تم حظر جماعة الإخوان المسلمين، وهي واحدة من أقدم وأكبر الجماعات الإسلامية في مصر، منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي عام 2013، ومنذ ذلك الحين، وعبد الفتاح السيسي -الذي أصبح رئيساً بعد أقل من عام- يشجع قوات الأمن على فرض “عدالة سريعة” ضد الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأصغر بحجة مهاجمة ضباط الشرطة والجيش، حيث قالها صراحة لرجال الأمن “أيديكم ليست مقيدة”.

 في 18 سبتمبر/أيلول 2019، أصدرت وزارة الداخلية المصرية بياناً من ستة أسطر أعلنت أن قوات الأمن قتلت تسعة “عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية” -كما وصفها البيان- في “مخبئين” في القاهرة ومحيطها، الشخص الوحيد الذي تم التعرف عليه من بين القتلى في تلك المداهمات، شخص يُدعى محمود غريب، 24 عاماً، الذي وُصف بأنه زعيم جماعة إسلامية مسلحة، لكن الغريب في قصة السيد غريب هو أن عائلته تحدثت مراراً أنه مختف قسرياً لدى الجهات الأمنية التي اعتقلته قبل فترة من الإعلان عن تصفيته.

وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فقد قُبض على “محمود غريب” في 17 مارس/آذار في مقهى بالإسكندرية بمصر، وقد شهد أحد الأصدقاء عملية القبض التي تمت بواسطة ضباط أمن يرتدون ملابس مدنية، وتلقت أسرته رسالة مهربة تؤكد وجوده في أحد مراكز الاحتجاز…. فكيف يمكن أن يكون إرهابي في “وكر” وهو محتجز بالفعل؟!

 يبرز السؤال النتائج التي توصل إليها تقرير جديد مقلق لـ هيومن رايتس ووتش يكشف عن بُعد آخر للدولة البوليسية التي تزداد قمعاً واستبداداً في مصر: نمط من عمليات القتل المشبوهة على أيدي قوات الأمن، وهي عمليات يقول عنها النظام أنها نتيجة “اشتباك مسلح” بين النظام والقتلى الذين وصفهم بـ “الإرهابيين”، لكن التقرير يشير بقوة إلى أنها عمليات إعدام نُفِّذت دون محاكمة في غياب تمام لسيادة القانون.

ويؤكد التقرير أن الحكومة المصرية، بذريعة مكافحة الإرهاب، قد منحت قوات الأمن “حرية إطلاق العنان لقمع كل أشكال المعارضة، بما في ذلك المعارضة السلمية، مع إفلات من العقاب على كل الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها أفراد الأمن. وكانت النتيجة واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان التي طال أمدها في تاريخ البلاد الحديث “.

 وثقت تقارير سابقة لمجموعات حقوقية وصحفيين قيام قوات الأمن المصرية بقتل المتظاهرين السلميين وتنفيذ عمليات اعتقالات جماعية واختفاءات قسرية وتعذيب داخل مقار الاحتجاز، والتقرير الأخير لهيومان رايتس ووتش يضيف إلى تلك الانتهاكات لجوء النظام المصري لعمليات التصفية الجسدية للمعارضين خارج إطار القانون.

بين يناير / كانون الثاني 2015 وديسمبر / كانون الأول 2020، رصدت هيومن رايتس ووتش مقتل 755 شخصاً ممن وصفتهم القوات الأمنية “إرهابيين ومسلحين” في 143 حادثة قالت عنها الحكومة إنها عمليات اشتباك مسلح مع القوات.

 تمكن الباحثون في “هيومان رايتس ووتش” من مقابلة أصدقاء وعائلات ضحايا 14 حالة من تلك الحالات، وبحسب التقرير “في جميع الحالات الـ 14، قال أفراد الأسرة إن أقاربهم الذين قُتلوا قد اعتقلوا وكانوا رهن الاحتجاز لدى الأجهزة الأمنية قبل الأحداث التي قيل إنهم قُتلوا فيها”.

 تعهد الرئيس بايدن بجعل حقوق الإنسان محور سياسته الخارجية، ومن المتوقع أن يقرر وزير الخارجية أنتوني بلينكين قريباً ما إذا كان سيحجب 300 مليون دولار من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تُمنح سنويًا لمصر لأسباب تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.

في الماضي كان المبلغ كاملاً على الرغم من سجل مصر البائس في مجال حقوق الإنسان، لكن الوقت قد حان للتغيير، إذ لم يعد بإمكان الولايات المتحدة أن تتجاهل سجل مصر المروع ضد حقوق الإنسان.

  للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا