يتواصل النزاع في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وسط تحولات ميدانية متسارعة لصالح الجيش السوداني. ومع استعادة الجيش السيطرة على عدة مناطق استراتيجية، تتكشف أبعاد الدور الإماراتي في دعم قوات الدعم السريع وتأجيج الصراع الذي أودى بحياة الآلاف وشرد الملايين.
التدخل الإماراتي: من الدعم إلى الخسائر
منذ بداية الصراع في السودان، برزت الإمارات كأحد الداعمين الرئيسيين لقوات الدعم السريع، مستندة إلى شراكات اقتصادية ومصالح استراتيجية مع حميدتي. وتتمثل هذه المصالح في استغلال مناجم الذهب السودانية، حيث تشكل قوات الدعم السريع لاعباً رئيسياً في هذا القطاع. كما كانت الإمارات تسعى لتأمين نفوذ سياسي وعسكري في السودان، بهدف السيطرة على موقعه الجيوسياسي الهام في القرن الإفريقي.
لكن مع توالي هزائم الدعم السريع، تواجه الإمارات خسائر جسيمة على عدة مستويات. إذ تعني هذه الهزائم تراجع نفوذها في السودان وفقدان أحد أهم أوراقها في المنطقة. كما أن تراجع الدعم السريع يُضعف المصالح الاقتصادية الإماراتية في البلاد، خاصةً في قطاع الذهب الذي يشكل دعامة أساسية لطموحاتها الاقتصادية.
الجيش السوداني يستعيد المبادرة
الهجمات التي شنها الجيش السوداني مؤخرا، في الخرطوم وشرق النيل تمثل نقطة تحول في المعركة، خاصة بعد السيطرة على مدينة جياد واستعادة مناطق استراتيجية في ولاية الجزيرة مثل ود مدني، الحصاحيصا، ورفاعة.
وتؤكد هذه الانتصارات تراجع قوات الدعم السريع وفقدانها القدرة على الاحتفاظ بالمواقع الحيوية.
انتشار قوة النخبة التابعة للجيش السوداني في أحياء مثل النسيم والحاج يوسف يشير إلى استراتيجية جديدة للجيش تهدف إلى تعزيز سيطرته على العاصمة الخرطوم، وطرد الدعم السريع من المناطق التي تمثل رمزية سياسية وعسكرية، مثل القصر الرئاسي.
انعكاسات الهزائم على الدعم السريع والإمارات
خسائر قوات الدعم السريع ليست مجرد هزائم ميدانية، بل هي أيضاً انتكاسة سياسية واقتصادية للإمارات. فاعتماد الإمارات على الدعم السريع كحليف رئيسي في السودان جعلها شريكة ضمنياً في الصراع، مما أدى إلى تحميلها مسؤولية تأجيج الأزمة الإنسانية التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى وملايين النازحين.
علاوة على ذلك، فإن فقدان الدعم السريع السيطرة على المناطق الحيوية يعني تقليص نفوذ الإمارات في السودان، حيث كانت تسعى لاستخدام هذا الحليف لتعزيز وجودها في القرن الإفريقي ومنافسة القوى الإقليمية الأخرى مثل مصر وتركيا.
السودان جزء من الصراعات الإقليمية
الدور الإماراتي في السودان يكشف كيف أصبحت البلاد ساحة لصراعات القوى الإقليمية والدولية. فبينما تدعم الإمارات قوات الدعم السريع، تساند دول أخرى، مثل مصر، الجيش السوداني كجزء من استراتيجيتها لحماية أمنها القومي ومصالحها في المنطقة.
لكن مع تزايد الخسائر التي يتكبدها الدعم السريع، تجد الإمارات نفسها في موقف حرج. فهي تواجه ضغوطاً دولية متزايدة بسبب دعمها لطرف يُتهم بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في السودان، إضافة إلى خسائرها المادية والمعنوية نتيجة لتراجع قوة حميدتي.
الجيش السوداني يغير موازين القوة
نجاح الجيش السوداني في استعادة السيطرة على المناطق التي كانت تحت سيطرة الدعم السريع يظهر أنه بدأ يقلب موازين المعركة لصالحه. ورغم تصريحات حميدتي التي تقلل من أهمية خسارة ود مدني وغيرها من المناطق، إلا أن هذه الهزائم تؤكد أن الدعم السريع يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على بقائه كقوة ميدانية فعالة.
استعادة الجيش السوداني السيطرة على ولاية الجزيرة بالكامل باستثناء مناطق قليلة قرب الخرطوم يعني أنه بات قريباً من تطويق قوات الدعم السريع وحرمانها من مصادر الإمداد والتموين.
ما بعد هزيمة الدعم السريع
إذا استمر الجيش السوداني في تحقيق المكاسب الميدانية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما مستقبل الدور الإماراتي في السودان؟ وهل ستبحث الإمارات عن حلفاء جدد بعد خسارتها الورقة الرابحة التي مثلتها قوات الدعم السريع؟
كما يثير هذا التطور تساؤلات حول قدرة الإمارات على استعادة نفوذها في السودان، خاصة في ظل الانتقادات الدولية لدورها في إشعال الصراع واستغلاله لمصالحها الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، فإن استمرار الهزائم قد يؤدي إلى تراجع الدور الإقليمي للإمارات، ليس فقط في السودان، بل في منطقة القرن الإفريقي بأكملها.
الإمارات سبب تعقيد الأزمة في السودان
تكشف المعركة الدائرة في السودان عن خطورة التدخلات الخارجية في الصراعات الداخلية للدول. فالدور الإماراتي في دعم قوات الدعم السريع لم يساهم فقط في تأجيج الصراع، بل أضاف بُعداً إقليمياً للأزمة، مما جعلها أكثر تعقيداً وصعوبة في الحل.
اضف تعليقا