العدسة – معتز أشرف

يقولون عاد الجنرال المثير للمتاعب خليفة حفتر إلى بلاد عمر المختار في صحة تامة، بعد أن كانت أخبار وفاته في صدارة بورصة الأخبار، لكن ما المانع أن يكون الذي عاد هو شبيه خليفة حفتر؟، ففي ظل الروايات التي تحدثت عن وفاته، والتي صدرت عن مصادر رفيعة المستوى يمكن أن ننظر إلى هذا الاحتمال -حتى لو كان ضعيفًا- بوجاهة، خاصة أن للمخابرات العراقية تجربة بارزة في هذا الصدد مع شبيه صدام حسين، ومن زاوية الشبيه نرصد الملابسات التي تؤكد ذلك ونلقي السؤال مفتوحًا دون إجابة في رمال ليبيا المتحركة!.

تضارب الأنباء

أفادت وكالات أنباء دولية بصورة متواترة، بورود أنباء عن وفاة القائد العام للجيش الليبي ​​خليفة حفتر،​ إثر إصابته بجلطة دماغية، في 13 أبريل الجاري، في الوقت الذي كان ينفي فيه المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، العميد ​أحمد المسماري، تلك الأخبار إلا أن نفي النفي الرسمي كان أعلى صوتًا وصخبًا، حيث أكدت تقارير إعلامية ومصادر ليبية وغربية ذكرت تدهور حالة “حفتر” الصحية بعد إصابته بجلطة دماغية، فجانب وكالة الأناضول للأخبار، نشرت قناة “التناصح” الليبية المعارضة خبرًا عاجلًا بشأن وفاة “مجرم الحرب خليفة حفتر بالعاصمة الفرنسية باريس”، في حين أوردت قناة “ليبيا الأحرار” أن مصدرًا طبيًّا قال إنه أبلغ أفراد عائلة “حفتر” بأن الوضع الصحي لوالدهم “حرج” جدًّا، وكان الصحفي والنائب المصري الموالي للنظام المصري الحاكم مصطفى بكري قد نقل خبر وفاة “حفتر” في تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي توتير قبل أن يتراجع وينفي الخبر، كما أكد موقع إذاعة فرنسا الدولية (حكومي) أنه لم يعد بإمكان الدائرة المقربة للواء حفتر إنكار المعلومات بشأن الحالة المتدهورة لصحته، ونقلت صحف غربية عن الصحفي الفرنسي إيغو فانسو قوله على حسابه في “تويتر” أن مصادر مؤكدة كشفت عن وصول “حفتر” لفرنسا مصابًا بنزف في الدماغ، وأن حالته الصحية “خطيرة”.

الوفاة لم تكن حاضرة في التقارير الإعلامية، بل وصلت إلى التقديرات الإستراتيجية التي تصدر عن مراكز بحثية لها وزنها، ففي تقدير موقف أصدره “مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط” التابع للمجلس الأطلنطي في واشنطن، ونشره (العدسة)، أكد التقدير أن الفرصة متاحة لتأمين مستقبلٍ أفضل لليبيا في الفترة المقبلة، بشرط أن يتحرك الجميع في اتجاه تعويض غياب الجنرال خليفة حفتر، الذي له أبعاد خطيرة حتى الآن قد تنفجر في وجه البعض، كما شدد على أنه يمكن أن يوفر موت “حفتر” فرصة لإعادة إحياء الحوار السياسي، لكن يمكن أيضًا أن يؤجج الصراع بين الفصائل المتنافسة في ليبيا، مما سيزيد من تمزيق البلاد، مشيرًا إلى أن “حفتر” قد عزز قوته في شرق البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.

فكرة الشبيه!

المخاوف التي طرحتها التقديرات الإستراتيجية والمحللون، قد تذهب بنا إلى فكرة فانتازيا صادمة للبعض، ولكن لها ما يعضدها في الواقع وفي المشاهد السياسية، وهي فكرة الشبيه، فلماذا لا نشك أنه في ظل عدم التوصل إلى بديل مناسب للجنرال خليفة حفتر، قد تقدم شبيه الرجل إلى الساحة فجأة بعد استقراره في سرير المرض وذهاب التقارير إلى وفاته.

المخابرات العراقية كانت سابقة في هذا الاتجاه، حيث يعد مخائيل رمضان صالح، الشبيه الرئيسي للرئيس العراقي الراحل صدام حسين لدرجة لا يمكن لأحد تمييزه، حيث قامت المخابرات العراقية بتدريبه على تقمص شخصية الرئيس، ما جعل من هذا الرجل خط الدفاع الأول عن الرئيس!.

وبحسب تقارير إعلامية متواترة، يوجد العديد ممن يشبهون رؤساء الدول، لدرجة أن الأمر وصل لإثارة شكوك كثيرة، لاسيما إذا تعلق الأمر برئيس راحل ثار حول مقتله الكثير من التشكيك كحالة صدام، ورغم إعدامه إلا أن الشكوك تثار بين الحين والأخر حول حقيقة مقتله، لاسيما في ظل وجود أكثر من شبيه له بجانب مخائيل رمضان صالح، الشبيه الرئيسي لصدام، ظهر شبيه له من جديد، عبر مقطع فيديو نشر يوم 20 مايو 2013، خلال اعتصام نشامي الأردن أمام سفارة العراق بعمان، وأجج ظهور شبيه صدام حسين المشاركين الذين هتفوا باسم الرئيس العراقي الراحل فور رؤيتهم لسائق التاكسي الشبيه ورفعوه على ظهر سيارته.

والديكتاتور المصري عبدالفتاح السيسي ظهر له أكثر من شبيه، كما أن المواطن رمضان السوهاجي ظهر بقوة بعد أن تطابق شكله مع الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب لمصر، كما رصدت تقارير عدة صور المواطن مدحت أبو العز شبيه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي يعيش بالعباسية، والمواطن محسن منسي شبيه الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والمواطن حجاب عبد الله، شبيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ورجل الأعمال في مدينة فولجودونسك الجنوبية، أناتولي جروبونوف، شبيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والإندونيسي إلهام أنس، شبيه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والمواطن السوري عبدالله محمد، شبيه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، كما تم تداول صور شبيه رئيس ليبيا الراحل معمر القذافي على أنه حي في فترات سابقة، وترصد تقارير إعلامية 14 صورة شبيه، لزعماء ورؤساء في دول العالم، فلماذا لا يكون العائد إلى ليبيا هو الشبيه لحفتر؟.

شبيه الديكتاتور السوريبشار الأسد ليس ببعيد عن السلطة، حيث يعمل ضابطًا طيارًا في سلاح الجو، لكن قوات الجيش الحر أسقطت طائرته، وأصبح في أيديهم كأسير، لكن الأكيد أن عناصر الجيش الحر لا يريدون اعتقال “الشبيه”، بل النسخة الأصلية من بشار الأسد، غير أن الأب “الأسد” كان أيضًا له شبيه ظهر آنذاك، وقيل إنه كان في واجهة الأحداث على الميدان، كما كان للراحل “الخميني” مؤسس الثورة الإيرانية، هو الآخر شبيه والرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، وفي الأراضي المحتلة كان “شبيه أبوعمار“، أضحى محط حديث الشارع، بعد أن أفلح سميرات المقلد الهاوي البارع في تجسيد وتقمص شخصية الزعيم الفلسطيني الأسطورة، صورة وصوتًا، حركة وهندامًا، لدرجة انطلت معها على جندي إسرائيلي صاح على مسافة عامين من رحيل الرئيس الخالد: “عرفات.. إنه عرفات”، وهو يشير بذهول إلى الشخص بالكوفية السمراء – المعهودة – والبزة الزيتية، في المقعد الخلفي لمركبة كان يدقق في بطاقات ركابها.

الجنرال المريض!

وفي المقابل، يطرح سيناريو آخر نفسه بقوة، إذا سلم المراقبون بصحة شخصية الجنرال المثير للجدال خليفة حفتر، فماذا يعني عودة جنرال مريض إلى سدة القرار في وطن تتكاثر في الأزمات؟!، ووفق موقع صحيفةميدل إيست آي” البريطانية، فإن اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يحكم شرق ليبيا، كان يرقد في حالة غيبوبة كاملة تقريبًا بسبب مشاكله الصحية، حيث عانى من سرطان الرئة الذي انتقل إلى دماغه، بحسب ما نقل دبلوماسي أوروبي، والذي أضاف أن “حفتر” عاجز عن النطق أو حتى الإدراك الكامل، ولا يمكنه حتى الجلوس أو الوقوف، والطبيب المعالج يقول إنه حتى إذا استجاب جزئيًّا للعلاج فسيكون مؤقتًا، ولن يعود طبيعيًّا مرة أخرى.

وبفرض أن الجنرال المريض تخطى كل هذه الصعوبات الصحية فجأة، وظهر في المشهد ليمارس مهامه، فيبدو أنه سيكون كعروسة الماريونيت، فوفق مراقبين، فإن انقلابات “حفتر” المتكررة، ووقوفه عقبة في أية خطوات تقاربية في الملف الليبي، يعود إلى ولاء الرجل الشديد لكل من “الإمارات ومصر” وهما الدولتان اللتان لا ترغبان أبدًا أن تستقر الأوضاع في ليبيا وتهدأ على اتفاق دولي يضم القوى الإسلامية في طرابلس ويعتبرها شريكًا في حكم ليبيا، حيث تسعى “القاهرة ومعها أبو ظبي” إلى إقصاء الإسلاميين بكل قوة من ليبيا، كما يسعيان للسيطرة على ثروات البلاد النفطية، من خلال بسط أجندتهم السياسية والعسكرية بالقوة عن طريق الجنرال خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا، وهو ما يجعله يواصل مهامه من على كرسي المرض حتى حين، سواء كان هو بشخصه أم بشبيه!