عندما يسود القانون في إحدى البلدان فإن جميع الناس تمثل أمامه على حد سواء، فلا يفرق بين غني أو فقير أو ذو سلطة وأحد العوام، لكن عندما يتلاشى القانون يحكم بين الناس طبقاً لهوى الحكام كما هو الحال في المملكة العربية السعودية.

 

منذ صعود محمد بن سلمان إلى سدة الحكم في المملكة عام 2017 تلاشى القانون منها وأصبحت تحكم بمزاجية ولي العهد من يراه حاكم السعودي المستقبلي فاسداً فهو فاسد لا محالة ومن يراه شريف فهو كذلك حتى يغضب عليه ولي العهد.

 

قام محمد بن سلمان بتوجيه الاتهامات للدعاة ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين وحتى المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي قام هو باتهامهم وأمر بالقبض عليهم ومن خلال قضائه المسيس قام بالحكم عليهم بأحكام تصل مدتها إلى 30 عام وأكثر.

 

لم يسلم القريب منه ولا البعيد فقام باعتقال الأمراء من أبناء العائلة المالكة مثل ولي العهد السابق ووزير الداخلية محمد بن نايف وبدا أن كل من يقف في طريق بن سلمان سيتم سحقه وإلقاءه في غياهب السجون، وقد استخدم في ذلك هيئة مكافحة الفساد التي جعل منها أداة للتنكيل بكل من يقف في طريقه.

 

 

ازدواجية المعايير 

 

يسمي محمد بن سلمان هيئة مكافحة الفساد بالمملكة “نزاهة” نظراً لأنها تفتش وراء كل فاسد وتقوم باجتثاثه من جسم الدولة التي يريد أميرها التطهير، وهذا ما يقال نصاً في الإعلام السعودي لكن ما يحدث على أرض الواقع لا يمت لذلك بصلة.

 

استخدم محمد بن سلمان تلك الأداة للاستيلاء على أموال الأمراء والأثرياء من السعوديين وهو ما يعرف بحادثة فندق “الريتز” ثم قام بالعفو عن بعضهم بعدما أخذ منهم الأموال التي أرادها.

 

لكن صحف عالمية وغربية سلطت الضوء على إدارة ولي العهد لتلك الهيئة والتي لفتت إل ازدواجية معايير بن سلمان والمملكة في التعامل مع قضايا الفساد المثارة في السعودية.

 

تطرق موقع انجليس أونلاين الفرنسي للقضية هيئة مكافحة الفساد مؤكداً أن الأمير محمد بن سلمان قام بالتستر على عنصر فاسد وهو رجل الأعمال عبد الله الشقير لكونه مقرب من مشعل بن عبد العزيز الذي لعب دوراً كرئيس هيئة البيعة بالمملكة.

 

وعلى الرغم من امتلاك هيئة المراقبة ومكافحة الفساد أدلة فساد على الشقير إلا أنه تغض الطرف عنه ولم تحقق معه في قضية توريد سترات واقية من الرصاص.

 

سترات الحرس الملكي

 

كشف الموقع الفرنسي أن شركة أمريكية تدعى “ديفينس تك” قدمت إلى هيئة مكافحة الفساد في السعودية مستندات تتكون من 70 صفحة تدين الشقير بسرقة الملكية الفكرية الخاصة بالسترات الواقية من الرصاص الخاصة بالحرس الملكي.

 

كما أكدت الشركة أن الشقير مدين لها ب5.6 مليون دولار في صفقة بيع 10 آلاف سترة، وهو ما اكتشف لحاقاً أن الشقير قام بتقليد السترات بمشاركة مسؤولين بوزارة الداخلية بينهم سعيد القحطاني وخالد إبراهيم اللحيدان

من جهة أخرى قامت السلطات السعودية بإرسال مذكرة اعتقال للانتربول تطالب بتعقب الأخوين صلاح ومنصور فستق بدعوة الفساد المالي وقد بدا ولي العهد أنه مصمم على اعتقالهم بسبب إبرام صفقات خاصة بأسلحة الحرس الوطني وهي التي قاما بها لعقود.

صلاح ومنصور ينتميان نسبياً إلى الأمير متعب نجل الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز والذي وضعه محمد بن سلمان قيد الإقامة الجبرية  ولا يمكنه مغادرة السعودية لكنه أفسح المجال لعبدالله الشقير رغم إدانته.

الخلاصة أن محمد بن سلمان ينتهج الازدواجية في تعامله مع الفاسدين حسب أهوائه ومطامعه فإن كان الفاسد سيعود عليه بالنفع تركه وِشانه وإلا فمصيره السجن أو الملاحقة ولا عزاء لسيادة القانون بالمملكة.

 

اقرأ أيضاً : ياسر الرميان.. أداة بن سلمان المطيعة للتغطية على الجرائم المالية وعمليات غسيل الأموال