يرى محللون وقادة إسرائيليون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يُدخل إسرائيل في حالة فوضى، بل ويحرقها على سكانها، إذا خسر في الانتخابات العامة، يوم 17 سبتمبر/أيلول الجاري، من أجل إعادة العملية الانتخابية.

وحذر منافسون لنتنياهو ومحللون ومسؤول في سلطات إنفاذ القانون من أن نتنياهو ربما يحرك أنصاره لافتعال أعمال عنف خلال الانتخابات، لشطب نتائج مراكز معينة يتقدم عليه فيها منافسوه عادة، أو قد يخرج أنصاره في مظاهرات ضخمة إذا خسر الانتخابات للمطالبة بإعادتها.

ويعد مشروع “قانون الكاميرات”، الذي أقرته الحكومة الأحد ويسعى نتنياهو إلى طرحه للتصويت في الكنيست (البرلمان) الإثنين، إحدى ركائز نتنياهو للإدعاء بتزوير الانتخابات.

ويسمح المشروع بوضع كاميرات مراقبة في مراكز التصويت، خاصة في المدن والبلدات العربية بإسرائيل.

 

معركة مصيرية

على المستويين الشخصي والسياسي، يخوض نتنياهو الانتخابات المقبلة باعتبارها معركة مصيرية.

فشخصيًا يواجه لائحة اتهام بالرشوة والخداع وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا قد يُشرع بمحاكمته فيها بعد جلسة استماع أولى مقررة بداية أكتوبر/ تشرين أول المقبل.

ويأمل نتنياهو، في حال فوزه، بسن تشريع يحول دون محاكمته.

أما سياسيًا، فخسارته الانتخابات ربما تعني القضاء على مستقبله، لاقتناعه بوجود من يسعى للتخلص منه كزعيم لـ”الليكود” (يمين)، من داخل الحزب نفسه.

قبل أيام من الانتخابات، عبر قادة ومحللون إسرائيليون ومختصون عن قلقهم من أن اعتبار نتنياهو تلك الانتخابات معركة مصيرية قد يدفعه إلى سلوك عنيف سياسيا أو على أرض الواقع، أو عبر رفض النتائج، في ظل إظهار استطلاعات الرأي حتى الآن عدم إمكانية تشكيله حكومة، لعدم توفر 61 مقعدًا (من أصل 120) لكتلة اليمين التي يقودها، من دون مشاركة أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”.

وقرر الكنيست، نهاية مايو/أيار الماضي، حلّ نفسه، والتوجّه إلى انتخابات مُبكرة، بعد فشل نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة؛ إثر رفض ليبرمان الانضمام إليها. ورغم حل الكنيست، إلا أنه يبقى، مثل الحكومة، قائمًا لتسيير شؤون الدولة المعني بها.

 

فوضى عامة

زعيم حزب “أزرق-أبيض”، بيني غانتس، المنافس الأبرز لنتنياهو، حذر في تغريدة عبر “تويتر” الأحد من أن إقرار الحكومة مشروع “قانون الكاميرات” هو “مسعى من نتنياهو للمس بشرعية نتائج الانتخابات، وتمهيد لنشر حالة فوضى خلال الانتخابات وبعدها”.

وأضاف غانتس أن “من يحاول المس بأسس العملية الديمقراطية لا يستحق أن يقود الدولة”.

وتعهد بمحاربة مشروع القانون لحماية مصداقية الانتخابات.

واعتبر جابي اشكنازي، القيادي في “أزرق-أبيض”، أن خطوة نتنياهو هي “هجوم غير لائق على المستشار القضائي للحكومة وعلى رئيس لجنة الانتخابات المركزية، وسلوك لا يمكن احتماله”.

وحذر بن كسبيت، صحفي بصحيفة “معاريف”، الأحد من رفض نتنياهو، في حالة خسارته الانتخابات، الاعتراف بالنتائج، عبر الإدعاء بتزويرها، ثم تحريض أنصاره على الاحتجاج في الشوارع، للمطالبة بإعادتها.

ونقل بن كسبيت عن مسؤول في سلطات إنفاذ القانون (لم يسمه) تحذيره من أن “نتنياهو قد يحرق إسرائيل على سكانها ليحتفظ برئاسة الوزراء”.

أما ليبرمان فقال في مقابلة للقناة 12 الإسرائيلية إن مصادر في “الليكود” حذرته من إمكانية أن يفتعل أنصار نتنياهو أعمال عنف في مراكز الاقتراع بالمناطق التي يحصل فيها “إسرائيل بيتنا” على نسبة عالية من الأصوات.

وقال ليبرمان إن حالة العنف والفوضى التي سيحدثها ناشطو “الليكود” سيكون هدفها إلغاء نتائج التصويت في تلك المراكز.

وشدد على أن قادة “الليكود” لا يمكن أن يُقدموا على تلك الخطوة من دون موافقة المستويات العليا، في إشارة إلى نتنياهو.

 

قانون الكاميرات

تمهيدًا كما يبدو للإدعاء بتزوير الانتخابات، يسعى نتنياهو إلى طرح مشروع “قانون الكاميرات”، رغم معرفته بصعوبة حشد أغلبية كافية لإقراره، خاصة في ظل معارضة المستشار القضائي للحكومة، أفيخاي مندلبليت، للمشروع بصيغته وآلياته الحالية.

ونقلت “معاريف” عن مندلبليت قوله: “أرفض مشروع القانون؛ لأنه يمس بخصوصية الناخبين وبنزاهة الانتخابات”.

وأضاف أن فرص إقراره ضعيفة، وأنه سيبلغ المحكمة العليا، في حال الطعن في القانون، بمعارضته له.

سبب آخر أضافته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، السبت، لسعي نتنياهو إلى سن “قانون الكاميرات” في مراكز التصويت العربية، وهو خلق حالة خوف لدى الناخبين العرب لخفض نسبة التصويت لديهم، بهدف خفض تمثيلهم بالكنيست، ما قد ينعكس لصالح اليمين.

العضو العربي بالكنيست، أحمد الطيبي، قال للصحيفة إن نتنياهو “يستهدف خفض نسبة التصويت في الوسط العربي، عبر ردع الناخبين بمراقبتهم من خلال قانون الكاميرات”.

كما “يسعى نتنياهو إلى إيجاد حالة اندفاع لدى أنصار الليكود للتصويت بكثافة؛ بزعم أن العرب يسرقون الانتخابات؛ فهو يشعر بأنه سيخسرها”، حسب الطيبي.

 

سيناريوهان للرفض

د. أوري ديفيس، زميل بحثي فخري في المعهد الأوروبي للدراسات الفلسطينية بجامعة “إكستير” البريطانية، وزميل بحثي فخري مشارك بجامعة القدس الفلسطينية، قال للأناضول إن “ثمة سيناريو مرجح لنتنياهو في حال عدم تكليفه من رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، بتشكيل الحكومة، أو فشله في تشكيلها، إذا تم تكليفه”.

وأوضح أن هذا السيناريو “يستهدف الهروب من المحاكمة في القضايا الجنائية التي يواجهها، عبر إعلان حالة طوارئ مع أو من دون حرب، لكن لأسباب أمنية، بصفته وزيرًا للدفاع ورئيسًا للوزراء، فصلاحية إعلان الطوارئ بيد وزير الدفاع، بالتشاور مع رئيس الوزراء”.

وتابع: “وبذلك تصبح أنظمة الدفاع (في حالات الطوارئ)، التي سنتها سلطات الانتداب البريطانيّة عام 1945، سارية في إسرائيل بالتوازي مع القانون المدني في الكنيست، وهو ما يترب عليه عمليًا فرض الحكم العسكري”.

وينص البند 39 من هذا القانون في الفقرة “ب” على إمكانية “تغيير أي قانون أو إلغاء مفعوله مؤقتًا أو تضمينه شروطًا، فضلًا عن فرض ضرائب جديدة أو زيادة ضرائب قائمة، إلا إذا نص قانون آخر على خلاف ذلك”.

وهذا يعني منح نتنياهو صلاحيات شبه مطلقة للحكم في إسرائيل.

وفي حالة فرض نتنياهو حالة الطوارئ قبل الانتخابات فقد يعطيه هذا حق تأجيلها.

أما السيناريو الثاني، حسب ديفيس، فهو “تحريك مظاهرات شعبوية شبيهة بالتي جندها اليمين عام 1995 ضد اتفاق أوسلو (للسلام مع الفلسطينيين) لنزع الشرعية عنه، والتي أدت إلى اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، في نوفمبر/تشرين الأول من العام ذاته”.

وختم بقوله: “ربما يسعى نتنياهو إلى نزع الشرعية عن منافسه الفائز في الانتخابات بالطريقة ذاتها، عبر الإدعاء بتزويرها.. ولضمان تحقيق هدفه، قد يلجأ إلى السيناريوهين معًا”.

وتفوق نتنياهو على أول رئيس وزراء لإسرائيل، ديفيد بن جوريون، من حيث مدة الحكم، حيث يحكم منذ أكثر من 13 عامًا، أي ما نسبته أكثر من 19 بالمئة من تاريخ إسرائيل، التي قامت على أراضٍ فلسطينية محتلة عام 1948.