تفتتح الجمعية العامة للأمم المتحدة أعمال دورتها الرابعة والسبعين، عند الساعة الثامنة والنصف بتوقيت نيويورك اليوم الثلاثاء، على وقع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، بعد أيام على استهداف منشأتَين سعوديّتَين للنفط، في وقت يجهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتوسط بين الولايات المتحدة وإيران.

وبحسب جدول الجمعية العامة التي سيأخذ ملف تغير المناخ حيزاً واسعاً من أعمالها، سيكون الرئيس البرازيلي جيير بولسونارو أول المتحدثين بين زعماء العالم. وهاجم بولسونارو الشهر الماضي، بعنف، مبادرة ماكرون في قمة مجموعة السبع، التي تمّ فيها تخصيص 20 مليون دولار بشكل عاجل لإرسال طائرات متخصصة في إخماد الحرائق، للمساهمة في إخماد حرائق الأمازون. واتهم الرئيس البرازيلي ماكرون بالتشكيك في سيادة البرازيل على أراضيها.

وكان الرئيس البرازيلي رفض حتى في البداية مساعدة مجموعة السبع المالية، لكنه تحت الضغوط الدولية، أرسل الجيش لإخماد الحرائق، التي غالباً ما هي متعمدة.

ترامب يعرض استراتيجيته بشأن إيران

وتلي كلمة بولسونارو، كلمة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يعود، اليوم الثلاثاء، للمرة الثالثة إلى منصة الأمم المتحدة التي تفتتح أعمال جمعيتها العامة لكي يعرض استراتيجيته بشأن إيران والتي تثير تساؤلات في أجواء من التوتر الشديد، وفق “فرانس برس.

ومنذ هجمات 14 سبتمبر/أيلول على منشأتين نفطيتين سعوديتين، والتي حمّل الغربيون مسؤوليتها لإيران، تتراوح مواقف ترامب بين التهديد والدعوة الى “ضبط النفس” في الوقت نفسه. وقال الاثنين: “الكثير من الأمور تحصل بخصوص إيران، أكثر مما يعرفه الصحافيون”، مثيراً تكهنات جديدة حول مبادرة محتملة.

ويلقي الرئيس الأميركي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد نظيره البرازيلي، وسيحرص على الأرجح على التوجه بكلمته إلى قاعدته الانتخابية، قبل حوالى 400 يوم من الانتخابات الرئاسية المقبلة. فقد وعد الملياردير الجمهوري بالتحدث عن “النجاحات الهائلة” للولايات المتحدة ووضع الاقتصاد الأميركي الذي وصفه بأنه “رائع”.

لكن يخيم على خطابه التهديد الذي أطلقته المعارضة الديمقراطية، باحتمال إطلاق إجراء إقالة، بعد الكشف عن معلومات عن سعي الرئيس الجمهوري، عبر ممارسة ضغوط على أوكرانيا، لإيذاء خصمه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات. إلا أن الرئيس الأميركي أكّد الاثنين أنّه مطمئن وأنّه “لا يأخذ مطلقاً على محمل الجدّ” ما يتردّد عن السعي لإقالته من منصبه.

وبات السؤال الأبرز في أروقة نيويورك هو هل يعقد اللقاء التاريخي بين دونالد ترامب وحسن روحاني. واعتباراً من الإثنين، باتت كلّ الأنظار متّجهة إلى الرئيسين الأميركي والإيراني المتواجدين في نيويورك. وكان ترامب قال الاثنين إنه لا يمكنه أن يستبعد إجراء لقاء مع نظيره الايراني حسن روحاني خلال تواجدهما في الأمم المتحدة هذا الأسبوع، لكن لا شيء مقرراً في الوقت الراهن. وقال للصحافيين: “أنا لا أستبعد أي شيء”، مضيفاً أن “لا شيء مقرراً في هذه اللحظة”.

ماكرون والدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة

في نهاية أغسطس/آب في بياريتس، حرّك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجموعة السبع في ملف حرائق غابات الأمازون وتوصل إلى اتفاق مبدئي مع ترامب وروحاني لعقد لقاء بينهما كان يأمل تنظيمه شخصياً.

ويبدو، وفق ما ذكرته “فرانس برس” الأحد، أن طموحه الدبلوماسي الكبير هذا يصعب تحقيقه أكثر من أي وقت مضى، منذ الهجوم على منشآت نفطية سعودية، الذي صب الزيت على النار.

ومع وجود ترامب وروحاني في نيويورك في نفس الوقت، قال ماكرون إنّ هناك فرصة لإجراء مناقشات. لكنّه أقرّ بأنّ “فرص عقد مثل هذا الاجتماع لم تتحسن بالتأكيد”. بدوره، أوضح ترامب، وفق ما أوردته “رويترز” أمس الإثنين، أنّ جدول أعماله لا يشمل الاجتماع بالرئيس الإيراني حسن روحاني، هذا الأسبوع، لكنه لم يستبعد الاجتماع به في نيويورك.

ومن على منبر الأمم المتحدة، يُتوقع أن يتطرق ماكرون، بعد ظهر اليوم، إلى المناخ والأزمات الإقليمية وأيضاً إلى الصحة، داعياً إلى إعادة تشكيل الصندوق العالمي لمكافحة مرض الإيدز الذي ستعقد قمة بشأنه في ليون في 9 و10 أكتوبر/تشرين الأول ويلتقي بيل غيتس لبحث الموضوع.

وسيبذل الرئيس الفرنسي كل الجهود لتواصل الجمعية العامة للأمم المتحدة المساعي الدبلوماسية خلال قمة مجموعة السبع التي استضافها، وهي مناسبة ليثبت التزامه بملف المناخ وجدوى نشاطه الدبلوماسي في آن.

وقبل قمة مجموعة السبع، عندما بدأ الرأي العام يتحرك بسبب الحرائق في غابات الأمازون، أثار ماكرون مفاجأة بإعلانها أولوية القمة. ونجح في حمل الدول السبع على تخصيص 20 مليون دولار بشكل عاجل لإرسال طائرات متخصصة في إخماد الحرائق.

السيسي يتسلّح بجرعة دعم أمريكية

سيكون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ثالث المتحدثين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد نظيره الأميركي دونالد ترامب الذي أعطاه جرعة دعم قوية أمس الإثنين، فيما يواجه تظاهرات في بلاده تطالب برحيله على خلفية قضايا فساد. وقال ترامب للسيسي لدى لقائهما على هامش اجتماعات الجمعية العامة: “الجميع لديه مظاهرات… لا لست قلقاً بشأنها. مصر لديها زعيم عظيم”. وسُئل السيسي عن المظاهرات فحمّل “الإسلام السياسي” المسؤولية عنها.

وتأتي كلمته في ظلّ دعوة جديدة للفنان والمقاول المصري محمد علي، لجموع المصريين إلى تنظيم مليونية حاشدة في الميادين الكبرى بالمحافظات، يوم الجمعة المقبل، في حالة عدم استجابة السيسي إلى مطالب تنحيه عن الحكم، مشدداً على ضرورة التزام المتظاهرين برفع أعلام مصر فقط خلال فعاليات المليونية، من دون رفع أي شعارات حزبية.

أردوغان والمنطقة الآمنة

بعد السيسي، يعتلي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منبر الأمم المتحدة حيث من المتوقّع أن يركّز على ملف اللاجئين السوريين في تركيا، بالإضافة إلى المنطقة الآمنة في شرق الفرات.

وهدّد أردوغان مرة أخرى، في مؤتمر صحافي عقده في إسطنبول السبت الماضي، بسحق “وحدات حماية الشعب” الكردية في منطقة شرقي الفرات، مؤكداً أن بلاده ستقصم ظهر القوات الكردية إلى حد كبير، عبر خطوات ستتخذها شمالي وشمال شرقي سورية.

وقال، قبيل توجهه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنّ “استعداداتنا انتهت على طول حدودنا مع سورية”، مؤكداً أنه “لا يمكننا تجاهل الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية في مكان لم تُدعَ إليه، فدعمها لتنظيمات مثل الوحدات الكردية وحزب العمال الكردستاني، واضح للعيان”.

وكرّر أردوغان تهديده “بفتح الأبواب” أمام اللاجئين السوريين إلى أوروبا ما لم يتم تقديم مساعدات ومزيد من الدعم بشأن “المنطقة الآمنة”. وقال في مقابلة مع وكالة “رويترز”، هذا الشهر: “إذا لم يكن بمقدوركم قبول هذا الأمر سنفتح الأبواب. لندعهم يذهبون من هناك لأي مكان يريدونه”.