قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات هو قانون يعرف اختصارا باسم “كاتسا” CAATSA، وأقره الكونغرس الأمريكى بهدف فرض عقوبات على أعداء الولايات المتحدة مثل كوريا الشمالية وإيران.

إلا أن الهدف بالأساس كان روسيا ومبيعاتها العسكرية وعلاقاتها الخارجية وقطاعات محددة مثل قطاع الطاقة وقطاع الإنتاج العسكرى والقطاع المالى. ملخص القانون أنه سيتم فرض عقوبات واسعة على أى دولة يمكن أن تض ر علاقاتها مع روسيا بالمصالح الأمريكية.

حصل القانون على أغلبية كبيرة تقترب من الإجماع بمجلس الشيوخ إذ صوت له 98 عضوا من الأعضاء المائة فى أغسطس 2017 وقبل ذلك مر مشروع القرار فى مجلس النواب بأغلبية بلغت 419 صوتا من أصوات المجلس البالغة 435 عضوا.

ورغم عدم إعجاب ترامب بالتشريع الجديد، اضطر الرئيس الأمريكى للتوقيع عليه ومن ثم أصبح قانونا ساريا.  

وبرر أعضاء الكونغرس من الحزبين القانون على خلفية استمرار مشاركة روسيا فى عدوانها على أوكرانيا واستمرار تدخلها فى الحرب فى سوريا، إضافة لتدخلها فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.

وتضمن القانون الأمريكى الجديد فرض عقوبات تتعلق بمجالات واسعة منها الأمن الالكترونى، ومشاريع الطاقة، وأنشطة والمؤسسات المالية والفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتصدير الأسلحة.

وأهم ما تضمنه القانون يتعلق بفرض عقوبات على الحكومات الأجنبية التى توفر أو تتلقى من كوريا الشمالية أسلحة أو خدمات أمنية، فيحظر حينذاك تلقيها أنواعا معينة من المساعدات الخارجية الأمريكية.

* * *

فى اليوم الذى وقّع فيه الرئيس دونالد ترامب على مشروع القانون، أصدر بيانا جاء فيه: «بينما أؤيد التدابير الصارمة لمعاقبة وردع السلوك العدوانى والمزعزع للاستقرار من جانب إيران وكوريا الشمالية وروسيا، فإن هذا التشريع معيب بشكل كبير. وبسبب التسرع فى إصدار هذا التشريع، تضمن المؤتمر عددا من الأحكام غير الدستورية الواضحة».

واعترضت العديد من دول العالم خاصة تلك التى تجمعها علاقات تعاون عسكرى أو تشترى أسلحة من روسيا.

وأصدرت كل من ألمانيا والنمسا بيانا مشتركا قالتا فيه إن مشروع القانون المقترح يعلن «جولة جديدة وسلبيات جديدة فى العلاقات الأوروبية الأمريكية» وأن بعض الأحكام تؤثر على مشاريع خطوط أنابيب الغاز مع روسيا وتشكل تهديدا لأمن الطاقة فى الاتحاد الأوروبى.

كذلك أكدت الهند على استقلال قرارها الخارجى بعدما كانت قد تعاقدت بالفعل فى أكتوبر 2018 على استيراد منظومة الدفاع الجوى الروسية إس 400 بقيمة 5.4 مليار دولار.

دفعت علاقات الولايات المتحدة بعدد من الدول المهمة والحليفة لها والتى تجمعها كذلك علاقات جيدة مع روسيا سواء فى مجالات قطاع الطاقة أو مجال التعاون والمشتريات العسكرية إلى تعقيدات واسعة.

دول مثل الهند وتركيا والعراق قد تقع فى دائرة شبهات هذا القانون.

* * *

فى الحالة التركية، لم تمرر واشنطن موضوع شراء تركيا لصواريخ “أس 400” مرور الكرام. وحذرت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على تركيا وذلك على الرغم من عضويتها فى حلف الناتو. وتشمل العقوبات الأمريكية حظر بيع طائرات “أف 35” المقاتلة وصواريخ باتريوت لتركيا.

من ناحية أخرى، جاء تسليط الضوء من جديد على الشأن المصرى مصاحبا لانتهاء لقاء الرئيسين ترامب والسيسى على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام وفتحت موضوعات العلاقات الثنائية للبحث بين الطرفين.

ورغم قوة العلاقات بين الرئيسين ترامب والسيسى، لا يمكن استمرار اعتماد مصر على معادلات قديمة فى علاقتها بواشنطن خاصة مع وجود قوانين جديدة تمنع عمليا تنويع مصادر السلاح.

على القاهرة أن تدرك أن عليها تقديم الجديد فى تناولها للعلاقات بواشنطن، فلم يعد مقبولا الاعتماد على المعادلة التقليدية التى حكمت علاقات الدولتين لعقود طويلة، خاصة مع عدم صلاحيتها كما أظهرت تطورات السنوات الأخيرة.

التصور التقليدى ينظر إلى العلاقات كونها استراتيجية بجمعها بين دولة عظمى ذات نفوذ كبير فى الشرق الأوسط، وتمتلك مفاتيح البوابة الملكية للمؤسسات المالية الدولية من ناحية، ودولة إقليمية رائدة لها وزن كبير مؤثر فى مختلف قضايا المنطقة سواء فى شمال إفريقيا أو منطقة الخليج العربى والهلال الخصيب، من ناحية أخرى.

تصور آخر يسيطر على رؤية الجانب المصرى وتتعلق بمعادلة «مساعدات أمريكية مقابل تعاون مصري» حيث لعبت القاهرة دورا محددا فى محيطها الإقليمى يخدم المصالح الأمريكية مقابل تلقيها مساعدات عسكرية واقتصادية زادت على 75 مليار دولار حتى اليوم.

وهو تصور يراه البعض قديما وغير صالح للاستخدام. أما التصور الجديد، فيتطلب معه مراجعة مصالح الأمن القومى المصرى ليوائم بيئة إقليمية رخوة سهلة التغيير.