ربى الطاهر

عودة جديدة لاستفزاز مشاعر المسلمين في كل أقطار العالم، من خلال الإساءة مرة أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم.

فقد أعطت وكالة مكافحة الإرهاب في هولندا النائب خيرت فيلدرز، اليميني المتطرف، الضوء الأخضر وسمحت لحزبه المعروف بحزب الحرية الهولندي المتشدد، والمعروف بتوجهاته المعادية للإسلام، بتنظيم مسابقة لرسم نبينا محمد صلي الله عليه وسلم، وستقام المسابقة في المكاتب التابعة لحزب الحرية “pvv”، وسيحكم على الرسوم الفائزة الأمريكي بوش فوستو، الفائز الأول في مسابقة مماثلة نظمتها منذ 3 سنوات باميلا جيلر، في تكساس، وستنتهي المسابقة من أعمالها في نهاية عام 2018، وذكر “فيلدرز” أن قيمة الجائزة 5000 يورو، وأنها منحة من شخص لا يرغب في الإعلان عن نفسه.

إساءات جديدة

ومن المتوقع أن تحمل هذه المسابقة الكثير من الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام، خاصة أن “فيلدرز” يعرف بمعاداته للإسلام؛ فقد طالب بمنع وحظر الإسلام، ووصفه بالدين الشمولي، وبأنه خطر على أصحاب العقائد الأخرى من مسيحيين ويهود، وأنه سبب خراب البلاد، وقد وضع الحزب ضمن برنامجه الانتخابي إغلاق جميع المساجد، وتنقية كل مدن هولندا من المسلمين، وإلغاء مراكز استقبال اللاجئين.

وقد أثارت تصريحات “فيلدرز” جدلًا واسعًا؛ حيث طالب بإحراق القرآن ومنع الحجاب، ووصف الإسلام بأنه دين استبدادي، وأن هذا الدين لا يحترم الحرية، وأنه خطر على حرية التعبير.

وقال في تغريدة له على صفحته الشخصية، نقلتها فضائية “يورانيوم”، أنه حصل على ضوء أخضر لإقامة تلك المسابقة مهما كانت تمثل من استفزاز للمسلمين، معللًا ذلك بأن حرية التعبير أهم شيء.

وقد ذكر موقع “هولندا اليوم” أن خديجة عريب، رئيسة البرلمان، ليس لديها أي مانع في إقامة المسابقة، وأن المنسق الوطني لمكافحة الإرهاب Dick Schoof لا يرى أي خطر في تنظيم تلك المسابقة، رغم ما تمثله من استفزاز للجاليات العربية والإسلامية وللمسلمين في كل مكان.

وقد حاول “فيلدرز” إقامة هذه المسابقة وهذا المعرض في عام 2015عندما التقى فوستن المجرم الذي رسم النبي صلي الله عليه وسلم في رسومات مسيئة سابقًا، إلا أنه عجز عن الحصول على التصريحات اللازمة وقتها، ووجهت له انتقادات وصفته بالمستفز وعديم الضمير، وأنه شخص يسعى لإشعال الحرائق وغير مرغوب فيه.

أحداث دموية

وتذكرنا تلك المسابقة بأجواء مشابهة وأحداث عنيفة ترجع لعام 2005، عندما قامت صحيفة “يولاندس بوسطن” الدنماركية بنشر 12 من الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول، تصوره وتصفه بالإرهابي الذي يحمل قنبلة.

وقد طالبت جمعية المسلمين في الدنمارك الصحيفة بتقديم اعتذار لكن الصحيفة رفضت، فانطلقت أول مظاهرة ضخمة اعتراضًا على ذلك في مظاهرة حاشدة بلغت 3 آلاف شخص أمام مقر الصحيفة في كوبنهاجن.

واشتعلت المظاهرات في معظم دول العالم الإسلامي، وقامت الكثير من الدول العربية والإسلامية بسحب سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية، اعتراضًا على تلك الرسومات المسيئة، وبدأت إجراءات مقاطعة السلع والبضائع الدنماركية.

وفي عام 2006، قامت صحيفة أخرى تدعى “ماجارينيت” بإعادة نشر نفس الرسوم، ما أدى لاشتعال المظاهرات مجددًا، وقد قام مسلحون باقتحام مكاتب الاتحاد الأوروبي في غزة مطالبين بالاعتذار، وبالفعل قدمت الصحيفة هذا الاعتذار، وبعد ذلك أعادت صحيفة “شارلي ايبدو” الفرنسية نشر الرسوم، وأضافت إليها رسمًا مسيئًا يحمل عنوان “من الصعب أن يحبك الأغبياء”، وبعدها هاجم متظاهرون سفارة فرنسا في إيران.

وفي عام 2010، حاول مسلحون مهاجمة منزل كيرت فسترغارد، رسام الرسوم المسيئة، ولكنه نجا، وظل بعدها يعيش في حماية الشرطة، وقد أعرب عن أسفه لتوقف الصحف عن نشر رسومه المسيئة، واعتبر أن ثقافة الخوف قد انتصرت.

وفي عام 2015، قام ملثمون باقتحام مقر صحيفة “شارلي ايبدو” الفرنسية، والتي كانت قد أعادت نشر الرسوم، كما نشرت ملخص كتاب يسيء للإسلام والمسلمين، وارتكب المسلحون مجزرة دموية أدت لوفاة 12 من طاقم الجريدة، إضافة لمدير تحريرها وصحفيين آخرين.

وصرح فيسترجارد، تعليقًا على ردود الأفعال ضده بأن رسوماته لم تكن تهجمًا على الإسلام، ولكنها انتقاد “للإرهابيين الذين يستوحون ذخيرتهم الروحية من آيات قرآنية”.

وعبر بعد ذلك عن حزنه لرفض الصحف الدنماركية من إعادة نشر الصور في الذكرى العاشرة لنشر الرسوم وتمسك الحكومة بعدم إطلاع تلامذة المدارس عليها، ورأى في ذلك انتصارًا لثقافة الخوف.

وفي فبرار عام 2008، أعلنت وسائل الإعلام القبض على عدد من المشتبه بتخطيطهم لقتل الرسام الدنماركي كيرت فيسترجارد، صاحب الرسوم المسيئة، وهو ما أدى إلى إعادة نشر الرسوم من عدد من بعض الصحف الدنماركية، وهو الأمر الذي أعاد الكرة من جديد، حيث تجددت المظاهرات الغاضبة بدورها في الدول العربية والإسلامية، كما اندلعت أعمال شغب في عدد من المدن الدنماركية.

وهو ما دفع زعيم تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن للتدخل في الأمر، من خلال تسجيل مصور له يهدد فيه الاتحاد الأوروبي في حال إعادة نشر الرسوم، بعد شهر من تجدد الأحداث مما أعطى للأمر بعدًا جديدًا.