قال نائب قائد شرطة دبي الفريق “ضاحي خلفان”، في معرض كلامه وردًا على الاتهام الموجه إليه بأنه أحد الأشخاص المقصودين برسالة حاكم دبي “محمد بن راشد آل مكتوم” والتي انتقد فيها الأشخاصالمسؤولين عن حملات التشهير التي يقودها ناشطون ومسؤولون باسم الإمارات ضد من يعتبرونها خصومها في المنطقة، وطلب “خلفان” الدليل من المدعي أو الاعتذار.

واعترف “خلفان” بقوة وتأثير الإعلام القطري، بعد ساعات من اتهامه بالإساءة إلى إرث الشيخ “زايد بن سلطان آل نهيان”، أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، مغردا: “‏كنت أسمع دائما عن قوة وتأثير الإعلام القطري وتفوقه في المنطقة وكنت أرد على كثير من الخليجيين بأنه لا عليكم منه.. ولكنه في الحقيقة اعترف اليوم بأن إعلامها وشبكات تواصلها الاجتماعي استطاعت أن تحقق أهدافها وتشوه صورة خصومها.. فهي لا تترك سبيلا إلا اتخذته للوصول إلى الغاية المطلوبة”.

جاء ذلك بعدما شن مغردون هجوما على قائد شرطة دبي السابق، بعد توجيه “بن راشد” 6 رسائل للإماراتيين بمناسبة العام الهجري الجديد، جاء في الثانية منها أن: “العبث والفوضى على وسائل التواصل الاجتماعي تأكل من منجزات تعبت آلاف فرق العمل من أجل بنائها”.

وأضاف حاكم دبي: “سمعة دولة الإمارات ليست مشاعاً لكل من يريد زيادة عدد المتابعين.. لدينا وزارة للخارجية معنية بإدارة ملفاتنا الخارجية والتحدث باسمنا والتعبير عن مواقفنا في السياسة الخارجية للدولة، وإحدى مهامها الأساسية أيضا الحفاظ على 48 عاما من رصيد المصداقية والسمعة الطيبة الذي بنته الإمارات مع دول وشعوب العالم”.

وتابع: “لن نسمح أن يعبث مجموعة من المغردين بإرث زايد الذي بناه لنا من المصداقية وحب واحترام الشعوب.. صورة الإمارات والإماراتي لا بد أن تبقى ناصعة كما بناها وأرادها زايد”.

ولم يكتفِ “بن راشد” برسالته هذه؛ بل أعلن عقب اجتماع مجلس الوزراء بقصر الرئاسة (الأول من سبتمبر/أيلول 2019)، توجيه المجلس الوطني للإعلام بـ “ضبط وسائل التواصل الاجتماعي ووضع معايير عالية لمن يدافع عن الوطن، تخاطب العقول وتكسب العقول، وتعزز من رصيد دولة الإمارات عربياً ودولياً”.

وأثار قرار “بن راشد” جدلا داخل الإمارات وخارجها، حيث اعتبر ناشطون أنه يقصد أصحاب حسابات بـ”تويتر” الذين دأبوا على ممارسة التشهير والسباب والاشتباك مع شخصيات عامة إماراتية وخليجية وإقليمية، معارضة لتوجهات ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، مثل “ضاحي خلفان” و”حمد المزروعي”.

وإزاء ذلك، رد محسوبون على “بن زايد” على مطالبة “بن راشد” بطريقتهم، حيث نشر “المزورعي” تغريدة حملت تهديدا ووعيدا وسبابا للرئيس اليمني “عبدربه منصور هادي”، بينما غرد “ضاحي خلفان”، متهكما، أنه “إن كان هذا هو المطلوب فإنه يعتذر للإخوان وقطر والحوثيين والتنظيمات الإرهابية وكل من أساء للإمارات..”، قبل أن يحذف التغريدة لاحقا.

لكن تغريدات أخرى نشرها “خلفان” ظلت حاملة لمضمون معارضة ما طالب به حاكم دبي، ومنها قوله: “أنا لست مع المغرد البذئ..الذي يتلفظ بالكلمات البذئية او يتطرق الى جوانب مخلة بالآداب العامة.. أما غير ذلك فإن المغرد له أن يرد على محاوره عبر شبكات التواصل الاجتماعي…بالرد المطلوب”.

وأضاف: “التراجع في حرية التعبير يضعنا في خانة التنافسية العالمية بمكانة متدنية”.

وفي أكثر التغريدات وضوحا بانتقاد قرار حاكم دبي تابع “خلفان”: “كان يمكن منع المغرد الذي يتلفظ بالفاظ بذئية ضد أعراض الناس دون تحطيم الروح المعنوية الوطنية للمغرد الاماراتي..الشريف.. لكن مع الأسف الشديد إن المغردين الخصوم يتعرضون لأعراض الاماراتيين بكل وقاحة..وهم كثر”.

وردا على اتهامه بالإساءة على إرث الشيخ زايد، اختتم “خلفان” تغريداته: “إن كان هناك من ابناء الامارات لا قدر الله من يقول انني لم احافظ على ارث زايد وقيمه..عليه ان يقيم الدليل..أو يعتذر”.

وأثارت ردود “خلفان” و”المزروعي” استغراب متابعين حول سبب عدم امتثال هؤلاء الموظفين لتعليمات نائب رئيس الدولة، وطرحهم لتساؤلات حول من يقف خلف وراء “جرأتهم” ومن هو صاحب المصلحة في إظهار عدم استجابتهم لثاني أرفع مسؤول إماراتي. وسط اتهامات موجهة لولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”.

ومن هنا، اعتبر مراقبون تعليق وزير الخارجية الإماراتي “عبدالله بن زايد” على انتقادات حاكم دبي “محمد بن راشد” بمثابة رفض مبطن لها.

وكتب “بن زايد”، عبر حسابه بـ”تويتر”، أن “التغريد من أجل الوطن يزيده ولا ينقصه يبنيه ولا يهدم ما تم بناؤه”، مضيفا: “التغريد من أجل الوطن مهمة نبيلة نؤديها بأخلاق عالية وبعقلانية تعكس تحضرنا بمنطق يخاطب العقول ويفتح القلوب”.

وتعددت تقارير عن توتر كبير في العلاقات بين “محمد بن راشد” و”محمد بن زايد”، حيث يرى الأول أن الأخير أضر بسمعة الإمارات الإقليمية والدولية بنهجه المتهور والمتدخل في شؤون الدول، ودعم توجهات بعينها ضد الأخرى، علاوة على انخراطه في حرب اليمن مع السعودية، مما ترتب عليه تأثر دبي سلبا بشكل غير مسبوق، حيث تقوم الإمارة على أسس اقتصادية لا تتحمل قلاقل سياسية أو أمنية، لا سيما أنها تعرضت لهجمات من الحوثيين.