اجتمعوا على ألا يجتمعوا، كان هذا الشعار الذي رفعه الخليجيون خلال القمة 38 التي عقدت الثلاثاء 5 ديسمبر، دون حضور يذكر من زعماء وقادة دول الحصار على قطر.

حيث شهدت قمة الكويت أدنى مستوى من التمثيل في تاريخ القمم الخليجية السابقة، منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي عام 1981، ولم يشارك في هذه النسخة التي عقدت بالكويت سوى أمير الكويت، وهي الدولة المستضيفة، وأمير قطر تميم بن حمد، فيما غاب عنها قادة كل من السعودية والبحرين والإمارات، وهي الدول المحاصرة لجارتها قطر، بالإضافة إلى غياب ملك عمان.

عول كثيرون على عقد هذه القمة، خاصة في ظل الأجواء التي تعيشها منطقة الخليج، وحاجتها لمناقشة الكثير من القضايا العالقة والهامة التي تعصف بها، بدءا من حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر منذ 5 يونيو الماضي، مرورا بحرب التحالف العربي في اليمن ومقتل المخلوع علي عبد الله صالح، ووصولا إلى الاستفزاز الأمريكي للفلسطينيين عبر إعلان دونالد ترامب نيته نقل سفارة بلاده إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.

كل هذه الأزمات التي تحتاج إلى توحد الصف العربي والخليجي لم تصمد أمامها القمة الأسرع في التاريخ، والتي انعقدت لـ 75 دقيقة فقط، وهو الأمر الذي أصاب الشارع العربي والإسلامي بصدمة.

أما الغريب في الأمر فهو إصدار البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي دون التطرق إلى الأزمة الداخلية التي تعصف بالدول الأعضاء، حيث كانت الآمال معلقة على هذه القمة في حلحلة الأزمة، لاسيما المسؤولين الكويتيين الذين سعوا منذ بداية تلك الأزمة وحتى الآن في الوصول إلى حل لها، لكن غياب قادة وزعماء الدول الأعضاء بالمجلس عن القمة مثل خيبة أمل كبيرة للجميع، وأفشلها من قبل أن تنعقد.

 

سلبية مجلس التعاون

يرى البعض أن سلبية مجلس التعاون في مواجهة أزمة حصار قطر، وعدم قدرته على التعامل معها حتى الآن وتجاهلها، يكون قد فشل في تحقيق الأهداف الأساسية التي أنشئ من أجلها.

فالمادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس تؤكد على تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها، لكن هذه النقطة بالتحديد خالفها نصف دول المجلس “السعودية والبحرين والإمارات”، عندما قاموا بمحاصرة قطر اقتصاديا وسياسيا وجويا وبحريا ومنعوا عنها كافة الإمدادات.

 

مفاجأة الإمارات والسعودية

قبل انعقاد القمة بساعات قليلة أعلنت خارجية الإمارات عن تشكل لجنة عسكرية واقتصادية جديدة مع المملكة العربية السعودية بعيدا عن مجلس التعاون الخليجي، موضحة أن اللجنة ستتولى التنسيق بين البلدين في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.

خروج مثل هذا البيان في هذا التوقيت يعكس نية البلدين في تهميش مجلس التعاون الخليجي وإخراجه من جوهره وأهدافه الحقيقية، وهو الذي أنشأ من أجل هذه الأغراض التي أعلنت عنها الإمارات في اتفاقيتها الجديدة مع السعودية، مما جعل كثيرا من المراقبين يطرحون العديد من التساؤلات منها: ما هو الهدف من هذه الاتفاقية في ظل وجود مجلس التعاون؟، وما هو الهدف من الإعلان في هذا التوقيت تحديدا؟، وما هو موقف الدولتين من مجلس التعاون بعد توقيع الاتفاقية؟ وأسئلة كثيرة أخرى.

من المعروف أيضا أن الدولتين “السعودية والإمارات” متحالفتان عسكريا منذ فترة طويلة، وتحاربان معا تحت راية التحالف العربي في اليمن ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

 

هل انتهى مجلس التعاون؟

في ظل الأزمة التي تسببت فيها دول الحصار مع قطر، والاتفاقية التي أبرمتها السعودية والإمارات بتشكيل لجنة عسكرية واقتصادية جديدة، ربما يكون ذلك مؤشرا لسعي الدولتين لإنشاء تحالف جديد بعيدا عن مجلس التعاون، وفي هذه الحالة فإن العرف يقول إن مجلس التعاون قد انتهى فعليا، وأن دوره الأساسي الذي أنشئ من أجله أصبح جزءا من الماضي بعد ظهور الكيان الجديد.

ومن المؤكد أن كلا من الدولتين “السعودية والإمارات” ستسعيان إلى توسيع ذلك التحالف، وضم بعض الدول الخليجية الحليفة إليه، أبرزها “البحرين”، ليصبح نصف دول مجلس التعاون داخل هذا التحالف، فإذا ما انسحبت هذه الدول الثلاث منه ينتهي أمره.