في محاولة أخيرة لتأمين مزيد من الاتفاقات الدبلوماسية في الشرق الأوسط قبل مغادرة الإدارة الحالية للبيت الأبيض في يناير/ كانون ثاني المقبل، يتوجه جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشار، الأسبوع الجاري، إلى المملكة العربية السعودية ودولة قطر.

مسؤولون أمريكيون وخليجيون، أكدوا لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن “جاريد كوشنر المكلف بملف الشرق الأوسط سيلتقي ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد الأمير محمد بن سلمان، في مدينة “نيوم” شمال المملكة، كما سيلتقي أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في العاصمة الدوحة”.

كوشنر

كوشنر

 

وسيرافق كوشنر في جولته، وفدا أمريكيا، يضم مسؤولين كبار، من بينهم مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط “آفي بيروكويتز” و”بيريان هوك”، إضافة إلى “آدم بوهلر” الرئيس التنفيذي لمؤسسة التنمية الدولية الأمريكية. بحسب تأكيد وكالة رويترز.

ورجح المسؤولون أن تتركز لقاءات مستشار الرئيس ترامب في الخليج على عدة ملفات، في مقدمتها الأزمة الخليجية وحل الخلافات مع بين دول الحصار وقطر، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إضافة إلى مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.

ومن المقرّر أيضا أن يبحث صهر ترامب مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، فتح المجال الجوي السعودي أمام الرحلات الإسرائيلية إلى الشرق عموما، وليس إلى دولة الإمارات ومملكة البحرين فقط.

فما مدى فرص نجاح محاولات واشنطن لإذابة جليد الخلاف بين الدول الخليجية؟ وما الثمن الذي تريده السعودية من جارتها قطر مقابل رفع الحصار؟

رغبة سعودية

مصادر دبلوماسية مطلعة، كشفت لصحيفة “فايننشال تايمز” عن وجود محادثات بوساطة الولايات المتحدة والكويت، بهدف وضع الأساس لمفاوضات ثنائية مباشرة بين السعودية وقطر.

وأكدت الصحيفة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن الرياض كثّفت مؤخرا جهودها لحل أزمتها العالقة مع الدوحة منذ أكثر من 3 سنوات، بعد هزيمة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب في الانتخابات.

ولفتت “فايننشال تايمز”، نقلا عن مصادر مطلعة، أن الرغبة السعودية في إنهاء حصار قطر، تأتي في إطار محاولة محمد بن سلمان “كسب ود إدارة الرئيس المنتخب بايدن القادمة، وتقديم هدية وداع إلى ترامب”.

بدوره، صرح مستشار للحكومتين السعودية والإماراتية، للصحيفة، إن ولي العهد بات يشعر بأنه “في مرمى النار” بعد وصول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، لاسيما في ظل الأزمة الدبلوماسية التي تعاني منها الرياض بسبب اعتقال عشرات الناشطين ورجال الأعمال، فضلا عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، قبل عامين في اسطنبول.

وأشار المستشار إلى أن هذه الأسباب دفعت محمد بن سلمان للعمل على إبرام صفقة مع قطر، بهدف إظهار رغبته واستعداده للقيام بخطوات فعلية لإغلاق هذه الملف.

من جانب آخر، قال المحلل السعودي، “علي الشهابي”، المقرب من الديوان الملكي، إن الحكومة السعودية كانت “منفتحة على إنهاء المشكلة” مع قطر منذ عدة أشهر.

وأضاف الشهابي في تصريح للصحيفة البريطانية: “السعوديون كانوا يعملون على إغلاق عدة ملفات ساخنة ومن الواضح أن ملف إنهاء الحصار على قطر واحد من تلك الملفات”.

وفي سياق متصل، أوضح دبلوماسي مطلع على المحادثات أن “الدوحة تريد التأكد من عدم وجود شروط مسبقة عليها، تحت طائلة عدم البدء في محادثات ثنائية”.

وكشف الدبلوماسي  أن “الإجراءات قد ينتج عنها رفع الحظر الجوي، السماح بتنقل المواطنين، بعدما منعوا القطريين الدخول إلى السعودية، الإمارات، وغيرها من الدول”. كما قد تشمل المصالحة اتفاق على شحن الغاز الطبيعي من قطر إلى البحرين.

إصرار أمريكي

وتصر إدارة ترامب على إتمام ملف المصالحة الخليجية، قبل مغادرتها البيت الأبيض. وهذا ما أكده كبار مسؤولي الإدارة، الذين شددوا أكثر من مرة، على أن “الوقت قد حان لإيجاد حل للأزمة الخليجية”، والتي أضرت بمصالح الولايات المتحدة. حسب قولهم.

وفي كلمة له خلال افتتاح الحوار الإستراتيجي الثالث بين الولايات المتحدة وقطر، دعا مايك بومبيو، جميع الأطراف إلى إنهاء الأزمة، وقال “إن الوقت قد حان لإيجاد حل للخلاف الخليجي”.

من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، روبرت أوبراين، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تريد أن ترى حلا للأزمة الخليجية خلال الأيام السبعين المقبلة.

وأعرب أوبراين، في كلمة له خلال فعاليات “منتدى الأمن العالمي لعام 2020″، المنعقدة عبر تقنية الاتصال المرئي، عن رغبة بلاده في أن يتمكن الطيران القطري من التحليق فوق أجواء السعودية والبحرين.

وأكد المسؤول الأمريكي أن وحدة الخليج تصب في مصلحة الجميع، وأن مصلحة واشنطن تقتضي وجود علاقات وديّة بين دول مجلس التعاون الخليجي.

ولم يتطرق المسؤول الأمريكي في حديثه، إلى الإمارات ومصر المشاركتين في حصار دولة قطر إلى جانب السعودية والبحرين، منذ يونيو 2017.

تعنت إماراتي

لكن رغبة واشنطن بالحل، يقابلها تعنت إماراتي واضح، حيث تصر أبوظبي على استمرار الأزمة. وأكد السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، إنه “لا يعتقد أن الأزمة بين قطر ودول خليجية قريبة من الحل” ما لم تراجع قطر مواقفها” وتعالج ما وصفه بـ”الأسباب الجذرية للأزمة”.

وجاءت تصريحات العتيبة، خلال مشاركته في لقاء لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الذي عُقد في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وأداره المدير التنفيذي للمعهد الجنرال “عاموس يادلين”، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق.

وزعم العتيبة أن “المنطقة منقسمة إلى معسكرين: أحدهما يروج للعقيدة والدين والراديكالية ويزج بالدين في كل نقاش -على حد زعمه- وهذا تمثله تركيا وإيران وقطر”.

وأضاف: “عندما تقطع 4 دول مهمة علاقاتها مع دولة بحجم قطر، وتذكر الأسباب والمطالب وما يزعجنا، وعلى القطريين أن يسألوا أنفسهم: لماذا حصل ذلك، وما تسبب به، ولماذا كل هذه الدول منزعجة منا؟”

وادّعى السفير الإماراتي أن “عملية المراجعة لم تحصل”. كما اتهم الدوحة بمواصلة “لعب دور الضحية والادعاء بأنها تتعرض للتنمر، ولكنها لم تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة، وبانتظار تحقيق ذلك لا أعتقد أن الأزمة في طريقها للحل”.

وبالمقابل، قال سفير أبوظبي إن هناك مجموعة أخرى من الدول كالإمارات والبحرين والأردن ومصر والسعودية، “وجميعها تركز على مقاربة مدنية وبراغماتية، وتفكر في مستقبلها وليس ماضيها، وهذا هو الخط الفاصل اليوم في منطقة الشرق الأوسط”.

ومنذ 5 يونيو/حزيران 2017، تفرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا بريا وجويا وبحريا على قطر، بزعم دعمها للإرهاب وعلاقتها مع إيران، وهو ما نفته الدوحة مرارا واعتبرته محاولة للنيل من سيادتها وقرارها المستقل.

وتؤكد الدوحة أن من الضروري حل الأزمة الخليجية بالحوار من دون أي شروط مسبقة، وهو ما تحاول الكويت ومعها سلطنة عُمان إلى جانب الولايات المتحدة، بذل جهود وساطة لإتمامه.

اقرا ايضاً: غضب عربي واسع .. لماذا تتعنت الإمارات في منح تأشيراتها للمسلمين بينما تفتح ذراعيها لإسرائيل؟