودشكين، بزيارة مقر الانتقالي في عدن. وهو ما يشير إلى مدى العلاقة بين وكلاء الإمارات الانفصاليين وبين الروس.

ولو فتشت قليلًا في الوضع المصري، وتحديدًا عقب انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013 على الرئيس المنتخب محمد مرسي، ستدرك كيف ساعدت الإماراتُ قائد الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في مناورة ضغوط الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية التي علق بعضها صادرات السلاح إلى بشكل مؤقت، بهدف الضغط على السلطة الانقلابية للتراجع عن بعض الإجراءات القمعية التي اتخذتها بعد الانقلاب.

ولإدراك حجم صفقات السلاح التي أبرمها نظام الانقلاب مع روسيا، يذكر أن مصر استلمت في عام ونصف فقط بعد الانقلاب عددًا ضحمًا من القطع الحربية في البر والبحر والجو، فقد استوردت مصر طائرات من طرازات “ياك.130″، “سو 30 كا”، “ميج29”، “مي-35”، ”ka-52 “التمساح”، فضلًا عن منظومتي الصواريخ “تور إم 2” و “إس – 300 بي أم”، وكذلك المنظومة “بريذيدنت – إس”، إضافة إلى صواريخ “كورنيت” والدبابة “تي في”، علاوة على قطع بحرية من طراز “مولينا 32 P”، وزورق من طراز “آر – 32″، وقاذفات “آر بي جي 32”.

ودور الإمارات هنا تبرزه صحيفة THE WORLD TRIBUNE الأمريكية، حيث قالت إن صفقات الأسلحة الضخمة بين القاهرة وموسكو، والمقدر قيمتها بمليارات الدولارات، مموّلة من قِبل كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وبالتالي يبرز دور إمارات الشر من خلال مساهمتها في تعزيز وتطوير علاقة الحكومة المصرية بروسيا في ذلك الوقت، وذلك عن طريق دفع فواتير صفقات الأسلحة التي استوردتها مصر من روسيا آنذاك، وهو ما ساهم في النهاية في فرض أمر واقع على المجتمع الدولي الذي لن يغامر على الإطلاق بأن يخسر مصر لصالح روسيا، وهو ما كان سببًا رئيسًا في تثبيت حكم نظام السيسي.

قيادة السودان العسكرية هي الأخرى متوافقة مع المحور الإماراتي، تأتمر بأمره، وتتبع سياساته، والإمارات بدورها تمول اقتصادها، وتسوق لها دوليًا، وفي ذات الوقت تنسق لها مع القوى الدولية. وحين تنظر إلى السودان ما بعد سقوط رئيسها السابق، عمر البشير، فستجد كيف يُفْسِحُ العسكريون المقربون من الإمارات الطريقَ للنفوذ الروسي في بلادهم.

ولا أَدَلَّ على ذلك من اتفاق موسكو، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، مع السلطات في الخرطوم على بناء قاعدة عسكرية بحرية لدعم الأسطول الروسي في مدينة بورتسودان الساحلية على البحر الأحمر، في خطوة تهدف من ورائها إلى تعزيز التواجد الروسي في الشرق الأوسط، والأهم من ذلك هو أن هذه التحركات تأتي في إطار استراتيجية روسية تسعى إلى تأسيس وجود دائم في إفريقيا. وحلفاء الإمارات يمهدون لها الطريق دون أدنى مشكلة.

باستقراء جميع الوقائع السابقة، نجد بوضوح أن مَرَدَّ غالبِ التقاربات الروسية في المنطقة إلى الإمارات المتحدة وأذنابها وحلفائها، فهي من تنسق وتدعم وتمول، ثم يأتي الروس لتعزيز نفوذهم وهيمنتهم في المنطقة بعد ذلك.