• رفض حوثي رغم الإغراءات..

 

لم تنجح الولايات المتحدة الأمريكية في أن تسوق بشكل ناجح إعلانها الأممي لوقف إطلاق النار في اليمن، لدى ميليشيات عبد الملك الحوثي، التي أعلنت بدورها رفض الخطة الأمريكية، وهو ما يشكل تهديدًا باحتمالية انهيار التفاهمات السياسية واستئناف المعارك العسكرية مرة أخرى، وهو ما يعني العودة إلى المربع الأول.

ويحاول المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، منذ فبراير/ شباط الماضي، إحداث أي اختراق في مسار السلام المتعثر، محاولًا إقناع الحوثيين بخطة يستهدف من خلالها وقف إطلاق النار، وقرن ذلك بإغراءات منقطعة النظير للحوثيين، بداية من شطب الجماعة من قائمة المنظمات الإرهابية، إضافة إلى وقف الدعم العسكري للتحالف العسكري العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وكذلك الإعلان، مساء أمس الجمعة، عن استئناف المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين شمالي اليمن.

هل تتمكن الإدارة الأمريكية من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن؟

لكن كل هذه الإغراءات لم تمنع أن تبادر الميليشيات الحوثية سريعًا بإعلان رفضها للخطة الأمريكية، معتبرة إياها “مؤامرة والتفافًا شكليًا” يؤدي للحصار بشكل دبلوماسي، معتبرة أن الخطة الأمريكية تعبر عن الرؤية السعودية المطروحة منذ عام.

وفي إطار الغموض النسبي الذي يحيط بتفاصيل الخطة الأمريكية التي وصفها المبعوث الأمريكي بـ “المتماسكة”، أكدت مصادر رفيعة في الحكومة الشرعية اليمنية أنه لا يوجد خطة أمريكية جديدة لوقف إطلاق النار، وإنما تعد الخطة المطروحة حاليًا امتدادًا للإعلان الأممي السابق، الذي طُرح في مارس/ آذار الماضي.

وصرح المصدر لـ “العربي الجديد” بأن  “الخطة التي يحوم النقاش حولها حاليًا هي ذات أفكار الإعلان المشترك لوقف إطلاق النار، والمتعلق بدرجة رئيسية بوقف المعارك والغارات الجوية وعودة الملاحة إلى مطار صنعاء الدولي والتفاهم على مسألة إيرادات ميناء الحديدة، ثم الانتقال بعد ذلك إلى المشاورات السياسية”.

 

  • سعي حوثي لنيل امتيازات..

 

ومن خلال الرفض السريع الذي أبداه الحوثيون، كان من الواضح أن الميليشيات تسعى لنيل بعض الامتيازات والاستثناءات من قبل الولايات المتحدة.

حيث كشف الناطق باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، أن الخطة الأمريكية حوت شروطًا من قبيل “تحديد وجهات مطار صنعاء”، الخاضع لسيطرتهم، و”إصدار التراخيص للرحلات من التحالف”، و”عدم التعامل مع جوازات السفر الصادرة عن صنعاء”، مشيرًا إلى عدم إمكانية “قبول أية خطة أقل مما قدمها المبعوث الأممي”.

 

  • نقاط شائكة..

 

وطيلة الجولات التي قام بها المبعوث الأممي خلال الشهور السابقة مع أطراف الصراع اليمني، مثلت هذه النقاط الإنسانية والاقتصادية هي العقدة الرئيسة وراء عدم تحقيق أي تقدم في بنود الإعلان المشترك، لا سيما من قبل الحوثيين، رغم أن جميع الأطراف متوافقة بشكل شبه تام على ضرورة وقف إطلاق النار.

من الجدير بالذكر أن النسخة الأولى من الإعلان المشترك كانت تنص على فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية المباشرة إلى جميع الدول، وبدون طلب أي تراخيص من التحالف العربي، لكن الحكومة الشرعية تحفظت على هذه البنود، معتبرة إياها انتقاصًا من سيادتها على كامل الأرض اليمنية باعتبارها الحكومة الشرعية، فليس مقبولًا أن يسمح لميليشيات متمردة بتسيير رحلات مباشرة دون أن تُخطر وتُستأذن السلطات الشرعية.

وبعد جولات وجولات، استجاب المبعوث الأممي للحكومة الشرعية والسعودية، ووضعت البنود الخاصة بلزوم التراخيص وتقييد الرحلات إلى مطار صنعاء، متذرعًا بأن الرحلات المباشرة من صنعاء وعدم معرفة هويات المسافرين قد يؤدي إلى زيادة تهريب الأسلحة والخبراء الإيرانيين من طهران إلى الداخل اليمني، وهو ما قوبل برفض الحوثيين السريع كما ذكر عاليه.

بايدن: الصين ستدفع ثمن انتهاكاتها لحقوق الإنسان | الميادين

وفيما يخص الملفات الاقتصادية، لا تزال الموارد المالية التي تأتي من ميناء الحديدة إحدى العقد والعقبات الرئيسة أمام الخطة الأمريكية والإعلان الأممي، حيث اشترط الإعلان “عودة النشاط التجاري بشكل كامل لميناء الحديدة من دون قيود، شرط أن تقوم جماعة الحوثيين بتوريد الإيرادات إلى حساب في البنك المركزي بالحديدة، يتم تخصيصه لدفع مرتبات موظفي الدولة في كافة مناطق اليمن، بناءً على كشوفات مرتبات الموظفين في 2014” وذلك بعد اتهامات للحوثي بنهب الإيرادات، واستغلالها في تمويل العمليات العسكرية والجهودات الحربية، لكن الميليشيات لا تزال رافضة لهذا البند حتى الآن.

 

  • موقف الحكومة الشرعية..

 

من ناحيتها، أعلنت الخارجية اليمنية في الحكومة الشرعية ذات الاعتراف الدولي، مساء أمس الجمعة، أنها تعاطت مع كافة المبادرات الأمريكية المتعلقة بعملية السلام والداعية لوقف إطلاق النار وتحقيق سلام شامل في أرض اليمن.

كما اتهمت الوزارة، في بيان صحفي، ميليشيا الحوثي بأنها تقابل الدعوات الأمريكية للسلام بفتح جبهات جديدة للقتال، وتصعيد عدوانها العسكرية على المدنيين في محافظات تعز ومأرب والحديدة، حسب ما نقلته وكالة سبأ التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا.

كما دعا البيانُ المجتمعَ الدولي إلى “التنبه للتصعيد العسكري الحوثي الذي يتزامن مع تعالي دعوات السلام والعودة للحوار خاصة بعد قدوم الإدارة الأميركية الجديدة، لأن خطورة هذا التصعيد لا تكمن فقط في تفاقم الأزمة الإنسانية، ولا في الخسائر البشرية من المدنيين، ولكنه يسعى للقضاء كلياً على المسار السياسي ويُنهي جهود سنوات طويلة من المشاورات والجهود السياسية من قبل المجتمع الدولي ويقوض أي آمال أو مستقبل للسلام في اليمن”.

النزاع في اليمن من خلال عدسة الكاميرا | اللجنة الدولية للصليب الأحمر

وبعد هذا الذي ذكر أعلاه، يبدو أن عدم القدرة الأمريكية -حتى اللحظة- على إقناع أو حتى إرضاخ الميليشيات الحوثية بالقبول بمساعي ومبادرات وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب اليمنية، تمثل تهديدًا لا ينبغي إغفاله بانهيار كافة المباحثات الحالية الساعية للسلام ووقف نزيف الدماء، كما أنها تشير إلى احتمالية تصاعد نيران الحرب من جديد ليُستأنف نزيف دماء اليمنيين وإهدار مواردهم المستمر منذ ما يقارب الـ 10 سنوات.

وهنا يبقى السؤال.. هل تتمكن الإدارة الأمريكية الجديدة من إقناع أو إرضاخ الحوثيين بقبول مساعي السلام؟

اقرأ أيضًا: إيران على حدود المملكة.. كيف ستغير معركة مأرب مصير الحرب اليمنية؟