في مفاجأة من العيار الثقيل، تم الكشف عن قيام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان -قبل عدة أشهر- بتحذير بوريس جونسون من أن العلاقات بين المملكة المتحدة والسعودية ستتضرر إذا فشلت الحكومة البريطانية في التدخل “لتصحيح” قرار الدوري الممتاز الذي وصفه بـ “الخاطئ”، والذي قضى برفض استحواذ بن سلمان على نادي نيوكاسل يونايتد العام الماضي مقابل 300 مليون جنيه إسترليني.

 

في تلك الآونة، طلب جونسون من إدوارد ليستر، مبعوثه الخاص لمنطقة الخليج، تناول هذه القضية، وبحسب ما ورد قال اللورد ليستر لرئيس الوزراء: “سأتولى التحقيق في الأمر.”

 

وكان صندوق الثروة السيادي السعودي -الذي يرأسه بن سلمان- على وشك إبرام صفقة في أبريل/نيسان من العام الماضي لشراء النادي من مالكه مايك أشلي بصورة نهائية، ولكن بعد تقييم الصفقة من قبل الدوري الإنجليزي الممتاز، تم رفض عرض استحواذ تقدم به كونسورتيوم سعودي مكون من صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية، وروبن براذرز، وأماندا ستافيلي، وفي يوليو/تموز انسحب الكونسورتيوم السعودي بسبب الخلاف حول اختبار المالكين.

 

كانت صحيفة “دايلي ميل” هي أول من كشف محاولة الضغط التي قام بها بن سلمان، مشيرة أن الرسالة تعود إلى 27 يونيو/حزيران الماضي، وكان نصها: “نتوقع من الدوري الإنجليزي الممتاز إعادة النظر وتصحيح قراره الخاطئ”.

 

في حواره مع دايلي ميل قال ليستر “السعوديون كانوا مستائين… لم نتدخل من أجلهم سواء لشرائه أو عدم شرائه… أردنا أن يكون [الدوري الممتاز] مباشراً في موافقته أو رفضه، وعدم ترك الجانب السعودي ينتظر”.

 

أبدى جونسون ووزراؤه تعاطفهم مع العرض لكن ليس لديهم السلطة المباشرة لإلغاء الدوري الإنجليزي الممتاز.

 

في أغسطس/آب، أي بعد الرسالة، كتب جونسون -الذي كان يدرك مدى تأثير العرض على بعض مشجعي كرة القدم في شمال شرق إنجلترا- إلى أعضاء رابطة “مشجعي نادي نيوكاسل يونايتد” قائلاً “إنني أقدر أن العديد من مشجعي النادي كانوا يأملون في المضي قدمًا لإتمام الصفقة… يمكن فهم شعورهم بخيبة الأمل… لقد رأيت الرسالة الإلكترونية الأخيرة التي تم إرسالها إلى مشجعي نيوكاسل من أمين المظالم المستقل لكرة القدم وأوافق على استنتاجه أن الدوري الإنجليزي يجب أن يصدر بيانًا بشأن هذه القضية “.

 

الجدير بالذكر أن رغبة بن سلمان الملحة في الاستحواذ على نيوكاسل كان أحد أهم دوافعها هو شعور السعودية الدائم بالغيرة من مشاركة منافسها الأقوى “قطر” في نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم، ومشاركة اتحاد إماراتي في مانشستر سيتي.

 

في فبراير/شباط من هذا العام، أصدرت إدارة بايدن تقريراً استخباراتياً، رفعت عنه السرية، خلص إلى أن الأمير محمد وافق على عملية مقتل الصحفي السعودي في واشنطن بوست جمال خاشقجي عام 2018، وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الحكومة السعودية أفلتت من العقاب منذ 2018، بل قامت بشن حملات اعتقال شرسة ضد منتقدي الأمير ومنافسيه السياسيين المحتملين.

 

في تعليقها حول الموضوع، قالت كيت ألين، مديرة منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، إن “محاولة شراء نيوكاسل كانت مثالاً صارخًا على عمليات الغسيل الرياضي التي يلجأ إليها النظام السعودي، لذلك من المقلق أن يخضع رئيس الوزراء بأي شكل من الأشكال للضغط من ولي العهد بشأن الصفقة”.

 

تُظهر طلبات “حرية المعلومات” أن وزارة الثقافة والإعلام والرياضة انتقدت الدوري الإنجليزي الممتاز في يونيو/حزيران 2020 وتساءلت حول كيفية اتخاذ القرار بشأن الموافقة على الصفقة، كما قالت الوزارة إن مكتب وزارة الخارجية السعودي شارك في الرد على القرار، مما يدل على الحساسية السياسية للقضية لحكومة المملكة المتحدة.

 

كما كشف وزير الخارجية السابق السير آلان دنكن عن وجود ضغوطات على رأس الحكومة البريطانية بسبب أفعال الأمير محمد بن سلمان، في مذكراته التي نُشرت هذا الأسبوع.

في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد وقت قصير من مقتل خاشقجي كتب دانكن “الأمر ليس هين… لقد قُتل وشُرح… إنه تغيير جذري في قواعد اللعبة… أعتقد أننا يجب أن نأخذ زمام المبادرة على المستوى الدولي بالقول إننا نحب المملكة العربية السعودية ولكن لدينا شكوك متزايدة بشأن محمد بن سلمان… الهدف هو الرجل وليس البلد”، وفي جزء آخر من مذكراته، اتهم “دنكن” بن سلمان بتدمير اليمن.

 

وقالت منظمة العفو: “في الوقت الذي كان فيه ولي العهد يمارس هذا الضغط على رئاسة الوزراء، كان العالم لا يزال يعاني من تداعيات مقتل خاشقجي، وكان نشطاء حقوق الإنسان السعوديون مثل لجين الهذلول يقبعون في السجن، وكانت الطائرات الحربية السعودية تواصل القصف العشوائي لليمن”.

 

“هذه القضية برمتها المتشابكة للغاية… تؤكد فقط على الحاجة إلى إجراء إصلاح شامل لاختبار مالكي ومديري الدوري الإنجليزي الممتاز لتوفير اختبار يقيس مدى احترام حقوق الإنسان لدى من يرغب في الاستحواذ على أي نادي من أندية الدوري الإنجليزي العريقة”.

 

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

اقرأ أيضًا: بلومبيرغ: جرائم بن سلمان تحبط محاولات استقطاب الاستثمار الأجنبي