في اعتراف صريح وغير مسبوق، فجّر المستشار الألماني فريدريك ميرتس جدلًا واسعًا بقوله إن “إسرائيل تقوم بالمهمة القذرة نيابة عن أوروبا والغرب” ضد إيران، في إشارة مباشرة إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على منشآت حيوية إيرانية، والتي يُعتقد أنها نُفذت بدعم غربي ضمني، بل وربما بتواطؤ صامت.

هذا التصريح، الذي أدلى به ميرتس على هامش قمة مجموعة السبع في كندا، يؤكد ما كان يُقال طيلة السنوات الماضية عن أن “إسرائيل” ليست سوى الذراع التنفيذية للسياسات الغربية في الشرق الأوسط، وأن المواجهة مع إيران تخاض بالوكالة، لكنها تخدم بالأساس مصالح القوى الكبرى، خصوصًا في ملف البرنامج النووي الإيراني.

“نحن أيضًا ضحايا”… خطاب مزدوج؟

اللافت في حديث ميرتس قوله: “نحن أيضًا ضحايا لهذا النظام (الإيراني)”، مبررًا بذلك الهجمات على طهران، ومُضفيًا عليها شرعية أوروبية من بوابة “الدفاع الوقائي”. هذا المنطق يعيدنا إلى ما يُعرف بـ”عقيدة بوش” بعد أحداث 11 سبتمبر، لكنه بصيغة نووية جديدة، تستهدف قوة إقليمية ترفض الانصياع للهيمنة الغربية.

اعتراف بالعجز الإسرائيلي.. ودعوة لتدخل أمريكي

وفي تطور موازٍ، أقر ميرتس ضمنيًا بأن “إسرائيل” لا تملك القدرة الكاملة على تدمير البرنامج النووي الإيراني، قائلاً إن “الجيش الإسرائيلي يفتقر للأسلحة اللازمة، بينما يمتلكها الأمريكيون”، في تلميح إلى ضرورة دخول واشنطن على الخط في حال تصاعدت المواجهة.

هذا التصريح يأتي متسقًا مع إشارات أمريكية واضحة على رغبة في تصعيد الضغوط على إيران، حيث قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من على متن طائرة الرئاسة إن “نهاية المشكلة النووية يجب أن تكون حقيقية”، وإنه على طهران أن “تتخلى بالكامل” عن السلاح النووي.

أوروبا تلوّح بالدبلوماسية… بشرط استمرار القصف!

في تناقض فجّ، تحدث ميرتس أيضًا عن استعداد ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لعودة المفاوضات الدبلوماسية مع إيران، إذا “نشأ وضع جديد”، رغم أن الوضع الجديد هو ببساطة الدمار الذي خلّفته الضربات الإسرائيلية الأخيرة، والتي تحظى – بحسب كلامه – بإعجاب واحترام قيادة برلين.

هذا الطرح يكشف عن نهج أوروبي ملتبس: دبلوماسية مشروطة بالقوة، ومفاوضات تأتي بعد تدمير البنى التحتية واغتيال العلماء الإيرانيين، ما يفقد أي حوار مصداقيته، ويفتح الباب أمام ردود فعل أكثر تطرفًا من طهران.

هل باتت الحرب على إيران مشروعًا غربيًا مشتركًا؟

ما بين اعتراف ألماني صريح، وتشجيع أمريكي حذر، وتأييد إسرائيلي معلن، يبدو أن السيناريو الأخطر لم يعد مستبعدًا: تحوّل الهجمات المحدودة إلى ضربات منهجية تهدف إلى شلّ قدرة إيران النووية والعسكرية بالكامل، وهو ما قد يدفع طهران للرد عبر وكلائها الإقليميين أو مباشرة، في سيناريو كارثي على استقرار الشرق الأوسط والخليج.

تصريحات ميرتس تكشف الوجه الحقيقي لمعادلة القوة في المنطقة:

“إسرائيل” تنفذ، وأوروبا تبرر، وأمريكا تُخطط. أما إيران، فباتت أمام خيارين لا ثالث لهما: الرد الصارم أو الاستسلام المشروط. وبين هذا وذاك، يقف الشرق الأوسط كله على حافة انفجار لا يعرف أحد مداه.

اقرأ أيضا: ألمانيا تُخلي مواطنيها من دولة الاحتلال: الغرب يستشعر الخطر ويفتح أبواب الخروج!