أعرب محامون يمثلون ولي العهد السعودي السابق عن قلقهم المتزايد بشأن سلامته، زاعمين أن الأمير محمد بن نايف لم يُسمح له بزيارات طبيبه الشخصي مع رفض السلطات الإفصاح عن مكان اعتقاله رغم مرور نحو خمسة أشهر على اعتقاله.

وقال الممثلون القانونيون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية القضية، لصحيفة فاينانشال تايمز إن عائلته لم تتمكن من زيارته منذ أن تم اعتقاله من قبل قوات الأمن السعودية هو وشقيقه الأمير نواف وعمهما الأمري أحمد بن عبد العزيز في مارس/آذار الماضي.

وقال المحامون إنهم “لا يعرفون مكان احتجازه، كما أن المكالمات الهاتفية التي نتلقاها منه لا يُسمح له فيها بالإفصاح عن مكانه أو ظروف اعتقاله.. لا أحد يستطيع رؤيته.. كما لم يتم توجيه أي تهمة لهم حتى الآن “.

وأضاف المحامون “في البداية، كانت أسرة الأمير محمد بن نايف على اتصال هاتفي منتظم معه، لكن ذلك أصبح محدودًا”، وتابعوا “نعتقد أن السلطات تراقب المكالمات الهاتفية”.

وبحسب مصادر مطلعة، كان الأمراء في استراحة تابعة لهم في الصحراء عندما تم اعتقالهم في مارس/آذار، واستمر اعتقالهم حتى الآن قبل أن يتم الإفراج عن الأمير نواف هذا الشهر، لكن لم ترد معلومات عن الأميرين الآخرين على الرغم من كونهم يعانون من مشاكل صحية.

يُعتبر الأمير محمد بن نايف والأمير أحمد من المنافسين المحتملين لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للمملكة العربية السعودية، والذي أدى صعوده السريع إلى السلطة إلى زعزعة عملية الخلافة التقليدية، حيث تم عزل الأمير محمد بن نايف (60 عاماً) في يونيو/حزيران 2017، وتعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد بدلاً منه، كما تم احتجاز الأمير محمد بن نايف قيد الإقامة الجبرية وتجريده من جميع سلطاته بعد عزله من منصب ولي العهد.

زادت مخاوف المحامين بشأن سلامة الأمير محمد بن نايف بعد أن قيام أحد مساعديه المقربين السابقين، سعد الجبري، باتهام محمد بن سلمان علناً باستهدافه هو وعائلته، لاطلاعه على أسرار خطيرة بسبب علاقته بالأمير محمد بن نايف، حيث كان أحد كبار مساعديه حين كان الأخير يشغل منصب وزير الداخلية.

وكان سعد الجبري قد رفع دعوى قضائية -هذا الشهر- في الولايات المتحدة يتهم فيها ولي العهد بإرسال فريق اغتيال لاغتياله في المنفى في كندا قبل عامين.

كما اتهمت عائلة الجبري محمد بن سلمان باحتجاز اثنين من أبنائه – سارة (20 عاما) وعمر (22 عاما) – في مارس / آذار واحتجازهما بمعزل عن العالم الخارجي للضغط على السيد الجبري للعودة إلى المملكة.

وقال المحامون إنه بعد فترة وجيزة من إعلان عائلة الجبري عن مخاوفهم بشأن مكان عمر وسارة، طلب الأمير محمد بن نايف إرسال كشوف حساباته المصرفية إليه، وهو طلب قال المحامون إنه يعتقدون أنه تم تحت الإكراه.

وأضاف المحامون أن “ظروف احتجاز الأمير [محمد بن نايف] الحالية – وحقيقة عدم تمكن أي مصدر مستقل من التحقق من سلامته – تشير إلى أنه لا ينبغي اتخاذ أي إجراء بشأن أي تعليمات يُزعم أنها صادرة عنه، حيث لا يبدو أنها صدرت بشكل شرعي بمحض إرادته”.

وأوضح المحامون أن مخاوفهم تتزايد الآن من أن يتم استهداف زوجة الأمير محمد بن نايف وابنتيه، اللتين مُنعتا من مغادرة المملكة لأكثر من عام، للضغط على ولي العهد السابق.

لم تعلق السلطات السعودية علانية على قضيتي الجبري أو الأمير محمد بن نايف، كما لم ترد الحكومة على طلب للتعليق.

قال شخص مقرب من الديوان الملكي إن السلطات السعودية اتهمت السيد الجبري بقيادة فريقًا في وزارة الداخلية قاموا بإهدار نحو 11 مليار دولار من أموال الدولة، كما تم اختلاس من 4 مليارات إلى 6 مليارات دولار وتهريبهم خارج البلاد.

وأضاف المصدر السابق أنه لا توجد مزاعم فساد مماثلة ضد الأمير محمد بن نايف، الذي كان قبل ثلاث سنوات أحد أقوى المسؤولين في المملكة، وكذلك أحد أبرز الشخصيات في الخارج.

من جانبهم، رفضت أسرة الجبري مزاعم الفساد الموجهة إليه، واعتبرت أنها تهم ذات دوافع سياسية.

من الجدير بالذكر أن وكالات الاستخبارات الغربية ينسبون الفضل إلى الأمير محمد بن نايف والسيد الجبري في قيادة حرب المملكة ضد المتطرفين الإسلاميين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهو ما يفسر العلاقات القوية التي تربط الرجلين مع نظرائهما في واشنطن ولندن، وكذلك مع كبار السياسيين في تلك البلدان.

فيما يتعلق بالأمير أحمد، الأخ غير الشقيق للملك سلمان، فقد كان يعيش في الخارج بعد تولي محمد بن سلمان مقاليد الأمور في البلاد، وقد تم تفسير ذلك على أنه علامة على استيائه من الاتجاه الذي كانت تتخذه المملكة تحت قيادة ولي العهد الشاب، إلا أنه ]الأمير أحمد[ عاد إلى المملكة بعد فترة قصيرة في الخارج بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، وهي الحادثة التي أثارت أكبر أزمة دبلوماسية للرياض منذ عقود.

في وقت اعتقالهم، أشار أشخاص مقربون من الديوان الملكي إلى أن اعتقالهم كان علامة أخرى على حملة بن سلمان لتعزيز سلطته من خلال إرسال رسالة إلى أفراد آخرين من العائلة المالكة مفادها أنه لن يتم التسامح مع أي تحرك معارض له ولسياساته، خاصة وأن سعي ولي العهد لتحديث المملكة المحافظة رافقه موجات من الحملات القمعية التي استهدفت أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال والأكاديميين والنشطاء والمدونين والصحفيين.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا