لا يزال الاقتصاد السعودي يعاني تدهورا ملحوظاً في ظل ارتفاع غير مسبوق لقيمة الديون، بالإضافة لعجز كبير في الموازنة العامة، وذلك علي إثر التأثيرات المتلاحقة لتفشي وباء فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي بعد الإغلاق الاقتصادي، بالإضافة لانخفاض أسعار النفط مصحوباً بقلة الطلب عليه، والذي تعتمد عليه الرياض بشكل أساسي في موازنتها العامة.

ارتفاع العجز

وفي تطور لافت، سجلت المملكة العربية السعودية في الربع الثالث من العام الجاري عجزاً بقيمة 40.77 مليار ريال، في ظل استمرار أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط مصحوباً بقلة الطلب عليه.

وذكرت وزارة المالية السعودية، في بيان لها يوم الأربعاء، أن الإيرادات بلغت 215.577 مليار ريال في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر 2020، بزيادة نسبتها 4%.

وأوضحت أن المصروفات قد بلغت 256.345 مليار ريال، وبذلك تكون المصروفات قد صعدت بنسبة 7%.

وتوقعت وزارة المالية السعودية بلوغ عجز ميزانيتها للعام الحالي نحو 298 مليار ريال (79.5 مليار دولار).

وأكدت وزارة المالية، في بيان لها لعرض الموازنة التمهيدية للعام المقبل، أنه من المتوقع بلوغ عجز الموازنة للعام المقبل، نحو 144 مليار ريال.

وبلغت توقعات نفقات موازنة المملكة للعام المقبل 990 مليار ريال، في حين توقعت بلوغ إجمالي إيراداتها 846 مليار ريال. كما توقعت الوزارة السعودية ارتفاع الدين العام إلى 854 مليار ريال، و941 مليار ريال في 2021.

وهبطت قيمة الصادرات “النفطية” للسعودية خلال الفترة المذكورة بنسبة 42.8 بالمئة‏، إلى 68.92 مليار دولار.

وكانت السعودية أعلنت موازنة 2020 بإنفاق 272 مليار دولار، مقابل إيرادات بـ222 مليار دولار، متوقعة عجزاً قيمته 50 مليار دولار.

وكان وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، توقع ارتفاع حجم الاقتراض هذا العام إلى 220 مليار ريال، فيما كان المخطط له 120 مليار ريال (32 مليار دولار) قبل كورونا.

وسجلت السعودية عجزاً في الميزانية العامة للدولة، في الربع الثاني من العام الجاري، بلغ 33.52 مليار ريال سعودي، فيما ارتفعت قيمة الدين الداخلي والخارجي 627 مليار ريال.

من جانبها، أكدت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني أن السعودية قد تواجه ضغوطاً في الميزانية بعد عام 2021، وذلك في حالة استمرت أسعار النفط في التراجع.

ونقلت وكالة بلومبيرغ، عن وكالة “موديز” أن السعودية قد لا تتمكن من الاعتماد على أرباح سنوية تبلغ 75 مليار دولار، ما لم ترتفع أسعار النفط الخام.

وأوضحت الوكالة أن الحكومة السعودية اعتمدت على سيولة أرامكو وسط الركود الاقتصادي.

وبينت الوكالة أن ديون شركة أرامكو السعودية ارتفعت رغم الخطوات التي اتخذتها خلال الفترة الماضية، سواء من تسريح موظفين، أو خفض الإنتاج.

تراكم الديون

وفي ذات السياق، ارتفع الدين العام السعودي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري إلى 847.753 مليار ريال، بحسب ما أعلنته وزارة المالية السعودية.

ووفقاً لبيان ميزانية المملكة الخاص بالربع الثالث من العام فقد ارتفعت الديون الداخلية إلى 497.592 مليار ريال، بزيادة 124.828 مليار ريال، عن مستوياتها في 2019 التي كانت 372.764 مليار ريال.

وارتفعت الديون الخارجية إلى 350.161 مليار ريال، بزيادة 45 مليار ريال عن العام الماضي التي كانت 305.161 مليارات ريال.

وسُحبت 9 مليارات ريال من الحساب الجاري، و50 مليار ريال من الاحتياطيات الحكومية و83.108 مليار ريال كديون داخلية، و44.558 مليار ريال كديون خارجية، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.

وبلغ إجمالي تمويل عجز الميزانية خلال الفترة المذكورة 186.66 مليار ريال، بحسب الوزارة.

وبلغ حجم إيرادات المملكة خلال الشهور التسعة الماضية 541.593 مليار ريال، فيما بلغ حجم المصروفات 725.704 مليار ريال، وبلغ العجز 184.112 مليار ريال (49.084 مليار دولار)

وكان الدين العام السعودي قد ارتفع إلى نحو 181 مليار دولار بنهاية 2019، يمثل 24 بالمئة من الناتج المحلي، في حين كان متوقعاً ارتفاعه إلى 201 مليار دولار في 2020 قبل ظهور الفيروس.

وتنظر اقتصادات دول الخليج العربي بأهمية كبيرة إلى أبرز أرقام موازنة السعودية، أكبر اقتصاد عربي وخليجي، حيث تضررت أسعار النفط بشكل كبير خلال العام الحالي، نتيجة لتداعيات تفشي فيروس “كورونا” على الطلب العالمي على الخام الذي يُعد مصدر الدخل الرئيس للسعودية.

كما تضررت المالية العامة لشركات الطاقة في السعودية، المصنفة كثالث أكبر منتج للنفط الخام بمتوسط 10 ملايين برميل يومياً في الظروف الطبيعية، نتيجة تدني أسعار البرميل خلال 2020.

خسائر مضاعفة 

وفي سياق متصل، سجلت الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”، صافي خسائر بقيمة 2.18 مليار ريال (582 مليون دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، على أساس سنوي، وسط انخفاض أسعار بيع المنتجات.

وقالت الشركة في إفصاح للبورصة السعودية (تداول)، الأحد، إن صافي أرباحها بعد الزكاة والضريبة في الأشهر التسعة المماثلة من العام الماضي، بلغ 6.09 مليارات ريال.

وأرجعت “سابك” سبب التحول للخسائر إلى انخفاض متوسط أسعار بيع المنتجات، إضافة إلى تسجيل 1.55 مليار ريال مخصص انخفاض في قيمة بعض الأصول الرأسمالية والمالية.

وتراجع إجمالي إيرادات الشركة، التي تستحوذ أرامكو السعودية على حصة مسيطرة فيها، بنسبة 18.9 بالمئة على أساس سنوي، إلى 84.11 مليار ريال، من 103.72 مليارات ريال بالفترة المماثلة من 2019.

وبلغت حصة السهم الواحد من خسارة الفترة نحو 0.73 ريال، مقارنة مع أرباح 2.03 ريال في الفترة المقابلة من 2019.

وبالنسبة للربع الثالث من العام الحالي، سجلت الشركة ارتفاعاً في صافي الأرباح بنسبة 47.3 بالمئة على أساس سنوي إلى 1.09 مليار ريال.

وحول سبب تحقيق الأرباح خلال الربع الثالث، قالت الشركة: إنه يعود إلى “زيادة في متوسط أسعار بيع المنتجات والكميات المنتجة والمبيعة، إضافة إلى عكس مخصص انخفاض في قيمة بعض الأصول المالية بالصافي بمبلغ 0.69 مليار ريال”.

وحسب البيان، أدت زيادة سعر خام برنت أكثر من 50 بالمئة بالربع الثالث قياساً على الربع الثاني من 2020، إلى ارتفاع أسعار مواد اللقيم.

وأشارت الشركة السعودية إلى أن هذا أدى إلى ارتفاع تكلفة المبيعات بنسبة 8 بالمئة خلال الربع الثالث على أساس ربعي إلى 22.78 مليار ريال.

وفي مارس 2019، وقَّعت “أرامكو”، أكبر شركة نفط في العالم، صفقة استحواذ على 70% من “سابك”، تمثل حصة صندوق الاستثمارات العامة السعودية، بقيمة 69.1 مليار دولار.

​و”سابك” شركة مساهمة عامة سعودية متعددة الصناعات، مركزها الرئيس بالرياض، أسسها عام 1976 الملك الراحل خالد بن عبد العزيز، تنشط في مجال البتروكيماويات والكيماويات والمبلمرات الصناعية والأسمدة والمعادن، وتعد أكبر شركة بتروكيماويات في الشرق الأوسط والرابعة عالميا.