يصر نظام السيسي على إجراء امتحانات الثانوية العامة في 21 يونيو الجاري، غير مباليا بحياة آلاف الطلاب، رغم نداءات الاستغاثة المتكررة من قبل الأهالي، وإرسال نقابة الأطباء تحذيرا رسميا إلى الحكومة في الوقت الذي تتزايد فيه حالات الإصابة بفيروس كورونا، وفي ظل حالة الانهيار الذي يشهده القطاع الطبي في مصر وغياب الرعاية الصحية.
ومع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة، تسيطر حالة من التوتّر الشديد في بيوت مصر، إذ إنّ إصابات كورونا تتسبّب في قلق وفزع بين التلاميذ الذي يصل عددهم إلى 650 ألفاً وأولياء أمورهم على حدّ سواء، لا سيّما وسط مخاوف من عدم قدرة الوزارة والجهات الأمنية المسؤولة على اتّباع الإجراءات الاحترازية المطلوبة في داخل المدارس وخارج اللجان، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ التلاميذ في هذه المرحلة يميلون إلى التجمّعات.
من جهة أخري، يرى أولياء الأمور أنفسهم مضطرين إلى إرسال أبنائهم إلى الامتحانات، إذ إنّهم لا يستطيعون تحمّل أعباء إعادة السنة الدراسية، سواء أكانت مادية أم نفسية.
تحذير طبي
وفي رسالة تحذير من مغبة هذه الخطوة، أرسل النقيب العام لأطباء مصر، حسين خيري، ونقيبة أطباء القاهرة، شيرين غالب، خطاباً مشتركاً إلى السيسي، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ورئيس مجلس النواب علي عبد العال، ووزير التربية والتعليم طارق شوقي، يطالبان فيه كافة مؤسسات الدولة بإعادة النظر في عقد امتحانات الثانوية العامة في موعدها المحدد سلفاً بعد يومين.
وحذّر الخطاب من إجراء امتحانات الثانوية العامة بصورتها التقليدية، في فترة لا تزال فيها ملامح جائحة فيروس كورونا غير واضحة، وما تشكله من بؤرة انتشار واسعة في ظل التزايد المطرد في أعداد المصابين، مستطرداً بأنه “من المعلوم استحالة وقاية هذه الأعداد الغفيرة من الطلاب، وذويهم، حتى في أحسن الظروف والإجراءات، وهو ما ستنتج عنه زيادة حتمية في عدد الإصابات بين صفوفهم في مختلف المحافظات”.
وأضاف “إذا افترضنا أن نسبة الإصابات بفيروس كورونا لا تزيد على 1%، فهذا معناه إصابة نحو ألف طالب يومياً، في عدد أيام الامتحان، وما سيتبعه من إصابات أسر كاملة”، مشدداً على أن “القطاع الطبي في مصر لن يتحمل تلك الزيادات في أعداد المصابين، وهو ما يُنذر بتكرار تجارب بعض الدول الأوروبية من حيث حجم الإصابات”.
وذكرت النقابة في خطابها أن “الطلاب لن يتأثروا بتأجيل امتحانات الثانوية العامة، والبت في أمرها حين يتضح أمر الجائحة، كما أن مستقبلهم لن يتأثر بأي شكل من الأشكال” متابعة “من الواضح أن كل المؤشرات، بما في ذلك مؤشر التكاليف والفوائد، تشير إلى عدم عقد الامتحان على الأقل قبل بدء انحسار وباء كورونا في البلاد”.
اعتذار المعلمين
ولم يخف قطاع كبير من المعلمين تخوفهم من إجراء الامتحانات في ظل الانتشار الواسع لفيروس كورونا، ما دفعهم إلي الإقبال بشكل كثيف على المقرات التي حددتها الوزارة من أجل تقديم اعتذار عن الإشراف على امتحانات شهادة الثانوية العامة.
وكانت لجان الإدارة التابعة لوزارة التربية والتعليم قد فتحت أبوابها الأحد الماضي ولمدة يومين لاستقبال طلبات المعلمين الراغبين فى الاعتذار عن المشاركة فى أعمال الامتحانات الثانوية العامة بكل المديريات طبقًا للمقرات المتخذة لذلك ، ما بين ملاحظ ومقدر درجات ومراقب، مع إلزام أى عضو يتقدم بشروط الاعتذارات والحالات التى حددتها وزارة التربية والتعليم، ، وتم قبول الاعتذارات وفق ضوابط وشروط قانونية معتمدة وطبقًا لمستندات معتمدة وفق ما قالت الوزارة.
وشهدت المقار منذ ساعات الصباح تكدس للمعلمين أمام لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة ، غير مبالين بخطورة فيروس كورونا، ووقف مئات المعلمين في مساحة صغيرة، أمام مقرات قبول اعتذارات المعلمين عن المشاركة في أعمال امتحانات الثانوية العامة 2020، للاعتذار عن المشاركة في امتحانات الثانوية، خوفًا من فيروس كورونا المستجد.
فيما تداول عدد من المعلمين على الجروبات الخاصة بهم، تلك الصور التي تشير إلى ازدحام كبير من المعلمين، أمام لجان تقديم الاعتذارات بمختلف أنحاء الجمهورية، ما أثار حالة من الغضب والاستهجان في أوساط المعلمين.
وجاء إعلان وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، عن استقبال اعتذارات المعلمين عن امتحانات الثانوية العامة 2020، وذلك في إطار الاستعداد للامتحانات والتي تنطلق الأسبوع المقبل، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، بسبب أزمة فيروس كورونا.
تجاهل حكومي
وفي تجاهل حكومي لتحذيرات الأطباء ونداءات أولياء الأمور، وكذلك للاعتذارات الكبيرة من قبل المعلمين، فقد أقرت الحكومة إجراء الامتحانات في موعدها المحدد سلفا، حيث أكد وزير التعليم المصري طارق شوقي، الأحد، إن امتحانات الثانوية العامة ستجري بموعدها دون تغيير.
وأضاف الوزير خلال مداخلة هاتفية على إحدى الفضائيات أن القرار بإجراء الامتحانات لحوالي 670 ألف طالب وطالبة هذا العام هو قرار دولة وليس قرار وزير، وجاء بعد تشاور بين كافة الوزارات والجهات المعنية بالدولة، وتابع قائلا إن الحملات والدعوات لمقاطعة الامتحانات ما هي إلى دعوات ممنهجة لإنهاك الدولة من قبل بعض الجهات لم يسمها الوزير.
وأضاف الوزير المصري أن تأجيل الامتحانات بلا تاريخ محدد يمثل مشكلة كبيرة، خاصة أنه سيؤثر على العام الدراسي القادم، كما أن تأجيل عام كامل سيحدث أزمة في الجامعات، حيث ستكون هناك دفعتان من الطلاب، ولا توجد أماكن إلا لدفعة واحدة.
ورفض الوزير إجراء الامتحانات إلكترونيا، أو الاكتفاء ببحث يقدمه الطلاب، مشيرا إلى حالات الغش التي شهدتها تلك الطرق في سنوات النقل التي جرت مؤخرا، وهو ما يمثل اعترافا ضمنيا بالفشل، حيث إن الوزير نفسه أكد مرارا نجاح التجربة.
وأكد شوقي أن وزارة التعليم اتخذت كافة الإجراءات لحماية الطلاب أثناء الامتحانات، عبر تقليل الأعداد داخل اللجان، وتوفير الكمامات ووسائل التطهير والتعقيم، وتنظيم الدخول للجان الامتحان في طوابير، مع ترك مسافة مترين بين كل طالب وآخر.
وقال وزير التربية والتعليم، في تصريحات سابقة، إن الوزارة خصصت 1.9 مليار جنيه لسير الامتحانات، من بينها 950 مليون جنيه لتعقيم اللجان، وتزويد التلاميذ والمراقبين بالمواد اللازمة للوقاية من عدوى كورونا، بالإضافة إلى شراء كمامات وأقنعة واقية وأجهزة كشف حراري، في إطار تدابير مواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا.
اقرأ أيضاً: “كورونا” ينهش قطاع الصحة في مصر .. وفاة 9 أطباء مصريين في يوم واحد
اضف تعليقا