كشفت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في تونس عن أرقام صادمة لأعداد المعتقلين داخل السجون التونسية، والتي شهدت ارتفاعًا بنسبة 50% منذ قرارات الرئيس قيس سعيد في يوليو 2021، والتي وُصفت حينها من قبل المعارضة بأنها انقلاب على الدستور وإجهاز على الديمقراطية التونسية الناشئة.

وأشارت الهيئة، في تقرير حديث، إلى أن عدد السجناء في تونس قفز من 22 ألفًا في الفترة بين 2018 و2021 إلى 32 ألفًا بين 2022 و2024، مما يعكس حجم الاعتقالات الجماعية التي طالت المعارضين السياسيين والصحفيين والناشطين، في حملة قمعية غير مسبوقة منذ الثورة التونسية عام 2011.

سجون مكتظة وظروف إنسانية مأساوية

وصف رئيس الهيئة، فتحي جرّاي، هذه الأرقام بـ”المفزعة”، مشيرًا إلى أن الاكتظاظ داخل السجون بلغ مستويات غير مسبوقة، مع تحوّل بعض السجون التي لم تكن تعاني سابقًا من الاكتظاظ، مثل سجن النساء في منوبة، إلى مراكز احتجاز مكتظة بالسجناء. وحذّر من أن هذه الأوضاع تؤثر سلبًا على حقوق السجناء وظروف احتجازهم، فضلًا عن الضغط الهائل على أعوان السجون أنفسهم.

وأضاف جرّاي أن نسبة كبيرة من هؤلاء السجناء تم اعتقالهم بسبب تهم لا تتطلب بالضرورة السجن، حيث إن 60% من المسجونين لديهم أحكام لا تتجاوز عامًا واحدًا أو بضعة أشهر. ودعا السلطات إلى تبني العقوبات البديلة، مثل الغرامات أو الخدمة المجتمعية، للحد من الاكتظاظ وتحسين أوضاع السجون.

قمع سياسي واستهداف للمعارضة: الغنوشي نموذجًا

يأتي هذا الارتفاع في أعداد السجناء في وقت تتصاعد فيه الأحكام القضائية الجائرة ضد شخصيات سياسية بارزة وصحفيين ومعارضين، في محاولة واضحة من قيس سعيد لتصفية معارضيه وإحكام قبضته على السلطة.

فقد أصدرت المحاكم التونسية أحكامًا قاسية ضد رموز سياسية وإعلامية بارزة، أبرزها الحكم بالسجن 22 عامًا على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي يُعد من أكثر الشخصيات استهدافًا من قبل نظام سعيد، في قضايا اعتبرها معارضوه ذات طابع سياسي بحت تهدف إلى إسكات أي صوت معارض.

كما طالت الأحكام رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي، الذي حكم عليه بالسجن 35 عامًا، والصحفيتان شذى الحاج مبارك (5 سنوات) وشهرزاد عكاشة (27 عامًا)، ما يعكس اتجاه السلطة نحو تكميم الأفواه وترهيب الصحفيين الذين يكشفون الحقائق حول قمع النظام.

في ظل هذا التصعيد الخطير، تتزايد المخاوف من أن تونس، التي كانت يومًا ما رمزًا للتحول الديمقراطي في العالم العربي، قد أصبحت دولة بوليسية يُساق فيها المعارضون إلى السجون، بينما يواصل قيس سعيد إحكام قبضته على السلطة عبر أدوات القمع والترهيب.