قالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن ماضي بن سلمان الأسود – المليء بالجرائم الوحشية وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة- أحبط محاولاته المستمرة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي داخل البلاد، والذي كان يعول عليه كثيراً لإنجاح خطته الاقتصادية “رؤية 2030” التي كان يطمح بها أن يثبت أركانه في الحكم.

 رغم الإحباطات المتتالية والفشل في جذب المستثمرين الأجانب، أكد ولي العهد السعودي أن السعودية تسعى لإنفاق المزيد على المشاريع، جاء ذلك في مقطع صوتي للأمير تم عرضه في لوحة إعلانية رقمية في شارع التحلية -أحد أكبر شوارع الرياض التجارية- حيث ظهرت صورة لمحمد بن سلمان وهو جالساً على مكتبه وفي الخلفية صوته وهو يقول “تخطط المملكة العربية السعودية لإنفاق المزيد في السنوات العشر المقبلة أكثر مما كانت عليه في الـ 300 الماضية”.

 تم رفع الإعلان بعد ساعات من كشف الأمير النقاب عن خطوات جديدة لتعزيز الاقتصاد في 30 مارس/آذار، لتكون هذه الخطوة هي الأحدث في سلسلة من المبادرات منذ بداية العام، والتي تذكر الجميع أن أخطاء السنوات الخمس الماضية تقف عائقاً أمام أحلام الأمير البالغ من العمر 35 عاماً.

 وفقًا للأرقام الحكومية المنشورة في 31 مارس/آذار، بلغ الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية مستوى مرتفعاً في الربع الأخير من عام 2020، ومع ذلك، تصدرت دول مثل مصر والهند قائمة الدول العشر التي استثمر فيها كبرى الشركات الأجنبية، تليها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وعدد من الدول الغربية الأخرى- أي لم تكن السعودية ضمن هذه القائمة.

 ورغم ارتفاع معدل الاستثمار الأجنبي -نسبياً في السعودية، تظل هناك بصمتان في سجل وريث العرش السعودي لا ينساهما المجتمع الدولي أبداً، الأولى حرب اليمن، والثانية الجريمة الوحشية لقتل وتقطيع أوصال الصحفي السعودي بالواشنطن بوست-جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وما يزيد الأمور تعقيداً أمام الأمير أن الإدارة الأمريكية الجديدة أقل موالاة له، ما يهدد بتقويض خطة التحول الاقتصادي للأمير محمد، والتي تعتمد جزئياً -كما ذُكر سابقاً- على الأموال الغربية.

 في حدث على الإنترنت استضافه مجلس الشؤون العالمية في كولورادو سبرينغز في 10 مارس/آذار، حث فهد ناظر، المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن، المشاركين على زيارة بلاده والاستثمار لمساعدة المملكة “على دفع هذه المرحلة المهمة من تطورنا إلى الأمام”، ليرد عليه أحد الحاضرين قائلاً: “الأشياء التي تتحدث عنها مهمة … لكن من الصعب تجاوز جمال خاشقجي”.

 على الصعيد الأمريكي، أوضح الرئيس جو بايدن أن علاقة الولايات المتحدة بالمملكة لن تكون بذات الأريحية كما كانت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، مشدداً على ضرورة التواصل مع الملك سلمان بدلاً من ابنه، كما سمح بايدن برفع السرية عن تقرير استخباراتي أمريكي يكشف تورط الأمير محمد في مقتل خاشقجي؛ ورفضت الحكومة السعودية نتائج التقرير ووصفتها بأنها “تقييم خاطئ وغير مقبول”.

وعلى الرغم من أن الملك لا يزال يترأس الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء ويرسل رسائل عامة إلى زعماء العالم، إلا أن ابنه أصبح الآن واجهة البلاد أو بمعنى أدق “الحاكم الفعلي”.

في الواقع، حاول بن سلمان جاهداً تحويل التركيز مرة أخرى إلى رؤية 2030، وتتراوح جهوده الأخيرة من العمل على إصلاح القضاء إلى دعوة رؤساء الدول لمناقشة مواضيع حول التلوث البيئي، بالإضافة إلى أنه حريص على لعب دور رجل الدولة في المنطقة، ومثل والده، أرسل رسالة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني للتعبير عن تضامنه معه بعد أن أعلنت البلاد في 3 أبريل/نيسان اكتشاف مؤامرة لزعزعة استقرار الأمة.

 في اليمن، حيث قادت المملكة العربية السعودية حرباً تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، تنفق المملكة مئات الملايين من الدولارات لتوفير الخدمات الغذائية والصحية، وبناء المدارس، ومساعدة المزارعين، مما يجعلها أكبر مانح لجارتها، كما طرحت خطة سلام على الطاولة الشهر الماضي لم يقبلها الحوثيون المدعومون من إيران بعد، ومع ذلك، فإن هذه الجهود لا تحجب دور السعودية في الصراع الكارثي الذي خلف أكبر أزمة إنسانية في العالم، بل أطلق تحالف من جماعات حقوق الإنسان -في الذكرى السادسة للتدخل السعودي- حملة توعية تسلط الضوء على ما أُطلق عليه “هجوم الأمير محمد على اليمن”، مع الإعلان عن رفض الإعانات المالية السعودية باعتبارها “تكتيك” لتبرئة ساحته.

 يقول أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية: “كان محمد بن سلمان سيصبح محبوباً لدى الغرب لو لم يكن هناك اليمن وخاشقجي”، مضيفاً “كانت أوروبا والولايات المتحدة مفتونة بنظرته للإصلاحات… هذا الضرر لا يمكن إصلاحه في بعض النواحي”.

 للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضًا: خيبة بن سلمان.. أغلى لوحة في العالم ليست من رسم دافنشي بل طلابه