نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالًا صباح الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حول الجدل الذي حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن وبعض المسؤولين الإسرائيليين وداعميهم بعد التشكيك في إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة حول أعداد الضحايا من القتلى والمصابين.
وكان جو بايدن وإسرائيل قد صرحا في مناسبات مختلفة هذا الأسبوع بأنهم لا يثقون في البيانات التي تصدرها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة حول أعداد الضحايا الضخم، بحجة أنها وزارة تحت إدارة حماس، لكن آخرون أكدوا أن الوزارة تتمتع بسمعة موثوقة تاريخيًا ولم يسبق أن تلاعبت بالأرقام والاحصائيات.
وقال جو بايدن: “لا أعتقد أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة فيما يتعلق بعدد القتلى… أنا متأكد من أن أبرياء قتلوا، وهذا هو ثمن بدء الحرب… لكن ليس لدي ثقة في العدد الذي يردده الفلسطينيون”.
من جانبها، قالت الوزارة يوم الخميس إن القصف الإسرائيلي لغزة أدى إلى مقتل 7028 فلسطينيا، من بينهم 2913 طفلا منذ بدء العدوان منذ ثلاثة أسابيع تقريبًا.
وفي خطوة لتجنب مزاعم التلفيق والرد على المشككين، أصدرت الوزارة تقريرًا مكون من 212 صفحة بأسماء وأرقام هوية كل فلسطيني قُتل جراء القصف الإسرائيلي.
في سياق متصل، دعا مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية بايدن إلى الاعتذار عن تصريحاته “الصادمة والمهينة للإنسانية”.
وقال نهاد عوض، مدير المجلس: “أكد الصحفيون أن عدد الضحايا مرتفع، وتظهر مقاطع فيديو لا تعد ولا تحصى تخرج من غزة كل يوم جثثًا مشوهة لنساء وأطفال فلسطينيين ومباني سكنية بأكملها سويت بالأرض”.
وأضاف “يجب على الرئيس بايدن أن يشاهد بعض مقاطع الفيديو هذه ويسأل نفسه عما إذا كان الأطفال المسحوقون الذين يتم انتشالهم من تحت أنقاض منازل أسرهم افتراء أم نتيجة منطقية لما يحدث!”.
أما لوك بيكر، المدير السابق لمكتب رويترز في القدس، الذي يعتبر من أبرز من يدعون المؤسسات الإخبارية إلى التشكيك في أرقام وزارة الصحة الفلسطينية، قال في منشور على حسابه في منصة X “أي مؤسسة إخبارية تحترم نفسها ستوضح أن وزارة الصحة في غزة تديرها حماس… لدى حماس حافز دعائي واضح لتضخيم الخسائر في صفوف المدنيين قدر الإمكان. مع ذلك أنا لا أنكر أن هناك مدنيين يُقتلون”.
ويقول آخرون إن الوزارة لديها سجل حافل حول إصدار أرقام موثوقة عن الضحايا، بل إن تقرير حقوق الإنسان السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمد في وقت سابق على أرقام الضحايا التي تنشرها الوزارة نفسها في نقله عن إحصاءات الأمم المتحدة المستمدة من البيانات الفلسطينية.
في تصريحات للغارديان، قال عمر شاكر، مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في منظمة هيومن رايتس ووتش، إنه لا يرى أي دليل على التلاعب بالأرقام، وتابع “نحن نرصد انتهاكات حقوق الإنسان في قطاع غزة منذ ثلاثة عقود، اشتملت أكثر من عدوان… كانت البيانات الصادرة عن وزارة الصحة موثوقة”.
وأضاف “عندما أجرينا تحقيقاتنا المستقلة حول غارات معينة، وقمنا بمقارنة هذه الأرقام بتلك الصادرة عن وزارة الصحة، لم تكن هناك اختلافات كبيرة”.
وأضاف: “أعدادهم بشكل عام تتفق مع ما نراه على الأرض في الأيام الأخيرة… هناك مئات الغارات الجوية يوميًا في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم”، “لقد نظرنا إلى صور الأقمار الصناعية. لقد رأينا عدد المباني، والأعداد التي تظهر تتماشى مع ما كنا نتوقعه مع ما نراه على الأرض. لذا، فقد جمعت كل هذه الأشياء معًا ونحن واثقون تمامًا من العدد الإجمالي للضحايا المعلن عنه”.
وقال شاكر إن النسبة الكبيرة من النساء والأطفال الذين قتلوا تشير إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، وقال أيضًا إن هناك حاجة للتمييز بين أعداد الضحايا المباشرة التي تظهر بسرعة في أي يوم وتلك التي يتم جمعها بمرور الوقت.
على مدار السنوات الماضية، تمتعت أعداد الضحايا الصادرة عن وزارة الصحة في غزة بمصداقية كبيرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أسماء القتلى موثقة بعناية وأن الوفيات تميل إلى أن تكون معروفة جيداً في المجتمعات المتماسكة في المنطقة.
وقال شاكر: “بشكل عام، يتم فهرسة هذه البيانات بطريقة تحتوي على تفاصيل مفصلة تتضمن معلومات تعريفية عن كل شخص. وهذا جزء من سبب اعتقادنا أن هذا موثوق به”.
وذكر شاكر أن وزارة الصحة انخرطت في المعركة الأوسع للرأي العام التي واجهت فيها إسرائيل اتهاماتها بالتلاعب بأرقام الضحايا للتقليل من عدد القتلى المدنيين والادعاء كذبا بأن الفلسطينيين العزل الذين قتلهم الجيش على يد الجيش في الضفة الغربية كانوا مقاتلين.
وتابع “للأسف، عندما يكون الواقع صعب التحمل للغاية، فإن إسرائيل والعديد من حلفائها يفضلون إنكاره أو دفن رؤوسهم في الرمال… وطالما أنهم قادرون على خلق ضباب حول الحقيقة من المعلومات المضللة حول ما يحدث، فإن ذلك يوفر غطاءً للاستمرار في قتل أكثر من 100 طفل فلسطيني كل يوم”.
من ناحية أخرى، قال مسؤول بالأمم المتحدة رفض الكشف عن هويته إن وكالته استخدمت بيانات وزارة الصحة في غزة وفحصتها لسنوات، وأوضح “لم أر شيئًا يخبرني أنهم يقومون بجمع الأرقام. لقد نظرنا إلى بعض التفجيرات الإسرائيلية وأعداد القتلى التي تدعي الوزارة أنها ناجمة عن هجوم معين تتماشى إلى حد كبير مع ما رأيناه في الحروب السابقة”.
وأضاف أن سبب ارتفاع إجمالي عدد الضحايا هو أن الهجمات كانت “أكبر بكثير من أي شيء رأيناه في الحروب السابقة… الأمر لا علاقة له بتضخيم الأعداد”.
اضف تعليقا