نفذ النظام العسكري في مصر الجريحة تحت إمرة الانقلابي عبد الفتاح السيسي واحدة من أفظع المجازر التي يمكن ارتكابها وتتمثل في تنفيذ أحكام إعدام بالجملة طالت 15 شخصا من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى الرأي المخالف والتمسك بالشرعية القانونية لنظام الرئيس الشهيد محمد مرسي. 

الإعدامات العلنية التي بلغ عددها 74 شخصا لا يمكن أن تخفي أو تحجب مئات القتلى الذين يتم إنهاء حياتهم في زنازين التعذيب كل يوم ومن ورائهم عائلاتهم التي ينكل بها وتصادر أموالها وممتلكاتها في مشهد أشبه بما رواه القرآن الكريم عن فرعون مصر الذي قتل الأطفال واستحي النساء وأحرق الممتلكات بلا شفقة أو رحمة لسبب وحيد يتمثل في فرض إرادته ورغبته المرضية في أن يكون ربا يعبد فوق الأرض، وكان التاريخ يعيد نفسه فقد جاء بعد عدة قرون فرعون آخر يرتدي البدلة العسكرية ويجلس على كرسي الرئاسة التي اغتصبها بالعمالة والخيانة.

سبع سنين عجاف مرت على أرض الكنانة سالت فيها دماء الضحايا أنهارا وبلغ الظلم مداه ووصل إلى حد التعرض للموالين بعد المناوئين وهدمت المنازل والمدارس والمساجد وأحرقت المزارع وعقرت المواشي والأبقار في مشهد درامي كأنه فيلم رعب يحكي قصص كائنات خرافية غاشمة، ولم يكن أحد يتوقع أن يصل الحال إلى هذا المستوى وحتى المناصرين لنظام السيسي من دول الاستعمار أنفسهم بدأوا يشعرون بالخزي والعار ويحاولون التنصل من مسؤولية أي علاقة معه بعد أن بلغ السيل الزبى وجاوز السيسي المدى بل إن المنظمات الحقوقية الدولية التي دخلت في سبات خارس زمن الانقلاب الغاشم اضطرت إلى تقديم مواقفها الناقدة للوضع المأساوي الذي تحول إلى حملة قتل منظم.

وتشير عديد المصادر إلى أن السبب الكامن وراء حملة الإعدامات المسعورة يعود إلى الرغبة المحمومة في كبت أصوات المتظاهرين المتصاعدة والتي تزيد كل يوم مطالبة برفع بلاء السيسي عنها بعد أن عرفوا الحقيقة ولمسوا بأيديهم حجم الخديعة والمؤامرة التي تعرضوا لها عبر وسائل إعلام مرتزقة خدعتهم وزينت لهم الخروج على الشرعية ووعدتهم بغد وردي كثير المغانم فإذا بهم ينامون في العراء ويهانون ويجوعون هم وأبناؤهم ونساؤهم.

ولم يعد من الممكن تحمل الأذى إلى ما لا نهاية لذلك خرج الناس إلى الشوارع دون خوف أو تردد لإزاحة الهم الجاثم فوق صدورهم وما تزال الكتلة البشرية تكبر يوما بعد يوم وهو ما أفزع نظام السيسي وحرسه فباتوا يحاولون بكل ما يملكون من قوة كبت الأصوات المطالبة بالحرية ولذلك اهتدوا إلى فكرة شيطانية تقوم على بث الرعب في الصفوف، وليس أكثر اثارة من قتل الأبرياء وهو ما كان من تنفيذ أحكام الإعدام في حق أصحاب الرأي وشباب الفضيلة من الرافضين للظلم والعدوان بعد مهازل قضائية لم تراع فيها أي حقوق أو حرمات، وكان الغرض فقط تخويف المتظاهرين وإلجامهم ودفعهم إلى العدول عن فكرة النضال حتى اقتلاع الطاغية.

لكن الذي حصل هو العكس تماما إذ شحذت الإعدامات الانفس وزادت درجة الغليان والإحساس بالمرارة والعدوان مما يدلل على أن الشعب مصر هذه المرة على اقتلاع النظام من جذوره وإعادة البلاد الى مربع الحرية بعد أن افتكت منهم في غفلة عجيبة، ويمكن الجزم أن أيام السيسي باتت معدودة بعد أن انفض من حوله الأصدقاء وأجمعت كل الأطراف على أن هذا الوضيع لا يمكن أن يكون حاكما على بلد في حجم مصر وقدرات أهلها وتاريخهم الذي كتب بماء الذهب بين الشعوب، ويمكن الجزم بلا تردد أن دماء الضحايا قادرة على خنق الجلادين وأن الطغيان مهما تعاظمت قدرته لابد أن يتكسر تحت معاول أصحاب الحق.