العدسة – معتز أشرف:

الخلافات بين زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع المعروفة أيضًا باسم “جي 7” ظهرت واضحة  في القمة المنعقدة في كندا، لكثير من الأسباب أهمها تمسك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعودة روسيا إلى المجموعة إلا أن الرفض الأوروبي لطلب واشنطن كان بمثابة الصدمة.

إعادة روسيا         

فخلال القمة كانت “جولة إعادة روسيا” الأبرز في بنود خسارة الولايات المتحدة الأمريكية ؛ حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة نظراءه في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى التفكير في إعادة روسيا إلى المجموعة، وذلك بعد استبعادها؛ بسبب ضم موسكو شبه جزيرة القرم إلى أراضيها.

وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض: “طردوا روسيا وعليهم إعادة روسيا؛ لأنه يجب أن تكون روسيا معنا على طاولة المفاوضات، أنا أسوأ كوابيس روسيا، لكن رغم قول ذلك فإنَّ روسيا يجب أن تكون في الاجتماع، فلماذا نجتمع بدون وجود روسيا في الاجتماع ” مضيفًا: “سأوصي، والأمر يعود لهم. لكن روسيا يجب أن تكون في الاجتماع، يجب أن تكون جزءًا منه”.

التصريحات لم تلبث كثيرًا، حيث رفضها حلفاؤه الأوروبيون الغاضبون أصلًا من السياسات الروسية وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إن أعضاء الاتحاد الأوروبي المشاركين في القمة متفقون على أنه ينبغي ألا يحدث ذلك.

وكانت المجموعة، تضم 8 دول منذ عام 1998، لكن الدول الأعضاء قررت عدم الحضور إلى القمة في سوتشي في عام 2014؛ بسبب الأوضاع في القرم، والتقت في بروكسل دون روسيا.

الحرب التجارية

ترامب عزل نفسه بنفسه قبل انطلاق القمة وخسر حلفاء أمريكا القدامى بشكل درامي؛ حيث أثار عاصفة من التبرم الأوروبي ضده،  حتى قبل بدئها مع توجيه ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات إلى دونالد ترامب الذي رد بحدة مساء الخميس، حيث كتب ترامب في تغريدة مساء الخميس “أرجو أن تقولوا لرئيس الوزراء ترودو والرئيس ماكرون إنهما يفرضان رسومًا باهظة على الولايات المتحدة ويضعان حواجز غير جمركية”، قبل أن يضيف “أتطلع لرؤيتهما غدًا”.

وسخر ترامب من ترودو الذي وصفه بأنه “مستنكر”، وذكره بأنّ بلاده تفرض رسومًا تصل إلى 300% على مشتقات الحليب، وهاجم في تغريدة أخرى الاتحاد الأوروبي وكندا بقوله “خفضوا الرسوم والحواجز الأخرى وسنفعل أفضل منكم!”.

 

الاستقبال الفاتر كان الرد؛ فالأوروبيون الأربعة: إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل وتيريزا ماي وجوزيبي كونتي، قرروا الاجتماع قبل بدء القمة للإعراب عن نفاد صبرهم من تهديداته بحرب تجارية، فلم يعد الهدف، وفقًا للرئيس الفرنسي، إقناع ترامب بإعادة النظر في الرسوم المؤلمة على واردات الصلب والألمنيوم، إذ إن الملياردير بدا غير مكترث بالانتقادات الموجهة إليه وواصل تهديداته، وقال ماكرون: إنّ “ترامب ينفذ وعود حملته الانتخابية، نحن هنا أمام شخصية يمكن أن نتنبأ بسلوكها”. لكنه قال إنه يعتزم إقناعه بأن “الحرب التجارية ليست في مصلحة أحد، ولكنني مقتنع بأن أوروبا ستحافظ على وحدتها وستبقى كذلك لوقت طويل”، متحدثًا عن تشكيل جبهة مشتركة.

رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، حذر من أن موقف الرئيس الأمريكي بشأن التجارة وتغير المناخ والقضية الإيرانية يشكل خطرًا حقيقيًّا، مؤكدًا أنه ما يقلقه هو أن النظام الدولي المرتكز على حكم القانون يواجه مخاطر، والأغرب هو أن الذي يشكل هذا الخطر ليس المشتبه فيهم المعتادين لكن مهندس (هذا النظام) وداعمه الرئيس.

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، تريزا ماي، إنها تريد من الاتحاد الأوروبي أن يتخذ إجراءات محسوبة ومتكافئة ردًا على التعريفات الأمريكية، وعلى عكس ماكرون وترودو، لن تعقد ماي اجتماعًا ثنائيًا مع ترامب، لكنها أصرت، الجمعة، على أنّ هذا ليس تجاهلًا.

إيران والمناخ

انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران واتفاقية المناخ أيضًا باتا يشكلان نقطتي عزلة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية في قمة الدول السبع التي يعتبر الاتحاد الأوروبي صاحب اليد الطولى فيها في مواجهة ترامب الذي فرض على نفسه العزلة والحصار الإعلامي اللاذع،  كان آخر مشاهده هجوم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على الرئيس دونالد ترامب.

وقال هايكو ماس في تصريحات لصحيفة “زود دويتشه تسايتونج” الألمانية الجمعة، إنَّ هناك اختلافات “لم يعد بإمكاننا التغاضي عنها، واعتبر ماس رفض ترامب لاتفاقية حماية المناخ والاتفاق النووي مع إيران وفرضه لقيود جمركية على واردات الصلب والألومنيوم القادمة من الاتحاد الأوروبي قرارات منفردة تضر بأوروبا، وذكر ماس أن ترامب “لا يمانع في إحداث أضرار مباشرة بأوروبا، ولذلك “نحن نمر بتغيير بالغ المدى”. موضحًا أن ترامب يُعرض عن النظام المتعدد، ويتصرف على نحو منفرد، وفقًا للمصالح الأمريكية فقط، ويتبع سياسة فوقية تعلو فيها دولة على أخرى، وقال: “لا شيء من ذلك سيؤدي إلى عالم أفضل أو أكثر أمانًا أو سلمًا”.

الأزمة وصلت إلى ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” الذي أعرب كذلك عن أسفه إزاء الخلافات التي تحيط بالعلاقات عبر المحيط الأطلسي، بينما أشار إلى أن هذه الخلافات لم تضعف التحالف العسكري، مضيفًا أنه سيكون أفضل شيء هو أن نكون قادرين على حل تلك الخلافات بشأن التجارة، وإيران، والمناخ. لكن طالما بقيت هذه الخلافات دون حل، فإنّ مسئوليتي الرئيسية هي التأكد من أن يكون حلف الناتو قويًا ومتحدًا، على الرغم من هذه الخلافات”.

 

 تدهور جديد

وبحسب جيمس روبنز، المراسل الدبلوماسي، لدى بي بي سي فإنَّ الخلافات بين دونالد ترامب وحلفاء أمريكا الرئيسيين شهدت مرحلة جديدة من التدهور بسبب التعريفات التجارية قبل أن يلقي ترامب، دون ترتيب، قنبلته اليدوية بشأن روسيا، وغالبية قادة الدول السبع الكبرى يعتقدون بأن قرار استبعاد روسيا من المجموعة عام 2014 كان قرارًا صحيحًا آنذاك وحتى اليوم حتى موسكو نفسها تبدو غير مبالية بشأن العودة مرة أخرى، وبأساليب كثيرة، يبدو هذا أسلوبًا مقصودًا من دونالد ترامب لصرف الانتباه عن حرب التصريحات المتبادلة مع بقية قادة مجموعة السبع الكبرى بشأن التجارة والسياسات الحمائية، كما يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لا تروق له فكرة المجموعة كلية، فهو آخر من وصل وسيكون أول من يغادر.