ترجمة – إبراهيم سمعان:

أكد الكاتب الصيني “سيمون شين”، أن قطر تمكنت من قلب الطاولة على السعوديين، عقب الحصار الذي قادته الرياض ضد الدولة شبه الجزيرة.

وأوضح في مقال نشرته “هونج كونج إيكونوميك جورنال”، أن الدوحة نجحت في المرور بسلام من الأزمة، حتى في مواجهة الهجمات المستمرة التي يشنها السعوديون، مشيدًا بالحكمة والعزيمة التي أظهرها شعب قطر في جهودهم للتغلب على الحصار.

ولفت إلى أن الدوحة استغلت الفرصة التي قدمتها الأزمة لتعزيز وإبراز قيمتها الإستراتيجية الخاصة في أعين القوى الغربية الكبرى.

وشدد على أنه طالما كانت قطر قادرة على الحفاظ على قنواتها المباشرة للحوار مع الولايات المتحدة، فلا يوجد في الأساس شيء يمكن أن يهدد بقاءها.

وأشار إلى أن الجانب الإيجابي في الأزمة، أنها ساعدت في توحيد البلد بأكمله، ووفرت لحكومة قطر فرصة ذهبية للترويج للتوعية الوطنية في البلاد.

وإلى نص المقال:

في صيف 2017، واجهت قطر فجأة مقاطعة دبلوماسية شاملة، تحت قيادة السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبعض الدول العربية الأخرى، مثل البحرين.
بعد مرور عام، يبدو أن أسوأ أزمة دبلوماسية على الإطلاق في منطقة الخليج العربي، ما زالت مستمرة.
الأسوأ من ذلك، يبدو أن السعودية والإمارات العربية المتحدة، تصعدان الأمور ضد قطر، حيث أعلن البلدان مؤخرًا أنهما سيبنيان “قناة” كبيرة على طول الحدود المشتركة بين السعودية وقطر، في محاولة لتحويل الأخيرة بالكامل إلى “جزيرة صحراوية”.
وفي الوقت نفسه، خطط البلدان أيضًا لإنشاء منطقة عسكرية، وكذلك موقع للنفايات النووية بالقرب من قطر من أجل مزيد من الترويع للجارة الصغيرة.

كنت في قطر في الآونة الأخيرة، ووجدت أنه خلافًا للاعتقاد السائد، بقيت البلاد سليمة إلى حد كبير، وغير مضطربة حتى في مواجهة الهجمات المستمرة التي يشنها السعوديون.
في الواقع، كنت معجبًا جدًّا بنوع الحكمة والعزيمة التي أظهرها شعب قطر في جهودهم للتغلب على الأزمة.

صحيح أنه كان هناك تدافع قصير، حيث سارع الناس إلى تخزين الطعام وغيره من الضروريات اليومية مباشرة، بعد أن شنت السعودية والإمارات هجومهم الدبلوماسي.

ومع ذلك، فقد ذهب الخوف بين القطريين سريعًا، واستعيدت ثقتهم بعد أن طمأنت إيران وتركيا الحكومة القطرية بأنها ستضمن توفير الغذاء والموارد الأخرى للبلاد.

بفضل الدعم المادي لطهران وأنقرة، سرعان ما عادت الحياة اليومية في قطر إلى طبيعتها.

وفي الوقت نفسه، مع بقاء بعض دول الخليج مثل الكويت وعمان محايدين طوال الأزمة الدبلوماسية، فقد وفر هذا لقطر “واحة نقل” رئيسية، وسط الحصار الذي يفرضه السعوديون.

إلى جانب كون قطر مركزًا عالميًّا للخدمات المصرفية والمالية، بالإضافة إلى المؤتمرات الدولية، فإنها قادرة تمامًا على تحمل أي ضغط اقتصادي أو دبلوماسي تُراكمه عليها السعودية.

على الرغم من أن السبب الرئيسي وراء كره السعودية الشديد لقطر هو علاقاتها الوثيقة مع إيران، إلا أنه يبدو أن الدوحة ليس لديها أي نية على الإطلاق في الابتعاد عن طهران من أجل إرضاء الرياض.

وبدلاً من ذلك، استغلت الدوحة الفرصة التي قدمتها الأزمة لتعزيز وإبراز قيمتها الإستراتيجية الخاصة في أعين القوى الغربية الكبرى.

والأهم من ذلك، بغض النظر عن إيران وتركيا، تمتلك الولايات المتحدة أيضًا مصلحة كبيرة في قطر، وهي قواعدها العسكرية الرئيسية واستثماراتها الضخمة في البلاد، وهو ما يفسر لماذا لم تكن الولايات المتحدة، رغم كونها حليفًا وثيقًا للسعودية، لم تأخذ صف الرياض بشكل صريح ضد الدوحة طوال الأزمة.

بعبارة أخرى، بسبب مخاوفها الإستراتيجية الخاصة، كان لدى الولايات المتحدة كل الأسباب للتأكد من أن قطر لن تنهار في مواجهة الهجمات المستمرة التي يشنها السعوديون.
ومقابل حماية واشنطن، استوردت قطر أسلحة بقيمة عشرات المليارات من الدولارات الأمريكية خلال العام الماضي.

يمكن تفسير شراء الأسلحة على أنه “أموال حماية” تدفع إلى واشنطن مقابل الردع العسكري ضد السعودية.

على الرغم من أن الرئيس “ترامب” كان يميل نحو السعوديين، إلا أن وزيره السابق ريكس تيلرسون كان أكثر تعاطفاً مع القطريين، ودعا خليفة “تيلرسون”، مايك بومبيو، المنخرط بشكل رئيسي في إيران، الرياض إلى إنهاء عدائها ضد الدوحة، من أجل تسهيل الوحدة في المنطقة.

لذلك، طالما أن قطر قادرة على الحفاظ على قنواتها المباشرة للحوار مع الولايات المتحدة، فلا يوجد في الأساس شيء يمكن أن يهدد بقاءها.

إلى جانب ذلك، بقدر ما يتعلق الأمر بالدوحة، هناك بالفعل جانب إيجابي للأزمة بأكملها، فقد ساعدت الأزمة في توحيد البلد بأكمله، ووفرت لحكومة قطر فرصة ذهبية للترويج للتوعية الوطنية في البلاد.

منذ بداية الحصار السعودي، قام القطريون بإخراج ملصقات لأميرهم الحاكم، ووضعها في أنحاء البلاد، من أجل إظهار الدعم لحكومتهم وسط “العدوان الأجنبي”.

تتوفر الآن الملصقات العملاقة للأمير، بالإضافة إلى الهدايا التذكارية التي تحمل صورة الأمير عليها، في كل مكان في قطر.