العدسة – معتز أشرف

في فشل جديد للأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان ولمؤسساته في واشنطن، وفي قلب الزيارة المستمرة التي تكبد فيها المليارات من الدولارات، رفض القضاء الأمريكي طلب السعودية إلغاء مجموعة دعاوى ضدها بسبب دعمها تنفيذ هجمات 11 سبتمبر، ما يترتب عليه استمرار مرحلة تؤكد، وفق مراقبين، أن الابتزاز الأمريكي متواصل في ظل وجود آل سلمان في سدة القرار، فرغم الدفع السخي وتنفيذ التعليمات الأمريكية في كل مكان، فالقضاء الأمريكي سيواصل دوره في تكبيد النظام السعودي مزيدا من الخسائر ومزيدا من المليارات حتى آخر دولار في خزائن الطائش!

صفعة قضائية!

بينما يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حلب البقرة السعودية، وفق تعبيره، بأقصي ما يمكن، قال القضاء الأمريكي كلمته، ورفض الأربعاء طلب السعودية إلغاء مجموعة دعاوى ضدها تقول إن المملكة ساعدت في تنفيذ هجمات 11 سبتمبر، وتطالب المملكة بدفع تعويضات لأسر الضحايا، وقال القاضي في محكمة منهاتن الإدارية بنيويورك، جورج دانيل: إن تصريحات رافعي الدعاوى “توفر أساسا معقولا” له لتأكيد الاختصاص بنظر فيها بموجب “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب” الصادر في عام 2016، ورفض دانيالز كذلك مزاعم مقدمي الشكوى ضد بنكين سعوديين وشركة بناء سعودية تتهم المؤسسات الـ3 بتقديم دعم مادي لتنظيم “القاعدة” وزعيمه الراحل، أسامة بن لادن، لتنفيذ الهجمات، وتطالبها بدفع تعويضات، نظرًا لغياب الصلاحيات الضرورية، ليشكل الحكم صفعة قضائية للأمير السعودي محمد بن سلمان الذي يحاصره الفشل من كل مكان، رغم نفي الحكومة السعودية مرارًا الضلوع في هجمات 11 سبتمبر، التي أسفرت عن مقتل قرابة 3000 شخص، وانتقدها لـ “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب –جاستا- “، الذي تبنته الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الرئيس، باراك أوباما،  والذي ساعد على رفع العديد من القضايا أمام المحاكم الأمريكية تتهم  السعودية بدعم الإرهاب.

أدلة كثيرة!

وفق المراقبين، فإن الحكم في وجه آخر له يعبر عن فشل مؤسسات محمد بن سلمان في مواجهة الأدلة المتصاعدة ضدهم في أمريكا رغم جولة الشيكات التي دفعها مؤخرًا مع بدء زيارته البيت الأبيض، ورغم ما يزعمه اللوبي السعودي في أمريكا من نجاحاته المتتالية وبخاصة في أزمة 11 سبتمبر، ولكن الأدلة أقوى صوتا من دفاتر الشيكات، وهو ما أكدته صحيفة الإندبندنت البريطانية، التي قالت إن اتهامات وجهت لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي “إف بي أي” بالتستر على أدلة تثبت تورط السعودية في هجمات 11 سبتمبر في أمريكا عام 2001م ، وأشارت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية أنه يتم التحقيق في تقارير تشير إلى أن عائلة بارزة في النظام السعودي قد غادرت أمريكا فجأة قبل أسابيع قليلة من هجمات 11 سبتمبر، وتضيف الإندبندنت إن منزلاً  كان يسكنه أفراد من كبار العائلة المالكة بالسعودية، هُجر فجأة في آب/ أغسطس 2001.

فيما يقال إن المنزل كان ملكاً لعصام غزاوي وهو مستشار لابن شقيق العاهل السعودي الأسبق الملك فهد بن عبد العزيز، وكان يقيم فيه ابنه وابنته، وتؤكد الصحيفة البريطانية أن الأمر المثير للشك والذي دفع إلى إجراء التحقيق هو الرحيل المفاجئ لسكان المنزل، الذين عادوا سريعا على ما يبدو إلى السعودية، تاركين السيارات الجديدة، والأثاث الفاخر، والثلاجات تحتوي على كميات من المواد الغذائية.

من جهته اعترف مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه أجرى التحقيق ولكن نتيجته رفضت، حيث قال بيان صادر عن المكتب إن التقرير النهائي كان مكتوبا بشكل سيئ، بحسب ما جاء في تقرير يبلغ 128 صفحة أصدره الكونجرس الأمريكي عن الواقعة، وقال السناتور الديموقراطي السابق، بوب جراهام، الذي ترأس لجنة التحقيق في الكونجرس في 11/9، لصحيفة نيويورك بوست أنه يعتقد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تستر على علاقة وتورط النظام السعودي في تلك القضية. وأكد أن التقرير يشير بقوة إلى السعودية باعتبارها الممول الرئيسي لهجمات 11 سبتمبر.

وقال شون كارتر، أحد أبرز المحامين الذين يمثلون عائلات الضحايا الذي بلغ عددهم 1400 أمريكي، إن الأدلة الجديدة تظهر تمويل السفارة السعودية في واشنطن للهجمات قبل سنتين من تنفيذ العملية الإرهابية، إذ قامت بدفع تذاكر سفـر لعميلين سعوديين انتقلا من فينيكس إلى واشنطن في مهمة استكشافية يتدربان من خلالها على كيفية خطف الطائرات الأمريكية التي تم استخدامها في هجمات نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا، مضيفا أن الوثائق المقدمة “تثبت تورط مراجع سعودية رسمية في الدعم المالي واللوجيستي للعملية الإرهابية“، متهماً الحكومة السعودية في “دعم المؤامرة الإرهابية منذ بداية التخطيط لها والمباشرة بتنفيذ مراحلها الأولى، بما في ذلك استطلاع إجراءات الأمن المتبعة على الطائرات الأمريكية قرب مقصورة الطيار”.

وذكرت تقارير سابقة نشرتها لجان حزبية، الجمهوري والديمقراطي، في العام 2003 تفاصيل عن هجمات سبتمبر 2001، يبلغ عدد صفحاتها 800 صفحة. تم الكشف عن محتوى التقارير جميعها، باستثناء الجزء الأخير المؤلف من 28 صفحة بقيت سرية “لأسباب أمنية”. وأشار عضو الكونجرس السابق ومدير وكالة المخابرات المركزية، بورتر غوس، أن المعلومات التي تظهر تورط السعودية في الهجمات الإرهابية بقيت طي الكتمان لأسباب سياسية لعدم رغبة إدارة الرئيس جورج بوش في توتر وإفساد العلاقة مع الرياض آنذاك.

اللوبي الفاشل !

من أبرز تعليقات سلمان الأنصاري، رئيس اللوبي السعودي المعروف بلجنة شؤون العلاقات السعودية الأمريكية “سابراك”، حول “قانون الـ”جاستا” فور صدوره بأنه ” سلاح أمريكي بلا بارود أو رصاص” وأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعلم ما تريد وتعاني من تخبطات داخلية وإدارية، وكثيرا ما رصدت تصريحات له تقلل من القانون وتوابعه، ولكن جاء تمرير قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب –جاستا-” كــ ضربة قاصمة موجهة  إلى اللوبي السعودي تثبت فشله الذي استمر حتى تاريخه بالحكم الذي أصدره القاضي في محكمة منهاتن الإدارية بنيويورك، جورج دانيلس، رغم وجود عدة شركات أمريكية محترفة تقوم بمهام اللوبي التقليدية ومهام العلاقات العامة والاستشارات القانونية والسياسية والإعلامية لصالح السعودية ومنها شركات «سكوير باتون بوجز»، و«بوديستا جروب» وكثيرون غيرهم كما تشير بيانات وحدة قانون تسجيل العملاء الأجانب بوزارة العدل الأمريكية، إضافة لعدد كبير من الدبلوماسيين والرسميين الأمريكيين السابقين من كبار السن ممن يعتادون الظهور فى حفلات استقبال السفارات الخليجية بواشنطن، والذين تستعين الرياض بخدمات الكثيرين منهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة!.

سر الشيكات !

ومع إصدار الحكم الأمريكي يمكن أن نقف على أسباب جديدة للسخاء السلماني الذي انطلق بلا توقف في بلاد العم سام، وكانت أولى محطاته لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان، وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية فإن اسم الملك سلمان بن عبد العزيز وآخرين موجودين في قوائم الملاحقة في وقت لاحق، وهو ما يطرح السؤال: هل شيكات محمد بن سلمان كانت للتغطية علي سلمان الأب وأمراء ومسؤولين سعوديين شاركوا فعلاً في تمويل هجمات 11 سبتمبر، خصوصاً وأن أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر قامت برفع قضية إلى المحكمة الفيدرالية تتهم فيها مسؤولين سعوديين بالضلوع في هذه الهجمات، بينهم رئيس جهاز الاستخبارات السعودي السابق تركي الفيصل، والسفير السعودي السابق في أمريكا بندر بن سلطان، بالإضافة لعدد من “رجال الدين” السعوديين البارزين، كما جاء في إفادة أحد الأشخاص المتهمين بالمشاركة في هجمات سبتمبر يدعى “زكريا موسوي” أنه قام بحمل رسائل شخصية من أسامة بن لادن الزعيم السابق لتنظيم القاعدة إلى ولي العهد السعودي سابقًا والملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، وذكر موسوي أن بن لادن كان يحتفظ بقائمة للأشخاص الذين كانوا يقدمون الأموال لتنظيم القاعدة. وأضاف أنه تعرض مرتين للهجوم في السجن بأوامر من “رمزي يوسف” الذي يقضي حكماً بالسجن كونه العقل المدبر لتفجير مركز التجارة العالمي عام 1993م، وذلك بهدف قتله ومنعه من الإدلاء بشهادته ضد السعودية.

وبحسب تقارير غربية متواترة، فالمئات من أقارب أشخاص قُتلوا في هجمات 11 سبتمبر  2001 بلاحقون النظام السعودي في المحاكم الأمريكية في محاولة للاستفادة من قانون الجاستا، كما تواجه السعودية دعوى قضائية جديدة تطالب بتعويضات ستة مليارات دولار أقامتها عشرات من شركات التأمين التي تسعى لتحميل المملكة المسؤولية عن أضرار لحقت بأعمال وممتلكات بسبب هجمات 11 سبتمبر 2001، وتتهم شركات التأمين المملكة العربية السعودية ومنظمة خيرية تابعة للدولة بتقديم تمويل ودعم مادي آخر مما مكًن تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن من تنفيذ الهجمات، لتكون البقرة الحلوب السعودية على مشارف سنوات حلب جديدة على يد الولايات المتحدة الامريكية، قد تؤدي بها إلى سنوات عجاف أو هكذا يفكر البعض.