منذ ثماني سنوات في عام 2012، نشرت الأمم المتحدة تقريرا بعنوان: “غزة في عام 2020: هل تكون مكان صالح للعيش فيه؟” ثم تم تضمين الإجابة في متن التقرير: “لا .. ما لم تتخذ تدابير لحفظها”.
بعد ثمانية سنوات لم يتم اتخاذ أي إجراء حقيقي لحماية غزة، لكن توقعات هذا التقرير القاسي لم تتأكد مع الوقت، لأن الوضع الآن أسوأ بكثير مما كان يتوقع له.
تشمل تحليلات المعلومات من العقد الماضي كل شيء آخر، باستثناء الكارثة الإنسانية التي تحدث في الفناء الخلفي لإسرائيل والتي تتحمل إسرائيل المسؤولية عنها بالدرجة الأولى.
بدلاً من تحمل مسؤولية تهجير الفلسطينيين وطردهم في عام 1948، ومحاولة تعويض وإصلاح آثار الكثير من الجرائم التي ارتكبت بحقهم، من خلال إعادة التأهيل والمساعدة، تواصل إسرائيل اتباع سياسات 1948 بطريقة أخرى: قفص بدلاً من الطرد، السجن بدلاً من التطهير العرقي، الحصار بدلاً من تهجير.
من المشكوك فيه أن هناك مناطق أخرى من العالم استمرت فيها الكوارث لأكثر من 70 عامًا، خاصة وإن كانت تلك الكوارث نتاج أعمال بشرية ضارة.
كان ينبغي لذاكرة غزة أن تضايقنا ليل نهار لكن بدلاً من ذلك، غزة منسية، فقط إطلاق صاروخ قسام هو القادر على توفير تذكير بوجودها.
عندما كتب تقرير الأمم المتحدة، كان معدل البطالة في غزة 29 ٪. لقد مرت ثماني سنوات واليوم، وفقًا للبنك الدولي، بلغ معدل البطالة هناك نسبة لا يمكن تصورها 53٪، 67٪ بين الشباب.
لا أحد يفهم هذا؟ سبعة وستون في المئة البطالة، لا أحد يفهم ما هي هذه الحياة، عندما لا يكون لغالبية الشباب لا حاضر ولا مستقبل؟
حماس هي الطرف المذنب، حماس مذنبة بكل شيء، وإسرائيل؟!! لا على الإطلاق، ما القمع، ما الإنكار وغسل الأدمغة الذي يتطلبه الأمر؟ ما الأكاذيب وما اللاإنسانية والقسوة؟ إن الدولة التي أرسلت بعثات إغاثة إلى أقاصي الأرض غير مبالية بالكارثة تجاه الكارثة التي أوجدتها على حدودها بل إنها تزيد الوضع سوءًا.
ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة يعيشون على أقل من 5.50 دولار في اليوم، مقارنة بالضفة الغربية المحتلة، يعيش 9٪ فقط من السكان بمثل هذا المبلغ.
حماس مذنبة، كما لو كانت هي من فرضت الحصار، عرقلت الواردات والصادرات وفرص العمل، وأطلقت النار على الصيادين في بحر غزة، ومنعت مرضى السرطان من الحصول على العلاج الطبي، وهي أيضا التي قصفت غزة وقتلت الآلاف من المدنيين ودمرت عددًا لا يحصى من المنازل، والمنشئات الحيوية والعامة.. أليس كذلك؟! بالتأكيد.
توقع تقرير الأمم المتحدة لعام 2012 أنه بحلول عام 2020 ستحتاج غزة إلى 1000 طبيب على الأقل، لكن في عام 2020، غادر 160 طبيبًا في الأعوام الثلاثة الماضية، الحقيقة لقد غادر كل من أمكنهم المغادرة.
شهد جراح شاب في مستشفى الشفاء في غزة، الدكتورة سارة السقا، لصحيفة الجارديان الأسبوع الماضي أنها تكسب 300 دولار لمدة 40 يومًا من العمل، ولو لم تكن تعمل من أجل أمها المسنة، لكانت هي الأخرى قد غادرت.
الأسوأ هو ما ينتظرنا في المستقبل في المستقبل، سبعة وتسعون في المئة من إمدادات المياه غير صالحة للاستهلاك، حسب تقدير تقرير الأمم المتحدة، يتم تصريف 100000 متر مكعب من المياه العادمة يوميًا إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو بحرنا أيضًا، عسقلان تغمر مياه الصرف الصحي في غزة، لكن هذا لا يزعج أي شخص أيضًا.
أصدرت الأمم المتحدة تقريرا عام2015، جاء فيه: لقد شردت حرب إسرائيل على غزة، نصف مليون شخص من منازلهم وغادروا غزة المحطمة، لكنه بدى مجرد تقرير ممل لا أهمية لما جاء فيه ولم يحمل معه إلا التثاؤب الكبير، ثم جاء تقرير عام 2018، هذه المرة من البنك الدولي: كان اقتصاد غزة في حالة حرجة.
وبينما رسالة إسرائيل والعالم يعرف “دعهم يُخنقون”، نجد على التوازي مشهد هزلي تقف إسرائيل وبشدة إلى جانب نعمة يساكر، المرأة الإسرائيلية التي تقضي عقوبة السجن في موسكو لسبع أعوام ونصف العام، لحيازتها مواد مخدرة والتي تم نقلها إلى سجن آخر، وتجعلها على سلم أولوياتها.. يا للسخرية.