بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة إلى قطر الاثنين، في أول رحلة له إلى بلد عربي منذ العملية العسكرية لأنقرة التي واجهت تنديدا واسعا، ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا قبل نحو شهر ونصف الشهر.

ومن المقرّر أن يوقّع إردوغان اتفاقيات ومذكّرات تفاهم خلال زيارته الثالثة إلى الحليفة قطر منذ قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع الدوحة في حزيران/يونيو 2017.

لكن الزيارة تأتي أيضا في توقيت سياسي حسّاس، في ظل وجود مؤشّرات على إمكانية حدوث انفراج في الأزمة بين قطر وجيرانها والتي دفعت الدوحة إلى تعزيز علاقاتها بأنقرة سياسيا واقتصاديا.

واستقبل أردوغان في مطار الدوحة نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع القطري خالد العطية، قبل أن يلتقيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في وقت لاحق ويجري معه محادثات، وفقا لوكالة الأنباء الحكومية القطرية.

وبحسب بيان للرئاسة التركية، فإن محادثات إردوغان والشيخ تتعلق بتعزيز هذه العلاقات، على أن يشهدا التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكّرات التفاهم في عدة مجالات ضمن أعمال الدورة الخامسة للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية.

ومن المقرّر كذلك أن يزور إردوغان قاعدة طارق بن زياد التركية التي تضم نحو خمسة آلاف جندي. وكانت وسائل إعلام تحدّثت عن نية قطر شراء 100 دبابة مصنّعة في تركيا.

وأمير قطر كان أول رئيس دولة اتصل بالرئيس التركي في أعقاب محاولة الانقلاب في تموز/يوليو 2016. كما أن إردوغان زار الدوحة بعد أسابيع قليلة من قطع جيرانها العلاقات معها.

وأيّدت الدوحة أنقرة في هجومها العسكري ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا في 9 تشرين الأول/أكتوبر، بينما دانته دول عربية بينها السعودية ووصفته بـ”العدوان” التركي.

وقالت وزارة الخارجية السعودية حينها إنّ المملكة تدين “العدوان الذي يشنه الجيش التركي على مناطق شمال شرق سوريا في تعدٍ سافر على وحدة واستقلال وسيادة الأراضي السورية”.

 

– متانة العلاقات –

على الرغم من التأييد التركي العلني، تحدّثت تقارير في وسائل إعلام تركية عن غضب في أنقرة جراء تغطية شبكة “الجزيرة” القطرية للعملية العسكرية التركية في سوريا.

وكتبت حيفة “ديلي صباح” هذا الشهر أنّ “قناة الجزيرة الانكليزية شوّهت العملية”، ما دفع بمحللين إلى الحديث عن خلاف تركي قطري بسبب ذلك.

قال أندرياس كريغ الباحث المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط في كينغز كولدج البريطانية لوكالة فرانس برس إن “القطريين وجدوا أنفسهم في موقف صعب خلال العملية التركية في سوريا إذ إنهم أقرّوا بحق تركيا في الدفاع عن نفسها بينما اختلفوا معها في الطرق والوسائل التي اتّبعتها لتحقيق ذلك”.

وتابع أنّ إردوغان يزور الدوحة رغم ذلك “لإظهار متانة العلاقات الثنائية بعد أسابيع من التقارير الإعلامية التي تتحدّث عن شرخ”.

وفي خضم الأزمة المالية التركية، حصل إردوغان العام الماضي على دعم بقيمة 15 مليار دولار من أمير قطر الشيخ تميم.

ولدى الدوحة استثمارات في تركيا بأكثر من 20 مليار دولار، بحسب أرقام السنة الماضية، في وقت تعدّ أنقرة في مقدمة الجهات المصدرة إلى الإمارة الثرية.

بالمقابل، تشهد العلاقات بين تركيا ودول عربية أخرى توتّرات على خلفية الهجوم ضد القوات الكردية ودعم أنقرة للدوحة في خلافها مع جيرانها. وعلى رأس هذه الدول السعودية، التي تدهورت علاقاتها مع أنقرة منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2018.

لكن زيارة إردوغان للدوحة تتزامن مع وصول منتخبات السعودية والبحرين والإمارات لكرة القدم إلى العاصمة القطرية للمشاركة في بطولة كأس الخليج العربي، في خطوة غير مسبوقة منذ قطع العلاقات.

ورأى مراقبون أنّ مشاركة الدول الثلاث الاختيارية في البطولة مؤشّر على نية لبدء العمل على إنهاء الأزمة الدبلوماسية.

وبحسب الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشينزيا بيانكو، فإنّ أردوغان يحاول من خلال زيارته لقطر “ضمان ألا يأتي التقارب المحتمل في الخليج على حساب العلاقات التركية القطرية”.