في واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة منذ بدء العدوان، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة في خانيونس جنوب قطاع غزة، استهدفت عشرات المدنيين العزّل الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية في دوار التحلية، ما أسفر عن سقوط أكثر من 50 شهيدًا وعشرات الجرحى، بينهم حالات حرجة، في مشهد يعيد إلى الأذهان مشاهد الإبادة الجماعية.
إن استهداف المدنيين في لحظة انتظارهم لقوت يومهم، يعكس بوضوح مدى تعمّد الاحتلال استخدام “سياسة التجويع بالقصف”، لتحويل الاحتياج الإنساني إلى فخ دموي، لا يفرّق بين طفل أو شيخ أو امرأة. إنها ليست ضربة عشوائية، بل استهداف مبرمج لـ”طابور الجوعى”، بما يعكس سياسة متعمدة لقتل الأمل وبثّ الرعب.
وزارة الصحة، التي تحارب بما تبقى من ضمير حيّ وإمكانيات شبه معدومة، أعلنت أن أقسام الطوارئ والعمليات والعناية المركزة في حالة انهيار فعلي، وسط استمرار توافد المصابين والضحايا، في ظل حصار مطبق يمنع إدخال الأدوية والمستلزمات المنقذة للحياة.
هذه المجزرة لا يمكن فصلها عن سياق أشمل من “الإبادة عبر الأدوات الإنسانية”، حيث يُمنع الغذاء، وتُقصف المساعدات، وتُقتل الحشود الباحثة عن الخبز والدواء. إنها جريمة حرب مكتملة الأركان، لا يسقطها الزمن ولا يخفيها الصمت الدولي المتواطئ.
هل ما زال هناك من يتحدث عن “حق الدفاع عن النفس” بينما الأطفال يُقتلون وهم في طوابير الإغاثة؟
وهل نحتاج إلى أكثر من هذه الجثث حتى نسمّي الأمور بمسمياتها: إبادة جماعية مموّلة بالصمت؟
اقرأ أيضا: السيسي يرحّل المتضامنين مع غزة حماية للاحتلال: حملة قمع موسعة ضد الناشطين في مصر
اضف تعليقا