حتى الآن، لم تسفر اتفاقات التطبيع “الدبلوماسية” بين إسرائيل واثنين من دول الخليج إلا عن انقسامات واضحة في العلاقة بين فلسطين والحكومات العربية، وأثارت تساؤلات حول ما إذا كان لا يزال من الممكن الاعتماد عليها لمناصرة القضية الفلسطينية.

على مدى سنوات، عمقت إسرائيل من علاقاتها مع العالم العربي، مع التركيز على دول الخليج القوية التي تشترك معها في عدد من المصالح، كاعتبار إيران عدو مشترك، بالإضافة إلى سعي دول الخليج إلى الحصول على الأنظمة الإسرائيلية عالية التقنية في المجالات الأمنية ومجالات التجسس، وقد تُوجت تلك الجهود الإسرائيلية باتفاقيتي تطبيع لإقامة علاقة تجارية ودبلوماسية مفتوحة مع الإمارات والبحرين، تم توقيعها الأسبوع الماضي في احتفال بالبيت الأبيض.

لا يمكن تسمية هذه الاتفاقيات بأنها اتفاقيات سلام، فالدول الثلاث لم تكن في حالة حرب مع بعضهم البعض أبداً، بل لطالما كانت هناك تبادلات غير “مُعلنة”، لتقوم هذه العلاقات العامة شيئاً فشيئاً في تحطيم العزلة الواسعة النطاق التي كانت تعاني منها إسرائيل في المنطقة – وهي العزلة التي استمرت لعقود، وكانت تعتمد عليها القيادة الفلسطينية في النضال من أجل الاستقلال.

في حواره للغارديان حول الرأي الفلسطيني في صفقات التطبيع مع إسرائيل، قال السياسي الفلسطيني البارز صائب عريقات “نحن بالتأكيد نشعر بالخيانة”، وأدان الصفقات ووصفها بأنها “تشجيع كبير للحكومة الإسرائيلية على مواصلة احتلالها”.

وأضاف السفير الفلسطيني في المملكة المتحدة، فقد حذر من أن فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة قد تم تقويضها الآن، فبموجب مبادرة السلام العربية لعام 2002، أعلنت الدول العربية أن إسرائيل لن تحصل على علاقات “طبيعية” إلا مقابل صفقة إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين وإنهاء الاحتلال.

وفي مقال للكاتب الفلسطيني د. حسام زملط في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، قال “يبرر البعض صفقات التطبيع هذه بضرورة اللجوء لأساليب جديدة طالما أن الطرق القديمة فشلت… لكن كمسألة منطقية أساسية، من الواضح أن إسرائيل لن تُنهي احتلالها بدافع من لطف قلبها – كان بإمكانها فعل ذلك من قبل حيث كان أمامها العديد من الفرص”.

وأضاف “كان من الممكن أن تفعل ذلك إذا كانت الأطراف متساوية والعروض مناسبة، لكن هذه العروض والحوافز لا قيمة لها الآن بعد أن كافأت الإمارات والبحرين إسرائيل مقابل لا شيء”.

نبرة واضحة من اليأس تسيطر على الفلسطينيين، سواء الشعب أو النخبة، حيث يعتبرون أن صفقات التطبيع ما هي إلا طعنة في الظهر، لن تساهم إلا في تقويض فرص إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وما زاد من هذا اليأس تصريحات دونالد ترامب إبان توقيع البحرين والإمارات صفقات التطبيع، حيث قال إن العديد من الدول العربية ستعلن قريباً عن نيتها توقيع اتفاقيات مماثلة.

أطلقت واشنطن على “اتفاقات أبراهام” أنها مفاجأة، على الرغم من ذلك، توقعها الكثيرون منذ فترة ليست بالقصيرة بسبب العلاقات “غير الرسمية” المتبادلة بين أطراف الاتفاقات، مع ذلك، لا زال وقع هذه الاتفاقات مؤلم وبصورة كبيرة على الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة.

“اتفاقيات التطبيع الأخيرة تقوم على المصلحة البحتة”، هكذا علق شادي أبو سمرة، 35 عاما، أخصائي اجتماعي من مدينة رام الله، مضيفاً “لا أحد يهتم بالقضية الفلسطينية… أنا لست مندهشا على الإطلاق… كان أمراً متوقعا يوما ما… كانت هناك علاقات منذ فترة طويلة بين إسرائيل ودول الخليج “.

أما المواطنة داليا كرزون، معلمة الرياضيات من نفس المدينة، قالت إن “دول الخليج تريد بناء جبهة ضد إيران بمساعدة إسرائيل وأيضًا لإرضاء ترامب، الذي تضم قاعدة دعمه في الولايات المتحدة المسيحيين الإنجيليين المؤيدين بشدة لإسرائيل”.

لكن ما أحبطها ]داليا[ هو أن الإمارات والبحرين صرحوا أن الاتفاقات ستصب في مصلحة الفلسطينيين، “يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون، لكن لا ينبغي أن يربطوا ذلك بمصلحتنا، لأن مصلحتنا هي إنهاء الاحتلال وليس التصالح معه”.

وقال عرفات الدفع، وهو طالب من غزة يبلغ من العمر 21 عاماً، إن هذه الخطوة تزيد ببساطة من خيبة أمل الفلسطينيين “من العرب، ومن العالم”.

من ناحية أخرى، يشعر حلفاء القيادة الفلسطينية بالقلق، في حين أن الأردن هو الدولة الأخرى باستثناء مصر التي وقعت اتفاقية سلام رسمية مع إسرائيل في أعقاب الحروب المدمرة، إلا أن اللامبالاة التي قوبلت بها تلك الاتفاقيات في العالم العربي هي مصدر القلق الرئيسي.

في تصريحاته حول الموضوع فجر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه المشكلة، حيث قال “عندما ننظر إلى موقف دول العالم الإسلامي من هذه الخطوة، أشعر بالشفقة علينا… السعودية التزمت الصمت.. وكذلك عمان والبحرين وقيادة أبو ظبي”، مضيفاً “الدول العربية التي تدعم مثل هذه الخطة تخون القدس وشعوبها والأهم من ذلك كله الإنسانية”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا