العدسة – معتز أشرف:
بين 4 مرشحين يحاول الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، الذي يُوصف في الأمريكتيين وبين معارضيه بالديكتاتور، الفوز بفترة حكم جديدة وسط انتقادات واسعة دولية لإجراءات الانتخابات وصلت إلى نزع الشرعية عنها مسبقًا مع تحركات داخلية لمقاطعة الانتخابات لم تفلح معها الانشقاقات، لتقف فنزويلا على أبواب مرحلة تحديد مصير في اليوم 20 من مايو الجاري الذي ينطلق فيه السباق الانتخابي المرفوض دوليًا ومحليًا، فهل ينجح مادورو أما تحدث مفاجأة؟ هذا ما سيحسمه الشعب الفنزويلي في الساعات المقبلة، وإن كانت الإجابة لدى المراقبين هي بقاء الوضع على ما هو عليه، ما ينذر بتصعيد خطير.
حصار مسبق
الرأي العام الفنزويلي منشغل بموقف الخارج قبل الداخل؛ حيث حذرت الولايات المتحدة وأكثر من عشر دول في أمريكا اللاتينية في أبريل الماضي السلطات الفنزويلية من أن الانتخابات التي ستجريها الشهر الحالي لن تعتبر شرعية إلا إذا أعادت تطبيق المعايير الديموقراطية، وأورد البيان الختامي لقمة «الأمريكتين» التي استضافتها البيرو: «ستكون انتخابات 20 مايو غير شرعية وبلا صدقية إذا أجرت في ظل الظروف الحالية، ونطالب بضمانات من أجل الاعتراف بانتخابات فنزويلا تتضمن عملية انتخابية عادلة وشفافة وإطلاق المعتقلين السياسيين ومشاركة المعارضة التي تشير إلى تزوير الانتخابات سلفًا لمنح الرئيس نيكولاس مادورو ولاية جديدة، وتشديد قبضته على بلده المدمر اقتصاديًا، ووصف نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في القمة انتخابات فنزويلا بأنها «مزيفة»، مضيفًا أن بلاده «مستعدة للتعاون مع الحلفاء في مواصلة الضغط المطلوب لإعادة الديموقراطية إلى فنزويلا.
من جانبه اعتبر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في حوار لفرانس24 من كاراكاس في الساعات الأخيرة أن الولايات المتحدة تمارس “هجومًا منظمًا” وضغوطًا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، مضيفًا أنه رغم تغير الرؤساء الأمريكيين إلا أن السياسة الرسمية الأمريكية اتجاه فنزويلا هي “الضغط على الثورة وتغيير النظام”، ومع وصول دونالد ترامب إلى الحكم فإنّ اليمين المتطرف هو من صار يحكم اليوم”، فيما توقع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أن نتائج الانتخابات ستذهل العالم، وقال مادورو في مؤتمر صحفي في العاصمة كاراكاس: “انتخابات 20 مايو ستكون ناجحة داخليا، ونتائجها ستدهش العالم”!.
ميدانيًا، الأجواء التي تستبق الانتخابات، ليست مريحة بحسب مراقبين؛ حيث أعلن وزير الداخلية الفنزويلي نيستر ريفيرول أن السلطات قررت حظر التظاهرات والتجمعات في الأيام التي تسبق موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، وكتب ريفيرول في حسابه على توتير: “يحظر عقد الاجتماعات العامة أو التظاهر أو الاحتشاد أو أي أعمال أخرى يمكن أن تعرقل السير الطبيعي للعملية الانتخابية وتضر بها، ابتداء من الجمعة 18 مايو إلى الاثنين 21 مايو، كما قررت السلطات الفنزويلية في الفترة التي حددها الوزير في تغريدته، منع حمل السلاح إلا في الحالات التي يجيزها القانون، كذلك منع الاتجار بالمشروبات الكحولية.
مقاطعة المعارضة
ولجأت فنزويلا إلى تأجيل انتخاباتها الرئاسية من موعده الأصلي في 22 أبريل إلى 20 من شهر مايو الجاري في تحرّك عمّق انقسام المعارضة في أعقاب اتفاق بين حكومة مادورو وبعض أحزاب المعارضة، وفي شقّ لصفّ ائتلاف المعارضة الرئيسي، أعلن القيادي المعارض فالكون ترشحه للانتخابات، ويعتقد الحاكم السابق لولاية لارا البالغ من العمر 56 عامًا أن بإمكانه الفوز حتى بدون وجود آلة “الائتلاف المعارض” الانتخابية وراءه، فيما يقاطع “الائتلاف المعارض” الانتخابات قائلًا إنها “مسرحية هزلية” تستهدف إضفاء الشرعية على “نظام ديكتاتوري”، ومن أقوى منافسي مادورو من المعارضة “ليوبولدو لوبيز” و”إنريكي كابريليس” وهما ممنوعان من الترشح، بيد أن أنصار المعارضة في معسكري لوبيز وكابريليس وصفوا فالكون بأنه “خائن”، وحثوا الناخبين على مقاطعة الاقتراع لـ “عزل مادورو ولنزع الشرعية” عما يقولون إنه سيكون “فوزًا مزورًا” فيما رد فالكون قائلًا: الأزمة الحالية في فنزويلا بأنها الأسوأ في تاريخ أمريكا اللاتينية. وقال إنّ “الجوع هو أكبر المشاكل اليومية للفنزويليين”، متهمًا مادورو بأنه غير صالح لرئاسة البلاد.
ميدانيًا نظم تحالف من المعارضة الفنزويلية في الفترة الماضية مسيرات في أنحاء البلاد، للاحتجاج على الانتخابات الرئاسية داعيًا إلى إجراء انتخابات “حرة وشفافة” في موعد لاحق، وقالت النائبة ديلسا سولورزانو”: “التجمعات تهدف إلى مقاومة النظام الذي يرغب بحرماننا حقوقنا.. علينا إنقاذ حقنا في التصويت بشكل حر”.
وينظم التظاهرات تحالف “الجبهة الواسعة لفنزويلا حرة”، الذي أنشئ مؤخرًا، ويضم أحزابًا معارضة على غرار “تحالف طاولة الوحدة الديمقراطية” ومنظمات من المجتمع المدني، وينتقدون ما حدث مؤخرًا؛ حيث تجري الانتخابات عادة في ديسمبر، لكن الجمعية التأسيسية التي تعتبر واشنطن أنها أنشئت للالتفاف على الضوابط الديمقراطية وتعزيز سلطة الرئيس نيكولاس مادورو، سبقت موعدها هذا العام، ما دفع تحالف “طاولة الوحدة الديمقراطية” إلى مقاطعة الانتخابات معتبرًا أنها تفتقر إلى الشفافية.
واشنطن بالمرصاد!
الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وفنزويلا قديم، وتصاعد بعد وصول الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، حيث تم فرض عقوبات على قائمة ضمت الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو و55 شخصًا و16 كيانًا فنزويليًا وردت فنزويلا بقطع العلاقات التجارية، وتنضم تلك الإجراءات لسلسلة العقوبات الاقتصادية التى فرضتها أمريكا وكندا والاتحاد الاوروبى على فنزويلا أيضًا، ووفقا لصحيفة «الأونيبرسال» الفنزويلية فقد أصدرت وزارة الخارجية الفنزويلية مذكرة احتجاج ضد إدارة الرئيس دونالد ترامب التى تعرضها لحصار اقتصادى قاسٍ ولا إنسانى، فى انتهاك لجميع معايير القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة.
نيكى هيلى مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة والمقربة من ترامب حسمت الموقف الأمريكي بتهديد مبطن علي عادتها، حيث أكدت أنّ الانتخابات الرئاسية المبكرة فى فنزويلا لن تكون عادلة أو نزيهة، مشيرة فى تصريح نقلته شبكة «ايه بى سى نيوز» الإخبارية الأمريكية إلى أنّ الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدى فى الوقت الذى يتحول فيه شعب فنزويلا إلى ضحية لنظام مادورو، كما حثت دول تكتل ما يسمى بـ «مجموعة ليما» الأطراف الإقليمية والدولية على عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات المقبلة.
تحديد مصير
وفق مؤسسة “دايتاناليسيس“ لاستطلاعات الرأي، رجحت 4 سيناريوهات للمعركة المقبلة في فنزويلا، وهي : إعادة انتخاب مادورو مع مقاطعة قوية، معتبرة أنه السيناريو الأكثر احتمالًا فى رأى المحللين، نظرًا إلى ملل الناخبين والدعوة الى المقاطعة، وفى هذه الحالة، “ستأتى عقوبات جديدة، ليس فقط من الولايات المتحدة ضد القطاع النفطي، بل أيضًا من الاتحاد الأوروبى وبلدان أمريكا اللاتينية، والسيناريو الثاني: إعادة انتخاب مادورو على خلفية شبهات بالتزوير، حيث من المحتمل أيضًا أن يندد هنرى فالكون بعمليات تزوير، ومن المتوقع أن يكون رد الفعل الدولى يمكن أن يكون بالتالى اقسى، ويترافق مع “عقوبات على كبار الموظفين، وبالتالى عائلاتهم أيضًا، وتجميد أرصدة فى مختلف البلدان، وحظر مالى على بى.دى.فى.اس.اى من الولايات المتحدة”، أما السيناريو الثالث فهو خسارة فالكون بنتيجة مقبولة لا تثير ضجة وفق إجراءات قانونية، ما يمهد الطريق أمامه لتصدر مشهد المعارضة، أما السيناريو الرابع فهو ضعيف للغاية فهو فوز فالكون نفسه، ما يمهّد لعملية انتقال سياسى واقتصادى ومفاوضات مع الدول لدعم اقتصاد فنزويلا.
هذه السيناريوهات ترتبط بشكل أو بآخر، بمخاوف في معسكر الرئيس الحالي نيكولاس مادورو؛ حيث قالت صحيفة “التيمبو” الإسبانية إنّ العسكريين بالجيش الفنزويلى انضموا أيضًا للنازحين إلى كولومبيا والبرازيل هروبًا من الثكنات الفنزويلية بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التى تمر بها البلاد، ولذلك بدأت الحكومة الفنزويلية باستدعاء المتقاعدين بالجيش والميليشيات لاحتواء الموقف، مؤكدة أن انسحاب العسكريين من الجيش الفنزويلى يعني تعقيد الخطط الأمنية للانتخابات الرئاسية.
اضف تعليقا