العدسة – معتز أشرف

في كل يوم صفعة جديدة من المحفل الحقوقي الدولي، الذي ظن الأمير السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي أنهما بمعرض عنه قبل انطلاق دورته السابعة والثلاثين، حيث صار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رغم الضغوط المتتالية عليه بحسب مراقبين، مصدر إزعاج وإحراج للنظامين اللذين يوصفان من قبل حقوقيين ومعارضين بالمستبدين والمنتهكين لحقوق الإنسان، ونرصد في هذا التقرير آخر الصفعات في الرصد السنوي للمقرر الخاص المعني بحقوق الأقليات وخبراء الأمم المتحدة.

اضطهاد سعودي!

وبحسب مرصد مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة “كوميتي فور جستس” بجنيف، فقد تصدرت انتهاكات حقوق الأقليات في السعودية مناقشات مجلس حقوق الإنسان في دورته السابعة والثلاثين، وذلك على هامش عرض السيد فرناند دي فارين، المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات تقريره الأربعاء 14 مارس 2018.

من جانبها، أشارت مؤسسة السلام لحقوق الإنسان في المناقشات العامة للتقرير، إلى أن المملكة العربية السعودية تميز بشكل منهجي ضد الأقليات، على وجه الخصوص الأقلية الشيعية، في مجال التوظيف في السياسة، في الوصول إلى المواقع الثقافية وفي النظام القضائي، في حين أن الكتب المدرسية السعودية قد قهرت وألغت الأقليات الدينية.

من جانبه، أوضح دي فارين أن التقرير حدد حالات انعدام الجنسية والنزاع العرقي والتحريض على الكراهية وخطاب الكراهية والحق الأساسي في التعليم كمجالات ذات أولوية للأقليات، مشيرا إلى أن الأقليات في العالم ظلت ضعيفة للغاية، وتواجه تمييزاً متعدد الأوجه وخطاباً يحض على الكراهية، وتتطلب اتخاذ إجراءات جماعية وحازمة من جانب جميع الأطراف المعنية.

وفي سياق متصل عبر خبراء الأمم المتّحدة عن قلقهم حيال الإعدام الوشيك في المملكة العربيّة السعوديّة لرجل اتُّهم بالتجسّس لصالح إيران، وتمويل الإرهاب ونشر العقيدة الشيعيّة، كما دعوا الحكومة إلى إلغاء حكم الإعدام، كما طالب الخبراء السلطات السعوديّة بوقف تنفيذ عمليّات إعدام 14 شخصًا آخر اتّهموا بالتجسّس لصالح إيران.

وقال الخبراء في بيان يوم 15 مارس الجاري: “يقلقنا أنّ هؤلاء الأشخاص قد تعرّضوا للتعذيب خلال الاستجواب بهدف الحصول على اعترافاتهم، وأنّ حكم الإعدام بُنى على أدلّة حصل عليه المحقّقون في ظلّ هكذا ظروف، كما أننا قلقون أيضًا حيال سلامة هؤلاء الأشخاص الـ15 البدنيّة والمعنويّة، عقب انتشار ادّعاءات بالتعذيب وبحرمانهم من العناية الطبيّة الملائمة، حيث تشير التقارير إلى أنّ الأشخاص الـ15 احتُجِزوا مع منع الاتّصال مدّة ثلاثة أشهر، حتّى إن محامي الدفاع مُنِعوا من الوصول إلى الأدّلة، ولم يحظّوا بالوقت الكافي لإعداد دفاعهم، ولا بدّ من إعادة محاكمة هؤلاء الأشخاص بما يتماشى واحترام شروط المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات الواجبة”.

قمع مصري

واصلت آليات الأمم المتحدة التصدي لانتهاكات نظام السيسي بقوة، وأدان خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة استمرار السلطات المصرية في تجريم عمل الصحفيين وملاحقتهم على أساس واجباتهم المهنية وطالب المدعي العام المصري باصدار عقوبة الإعدام ضد المصور الصحفي المصري محمود أبو زيد، المعروف باسم “شوكان”، الذي اعتقل أثناء تغطيته للاحتجاجات المناهضة للحكومة الحالية، وطالبوا بإطلاق سراحه فورا.

جاء ذلك في بيان وقعه السيد ديفيد كاي، وهو مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والسيدة آجنيس كالامار، وهي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، والسيد ميشيل فورست، وهو مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والسيد خوسيه أنطونيو جيفارا بيرموديز، وهو رئيس – مقرر مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي.

وقال خبراء الأمم المتحدة: “لا ينبغي تجريم الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين يغطون الاحتجاجات بسبب واجباتهم المهنية، ومن المؤكد أنه لا ينبغي أن يواجهوا عقوبة الإعدام بسبب قيامهم بذلك، وإن الدعوة إلى عقوبة الإعدام بعد إجراءات غير عادلة غير مقبولة: فهي مهينة للواجبات القانونية، فضلاً عن انتهاك للقانون الدولي، بل إن فرض عقوبة الإعدام في مثل هذه الظروف سيشكل حرمانًا تعسفيًّا من الحياة.

ودعا الخبراء السلطات المصرية إلى الإفراج فورًا عن “أبو زيد”، معتبرين التهم التي وجهت إليه لا أساس لها من الصحة، فيما شددوا على ضرورة أن تضمن تمكين الصحفيين من التعبير عن آرائهم ونشر المعلومات دون خوف من الترهيب أو المضايقة أو المقاضاة من أي نوع.

وأضاف الخبراء أن “حرية التعبير حق أساسي يحميه القانون الدولي، ولا يجوز لأحد أن يحظره بالاحتجاز أو بحكم الإعدام، فضلا عن أنه أيضًا حق جماعي يمكِّن السكان من المشاركة والديمقراطية.

وفي عام 2016، أوصى الفريق المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة بإطلاق سراح “أبو زيد” فورًا، ومنح حق الالتماس والتعويض، وفي 26 يناير/كانون الثاني 2018، دعا العديد من خبراء الأمم المتحدة مصر إلى وقف جميع عمليات الإعدام المعلقة في أعقاب المزاعم المتكررة للمحاكمات الجائرة.

تطبيق سريع!

تأتي هذه الإدانات الأممية، فور إعلان مجلس حقوق الإنسان طبقا لمناقشاته العامة مؤخرا، تصدر انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- وبالتحديد جرائم الطغاة الأربعة؛ عبدالفتاح السيسي في مصر، وبشار الأسد في سوريا، وحمد بن آل عيسي في البحرين، ومحمد بن سلمان في السعودية واليمن- قائمة أولويات الدول والمنظمات الحقوقية من أجل تبني مجلس حقوق الإنسان لإجراءات ضدها، بحيث تتوقف المجازر والانتهاكات الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وأصحاب الرأي.

وتناولت المناقشة العامة التي جرت الأربعاء الماضي، بشأن حالات حقوق الإنسان التي تتطلب اهتمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على هامش الدورة السابعة والثلاثين، تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر والسعودية والبحرين وسوريا وليبيا، ودعت إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة الرامية إلى معالجة مختلف الأزمات، مؤكدين أنَّ اضطهاد الصحفيين وأعضاء المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان وإسكاتهم ما زال يشكل شواغل خطيرة في العديد من البلدان، ومنها المنطقة العربية والشرق الأوسط، فيما دعوا إلى إعادة تأكيد المبادئ الديمقراطية، كطريقة لضمان أن تكون العملية الانتخابية عادلة وشاملة.