العدسة – غراس غزوان

تحاول السعودية إظهار وجهها الجميل أمام عدسات الكاميرات والرأي العام العربي والإسلامي، لكن كلما حاولت ذلك كانت وسائل الإعلام الغربي والإسرائيلي فاضحة لوجهها الحقيقي.

الوجه الذي تحاول أن تخفيه السعودية هذه المرة ربما يكون الأسوأ، بعد أن أفصح مسؤولون فلسطينيون عن الدور الذي تلعبه المملكة خلف الكواليس لدعم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط.

يقول المسؤولون في تصريحات لوكالة رويترز (لم تسمهم): إن “الرياض تعمل منذ أسابيع خلف الكواليس لدفعهم لتأييد خطة سلام أمريكية وليدة”، مؤكدين أن المملكة تشارك ضمن إستراتيجية أمريكية أوسع نطاقا، لوضع خطة سلام إسرائيلية فلسطينية لا تزال في مراحلها الأولى.

“بن سلمان” مهندس الخطة الأمريكية

المؤشرات تقول إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو من يقوم على تنفيذ هذه الإستراتيجية، ويؤكد ذلك التسريبات التي أخرجتها إسرائيل وتحدثت عنها وسائل إعلام عبرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث تقول: إن “بن سلمان” زار تل أبيب، وعقد اجتماعا مع نتنياهو قبل ما يقرب من شهرين، وهي خطوة جريئة في طريق التطبيع لم تشهدها السعودية من قبل.

وفي هذا الصدد، يقول المسؤولون الأربعة بأن ولي العهد السعودي ناقش مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التفاصيل الكاملة لتلك الإستراتيجية والتي من المقرر أن يكشف عنها ترامب وصهره اليهودي جاريد كوشنر خلال النصف الأول من العام المقبل.

“بن سلمان وكوشنر”

دور السعودية في الضغط على “عباس”

وأشار أحد المسؤولين إلى أن “بن سلمان” ضغط على “عباس” عندما التقيا في الرياض في نوفمبر الماضي، من أجل دعم جهود السلام التي تبذلها الإدارة الأمريكية، وقال له “بن سلمان” :” كن صبورا، سوف تسمع أخبارا جيدة، ستمضي عملية السلام”.

وفي منتصف الشهر الماضي، قالت صحيفة تايمز البريطانية: إن الرئيس الفلسطيني حين توجه إلى الرياض في نفس الشهر بدعوة سعودية تم إبلاغه بأن يوافق على الشروط الواردة بالخطة الأميركية التي يجري إعدادها أو أن يستقيل، وتحدثت تقارير عن أن “عباس” رد بالرفض على مقترحات تشمل جعل بلدة أبوديس، الواقعة في ضواحي القدس، عاصمة للدولة الفلسطينية بدلا من شرق القدس كلها.

ولعل الخطوة التي اتخذها الرئيس الأمريكي ولم يجرؤ عليها أي من الرؤساء السابقين بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها كان أول خطوات هذه الخطة.

“بن سلمان مع عباس”

تخوفات

وأعلن المسؤولون الفلسطينيون تخوفهم من أن يكون الاقتراح الذي نقله “بن سلمان” إلى “عباس” ويقال إنه من “كوشنر”، هو نفسه هذا السيناريو، في إشارة إلى قرار ترامب الأخير.

وبحسب رويترز فإن أحد المسؤولين الأربعة قال: ” وفقا لما نقل إلى “عباس”، فإن المقترح يشمل تأسيس (كيان فلسطيني) في غزة، وثلاث مناطق إدارية بالضفة الغربية في المنطقة ”أ“ والمنطقة ”ب“ و10% من المنطقة ”ج“، التي تضم مستوطنات يهودية”، وأن هذه المستوطنات ستظل كما هي، ولن يحصل الفلسطينيون على حق العودة، كما ستصبح إسرائيل هي المسؤولة عن الحدود.

وقالت الوكالة: إن “ترامب” سعى لتخفيف أثر الصدمة التي أحدثها إعلانه بشأن القدس بالاتصال برئيس السلطة الفلسطينية يوم الثلاثاء الماضي، وشدد على أن الفلسطينيين سيستفيدون من الخطة التي أعدها “كوشنر” ومبعوث الشرق الأوسط بالإدارة الأمريكية جيسون جرينبلات.

وقال المسؤول الفلسطيني: إن “ترامب” قال في اتصاله بـ”عباس” إن لديه أخبارًا سعيدة له، لكنه لم يفصح عن تفاصيلها

ووفقا لتصريحات لمصدر سعودي للوكالة، قال إنه “يعتقد أن الأسابيع المقبلة ستشهد ظهور تفاهمات بشأن سلام إسرائيلي فلسطيني، وأضاف: “لا تقلل من مهارات رجل الأعمال لدى “ترامب”، وقد وصفها دوما بالاتفاق النهائي”.

العلاقات السعودية الأمريكية

خلال الشهور الأخيرة، وخاصة بعد صعود الأمير السعودي محمد بن سلمان لولاية العهد، وبعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم في بلاده، شهدت العلاقات بين الدولتين تحسنا كبيرا، وأجرى “ترامب” أول زيارة خارجية له إلى الرياض التي عقد فيها صفقة تاريخية بمئات المليارات من الدولارات مع المملكة.

” زيارة كوشنر للرياض”

كما استطاع مساعد الرئيس الأمريكي وصهره اليهودي جاريد كوشنر تطوير علاقاته الشخصية داخل المملكة، وأصبح مقربا من ولي العهد السعودي الذي يعمل على ترسيخ نفوذه الخارجي من أجل وصول سريع إلى عرش الملك.

ومن المعروف أن والد “كوشنر” كانت تربطه علاقات صداقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.