إبراهيم سمعان
كشفت صحف فرنسية عن الأسباب الرئيسية وراء طرد السعودية السفير الكندي من أراضيها واستدعاء سفيرها في أوتاوا للتشاور بدعوى التدخل في الشئون الخارجية، فيما بدأ الطلاب السعوديون الذين يدرسون في كندا مغادرة البلاد.
وقالت صحيفة “لودوفوار”: أخذت العلاقات المتوترة بالفعل بين كندا والمملكة العربية السعودية منعطفا حادا غير متوقع، الأحد، حيث أعلنت المملكة طرد السفير الكندي في الرياض دينيس هوراك، وفي الوقت نفسه، استدعت سفيرها في أوتاوا وأمرت بتجميد العلاقات التجارية مع كندا.
وأضافت: تقول السعودية إن قرارها جاء رداً على “تدخل” الحكومة الكندية في شؤونها الداخلية، وذلك بعد غردت وزيرة الخارجية، كريستيان فريلاند، على تويتر أنها “شعرت بالقلق الشديد عندما علمت بسجن سمر بدوي، أخت رائف بدوي، في السعودية”.
وأكدت الوزيرة الكندية في تغريدتها أن بلادها تدعم عائلة بدوي في هذه المحنة الصعبة، “وما زلنا ندعو بقوة إلى إطلاق سراح رائف وسمر بدوي”، وفي اليوم التالي، عبرت السفارة الكندية في الرياض عن “قلقها العميق” أيضا من موجة الاعتقالات الجديدة التي استهدفت نشطاء حقوق الإنسان.
وفي بيان صدر على وسائل الإعلام الاجتماعية الأحد، قالت الحكومة السعودية إنها “لن تقبل من أي بلد التدخل في شؤونها الداخلية أو تفرض عليها الإملاءات”، وأعلنت أن السفير الكندي لديه 24 ساعة لمغادرة البلاد.
ووفقا لرشاد أنطونيوس، أستاذ علم الاجتماع في جامعة كيبيك بمونتريال، رد فعل النظام السعودي “غير متناسب”، وقال “إنه مفرط بعض الشيء لأن الضغوط الكندية كانت لا تزال رمزية تماماً”.
وأكد، أنطونيوس المتخصص في الشأن العربي، أنه من خلال هذا العمل يسعى نظام الملك سلمان بن عبد العزيز قبل كل شيء لإرسال طلقة تحذيرية إلى جميع الدول الغربية.
وبين أن الحكومة السعودية تتعرض لضغوط متزايدة من الداخل والخارج “أعتقد أن النظام قرر أن يرسل رسالة، ليس فقط لكندا ولكن لبلدان أخرى أيضا ليقول لهم إن هذا قد يكلفهم إذا زادوا الضغط على السعودية”.
ولفت إلى أن تجميد السعودية للعلاقات التجارية لن يكون كارثيا للاقتصاد الكندي، “لكنهم يعرفون أن كندا معرضة للخطر الآن بسبب الضغط الأمريكي على التجارة الحرة والتعريفات الجمركية وبحاجة إلى تنويع صادراتها”.

كما شدد على أن التغييرات التي شهدتها السعودية في الأشهر الأخيرة كانت سطحية فقط “أراد النظام أن يحسن صورته، من خلال السماح للنساء بقيادة السيارة، لكن الرغبة في الخروج من الظلامية محدودة للغاية وخجولة وأعتقد أنها ليست حقيقية في الواقع”.
من جهته رأى “راديو فرنسا الدولي” أن تجميد العلاقات بين كندا والسعودية، جاء بعد فترة من تحسنها بين البلدين في ظل الحكومة السابقة بأوتاوا، حيث وتم إبرام عقد بقيمة عشرة مليارات يورو لبيع مركبات مدرعة خفيفة للسعوديين.
ومع وصول الليبراليين للسلطة أصبح الاتفاق محرجًا لهم، بعد أن نشر مقاطع فيديو تظهر استخدام هذه السيارات ضد المدنيين في جنوب المملكة، حيث نأت الحكومة بنفسها عن الرياض وهذا قد يفسر ضراوة رد السعودية على الانتقادات الكندية.
أما بسمه موماني من جامعة واترلو في كندا فقال لوكالة فرانس برس “من السهل على السعودية قطع العلاقات مع كندا، فمقارنة ببلدان أخرى، لا توجد علاقات تجارية قوية، وقد يكون مهاجمة حكومة ترودو بعض الصدى بعد أن يذهب حلفاء المنطقة إلى الحرب في الشرق الأوسط”.
وعلى الصعيد ذاته ذكر “راديو كندا” أن السعودية علقت جميع برامج التبادل الطلابي مع كندا وستنقل جميع الذين قاموا بدراسات هناك لدول أخرى، حيث يدرس في هذا البلد نحو 15 ألف سعودي.