العدسة – معتز أشرف:

في كل تراجع له تبرير، وفي كل هزيمة له شماعة، حتى أمست السعودية في عهده نموذجًا للمعاناة والفشل، إنه الأمير محمد بن سلمان الذي يتطلع لعرش والده بكل السبل، رغم فشله، بحسب مراقبين ومعارضين بارزين.

نرصد شماعات الفشل التي استخدمها حتى الآن بن سلمان في كافة هزائمه المستمرة.

شماعة حزب الله!

رغم الخسائر المدوية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، تعهد محمد بن سلمان بمواصلة الحرب في اليمن، معلقًا الاستمرار على شماعة حزب الله؛ حيث قال ولي العهد السعودي: إن “حرب اليمن ستستمر لمنع الحوثيين من التحول إلى حزب الله آخر على حدود المملكة”. وأضاف: “اليمن أشد خطورة من لبنان؛ إنه يطل على باب المندب فإذا حدث شيء هناك، سيعني ذلك توقف عشرة بالمائة من تجارة العالم. هذه هي الأزمة”، وهو ما رد عليه الناطق الرسمي لجماعة الحوثيين، محمد عبد السلام، بأن استدعاء بن سلمان تجربة حزب الله اللبناني “يجعل النظام السعودي في موقع العدو الإسرائيلي”، مشددًا على أن “لا تفسير لتعنت النظام السعودي وإصراره على استمرار الحرب سوى تخندقه المطلق إلى جانب إسرائيل”.

وفي لبنان كانت خسارة حليف السعودية رئيس الوزراء المكلف حاليًا سعد الحريري في الانتخابات، صفعة جديدة بحسب المراقبين للأداء السعودي الخارجي تحت قيادة الأمير الشاب،  وقال الكاتب السعودي جمال خاشقجي نتيجة الانتخابات في لبنان نكسة لمساعي السعودية ضد إيران، فيما دعا الكتاب المحسوبون على ” بن سلمان” إلى تدخل صهيوني في لبنان فور إعلان النتائج، ودعا الكاتب الصحفي السعودي والمقرب من الديوان الملكي صالح الفهيد، بلاده للخروج من لبنان وتركه لإسرائيل لتعمل به ما تشاء، كما تركت سوريا.

وأضاف في تغريدة أخرى معلقًا على تأكيد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على ضرورة أن ينأى لبنان بنفسه عما يدور في الإقليم: “عن أي نأي بالنفس يتحدث الحريري و خبراء حزب الله اللبناني هم من يدير عمليات إطلاق الصواريخ من اليمن على السعودية كما يقاتل جنود الحزب في سوريا والعراق؟ وهل تدريب البحرينيين واليمنيين والبولساريين شكل من أشكال النأي بالنفس؟ واليوم حقق حسن نصرالله خطوة كبيرة ومهمة في مشواره نحو تحقيق هدفه الاستراتيجي بتحويل لبنان إلى قطعة من جمهورية ولاية الفقيه الإيرانية الفارسية!”.

شماعة الفساد!

ووفق المراقبين استخدم “بن سلمان” شماعة الفساد، في حملته ضد الأمراء؛ لتمهيد الطريق إلى العرش، وجاء رقم الموقوفين، الذي طال 11 أميرًا وعشرات الوزراء والمسؤولين السابقين ورجال المال والأعمال بتهم فساد، في سابقةٍ لم يشهدها تاريخ البلاد منذ أن وصل آل سعود إلى سدة الحكم، مع إعفاء الأمير متعب بن عبد الله من منصبه كوزير للحرس الوطني، جعل فريقًا من المتابعين للشأن السعودي، يستبعد أن يكون سبب الحملة محاربة الفساد فقط، وأنها تذهب إلى “تعزيز سيطرة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على مفاصل الدولة، تمهيدًا لما سماه “نقل سلس للسلطة، في خطوة أصبحت قاب قوسين أو أدنى”، عبر اعتقال أو إقصاء المعارضين لسياساته، ومنهم الأمير متعب”.

 

وفي هذا السياق أكدت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أنَّ قرارات لجنة مكافحة الفساد بتوقيف عشرات الأمراء والوزراء بتهمة الفساد، محاولة لتوطيد سلطات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بمغازلة السعوديين الذين سئموا من سنوات من التقشف والفوارق وعدم المساواة في الثروة، ولتسريع خطواته نحو العرش، موضحة أن حجم الاعتقالات يعني تجاوزها المزاعم المتعلقة بالفساد، وهي مصممة لتمهيد الطريق نحو العرش.

المغرد السعودي الشهير “مجتهد” أكد أن “وصف الحملة بأنها ضد الفساد ليس له من الحقيقة نصيب”، موضحًا أن “محمد بن سلمان يريد تحقيق هدفين من هذه الحملة؛ الهدف الأول الاستيلاء على أكبر كمية من المال للاستحواذ عليها له شخصيًا من خلال صندوق الاستثمارات العامة ومشاريع شركة نسما والفتات للميزانية، والهدف الثاني هو استخدام محاربة الفساد مبررًا لإرهابهم وغيرهم ممن قد يتمردون عليه، ولو بالكلام ويتحقق بذلك إزالة العقبات أمام وصوله للملك”.

ورغم استمرار القلق في الديوان الملكي حول وصول مريح لابن سلمان ساهمت الحملة المزعومة ضد الفساد- بحسب المراقبين- في إثارة المخاوف من الهجمة على المال العام في الاستثمارات، ووفق ما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، جاءت الجولة الخارجية التي قام بها محمد بن سلمان في أمريكا وبريطانيا وفرنسا لتحسين صورة المملكة لدى المستثمرين والشركات بعد توقيف حوالي 350 من نخبة الأعمال في المملكة في نوفمبر الماضي في حملة أطلقتها الحكومة لمكافحة الفساد”، وهو الأمر الذي بدّد ما جمعه ابن سلمان من أموال في هذه الجولة تحت بند توقيع صفقات جاءت كرشاوى، بحسب ما يرى المتابعون.

شماعة الإرهاب!

كانت الشماعة جاهزة في العدوان على قطر، وفرض الحصار عليها من السعودية ومصر والبحرين والإمارات، وصِيغَت هذه المرة في سياق الحملة الدولية ضد الإرهاب؛ حيث اتهمت السعودية ومنصات بن سلمان الإعلامية والحقوقية قطر بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وهي بالمناسبة نفس الاتهامات الموجهة إلى حزب الله فيما نفت قطر هذه الاتهامات، مؤكدة أن “هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة”.

وطالبت قطر كذلك من مجلس حقوق الإنسان والآليات التابعة له في الأمم المتحدة بإيلاء انتهاكات دول الحصار ضدها، الاهتمام الكافي والعمل على إنهائها فورًا ومحاسبة المسؤولين عنها وتعويض المتضررين منها تعويضًا عادلًا، مؤكدة أن مواجهة الإرهاب تحتاج إلى اتباع نهج شامل ومتكامل يرتكز على رؤية أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وعلى اتخاذ تدابير وقائية تحدّ من الظروف المؤدية إلى انتشاره.

الهدف الحقيقي من استخدام شماعة الإرهاب مع قطر، أعلنه سفير دولة قطر المفوض فوق العادة لدى الاتحاد الروسي فهد العطية، موضحًا أنَّ “الحملة الموجهة ضد بلاده، وموجة الضغط التي تتعرض لها قطر تهدف إلى إسقاط النظام القائم هناك، وتشكيل حكومة تكون خاضعة لمشيئة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة”، مشيرًا إلى أن قطر معروفة كدولة تنتهج سياسة مستقلة دعمت دائمًا الاحتجاجات المناهضة للحكومات خلال الربيع العربي.

 

وحول مزاعم الإرهاب أشار إلى أنَّ الإدارة الأمريكية، وقبل عدة أشهر فقط، اتهمت السعودية بدعم الإرهاب؛ مؤكدًا أن غالبية المتهمين بتنفيذ الهجمات الإرهابية، التي وقعت في نيويورك في عام 2001، هم مواطنون سعوديون وإماراتيون، ولا يوجد بينهم أي مواطن قطري.

ورغم الهجوم الشرس من بن سلمان ومساعديه وحلفائه ضد قطر، لكن وفق مراقبين أثبتت قطر قدرتها على الصمود والتحدي ومواجهة توابع الحصار، وسجل مركز الجزيرة للدراسات في دراسة له بعنوان “صمود قطر: نموذج في مقاومة الحصار وقوة الدول الصغيرة”، مؤكدًا أنَّ قطر لم تنجح في حشد موقفي أهم قوتين إقليميتين إلى جانبها وحسب، بل تمكنت كذلك من كسب تأييد القوى الرئيسية في أوروبا وآسيا، والابتعاد نسبيًّا عن موقف دول الحصار، بجانب تأمين الوضع الداخلي خاصة الاقتصادي.. في خسارة فادحة لـ”بن سلمان” ورفاقه.