مع مرور الوقت، تتفاقم الأزمة بين الكونغرس الأمريكي وإدارة ترامب التي تخطت كافة الحدود القانونية للتهرب من المساءلة بسبب المخالفات التي اتهمت الإدارة بارتكابها على خلفية السياسات الخارجية لترامب، خاصة فيما يتعلق بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث تماطل الإدارة في تقديمه للمساءلة بعد اتهامه بمقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي في 2018 داخل القنصلية السعودية في إسطنبول على يد فريق من العملاء السعوديين، حيث خلصت وكالة المخابرات المركزية أن عملية الاغتيال صدرت -بنسبة كبيرة- بأمر من ولي العهد.

منذ ذلك الحين، سعت أغلبية من الحزبين في الكونغرس إلى مطالبة الإدارة بمحاسبة محمد بن سلمان وآخرين متورطين في الجريمة.

بعد أيام من القتل، استند 22 من أعضاء مجلس الشيوخ إلى بند من قانون “قانون ماغنيتسكي للمساءلة العالمية”، والذي يطالب البيت الأبيض باتخاذ قرار بشأن جميع المسؤولين عن جريمة القتل التي تمت خارج نطاق القضاء، وتقديم تقرير إلى الكونغرس بشأن ما إذا كان سيتم تطبيق العقوبات، وعلى الرغم من أن الكونغرس قد حدد موعد 08 فبراير/شباط 2019 كموعد نهائي قانوني لرد الإدارة، إلا أنها تجاهلت الأمر.

دفع هذا التحدي تحالفاً آخر من الحزبين في الكونغرس إلى إرفاق تعديل على قانون تفويض الدفاع الوطني للعام الماضي يتطلب – مرة أخرى – تقريراً غير سري لتحديد “أي مسؤول حالي أو سابق في حكومة المملكة العربية السعودية كان على علم أو شارك في التوجيه أو الأمر أو التلاعب بالأدلة في جريمة القتل”.

سيكون من المستحيل إعداد مثل هذا التقرير دون الإشارة إلى محمد بن سلمان، الذي لطالما سعى ترامب جاهداً لتلبية احتياجاته والدفاع عنه ودعمه بصورة مستمرة، لهذا رفضت الإدارة مرة أخرى الامتثال لمتطلبات قانونية واضحة، بل وفي المقابل- بعد مرور أسابيع على الموعد النهائي- قام مكتب مدير المخابرات الوطنية بتقديم تقريراً سرياً إلى الكونغرس، مرفق برسالة تؤكد أنه لا يمكنه تقديم التقرير المطلوب غير المصنف لأنه من شأنه أن يعرض مصادر المخابرات للخطر.

التقرير المُشار إليه تسبب في إثارة غضب حزبي الكونغرس بصورة كبيرة، وعلى رأسهم رؤساء لجنتي المخابرات في مجلسي النواب والشيوخ، الذين أرسلوا رسائل إلى وكالة المخابرات الوطنية أكدوا فيها أن ضرورة كتابة التقرير، مشددين على أن إصداره يمكن أن يتم بصورة غير سرية دون أن يضر بمصالح المخابرات.

من جانبها لم تقم الوكالة بالرد، – ليؤكد ترامب أنه مستعد لانتهاك القانون الأمريكي بدلاً من الاعتراف علناً بتورط حاكم سعودي مستبد في قتل مواطن مقيم بصفة دائمة في الولايات المتحدة.

في سياق متصل، قامت مجموعة من المجتمع المدني بإحالة الأمر إلى محكمة فيدرالية، حيث رفعت “مبادرة عدالة المجتمع المفتوح” هذا الأسبوع دعوى قضائية في المنطقة الجنوبية من نيويورك تطالب بإصدار تقرير حول حادث مقتل خاشقجي بموجب قانون حرية المعلومات، بالإضافة إلى طلب سابق كانت المجموعة قد تقدمت به بموجب قانون حرية المعلومات للحصول على الوثائق في يوليو/تموز، إلا أنه وكالمعتاد، لم تتلق المبادرة أي رد من الجهات المعنية بحلول الموعد النهائي.

تأتي الدعوى المُشار إليها في أعقاب دعوى مستمرة من قبل مبادرة العدالة للحصول على سجلات حكومية بشأن قضية خاشقجي، ومن المتوقع بصورة “شبه مؤكدة” أن هذه السجلات ستظهر كذب ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو بقولهم إنه من غير المعروف ما إذا كان محمد بن سلمان متورطًا في جريمة القتل، وقد تضع أيضاً الأساس لتغيير طال انتظاره في سياسة الولايات المتحدة تجاه ولي العهد ونظامه – ربما في الوقت المناسب لإدارة جديدة
.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا