العدسىة – إبراهيم سمعان

هل يكون اليمن للسعودية كفيتنام للولايات المتحدة التي خاضت حربا استمرت لنحو عشرة أعوام، وعجزت خلالها عن تحقيق أهدافها السياسية المنشودة، إذ كان لهزيمتها في هذه المعركة أثرٌ عميقٌ على المستويين السياسي والنفسي، الأمر الذي ما زال يؤثر في منحى القرارات المتعلقة بدخول حروب جديدة أو الامتناع عنها حتى الآن؟

سؤال طرحه راديو “فرانس أنتر” مسلطا الضوء فيه على الإخفاق السعودي في حرب اليمن التي جعلت هذا البلد مسرحا للفوضى والتقسيم، ورغم الأسلحة والدولارات التي وفرتها له واشنطن، فشل، الوريث المقبل للمملكة، الأمير محمد بن سلمان آل سعود، في تحقيق أهدافه من وراء هذا التدخل.

وقال الراديو: قبل ثلاث سنوات، قررت السعودية التدخل في الحرب الأهلية باليمن المجاور، وبعد ثلاث سنوات، يبدو أن المملكة قد علقت في صراع مدمر بالنسبة للسكان المدنيين، وسط الخوف من خطر خسارة الحرب على الأرض، وكذلك نفسيًا.

وأوضح أن الهدف بدا بسيطا من الوهلة الأولى: استعادة سلطة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي طرده المتمردون الحوثيون، المدعومون من إيران الشيعية من العاصمة صنعاء، لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال البلاد مقسمة لشطرين، والأسوأ من ذلك انتشار المجاعة والكوليرا، وهجرة مليونين من اليمنيين، ومقتل الآلاف في صراع مدمر.

وأشار إلى أنه من وجهة نظر السعودية، الصراع في اليمن هو حرب “عادلة”، وهي طريقة لقطع يد إيران في جارتها الجنوبية، لكن بعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الحملة العسكرية، فإن الحرب السعودية وصلت إلى طريق مسدود.

ونقل “فرانس أنتر” عن ديدييه بيليون، نائب مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS): “لم يتم الوصول إلى أي من الأهداف التي حددها السعوديون لأنفسهم، من وجهة نظر عسكرية، الخطوط الأمامية لا تتغير، وعلى الجانب السياسي، إرادة السعوديين لإعادة الحكومة التي يرونها شرعية أسفرت عن فشل مطلق”.

“فوضى مطلقة”

من ناحية أخرى، إصرار السعودية يأتي بنتائج عكسية تمامًا على كلا الجانبين، يبين بيليون، مضيفا “ليس هناك إمكانية للتوصل إلى حل وسط في الوقت الحالي، لكن اليمن في حالة من الفوضى المطلقة، بالإضافة إلى المأساة الإنسانية، فإن ذلك يشكل توجسا حقيقيا للسعوديين نشهده بوضوح حاليا”.

ووفقا للراديو هذه حرب، مكلفة جدا للسعودية أيضا، ويقول بعض الخبراء إن الصراع يكلف المملكة شهريا مليار دولار، في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بترشيد نفقاتها داخليا.

وأوضح أنه فيما يتعلق بالشكل على المستوى الدولي، أصبحت اليمن شوكة في ظهر الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى لتلميع وجه المملكة في الخارج، حيث ينتهك في اليمن القانون الدولي على نطاق واسع، بما في ذلك قصف قوات التحالف، بقيادة السعودية، المتكرر للمدنيين، ما جعل الرياض في قفص الاتهام.

دُمرت البنية التحتية لليمن، البلد العربي الأكثر فقرا، بشكل منهجي، وبسبب القصف الجوي للتحالف العربي، زاد عدد القتلى أكثر من 10 آلاف شخص، وهو الرقم الرسمي الذي أحصته الأمم المتحدة منذ عام ونصف تقريبا.

كما تسبب الحصار الذي تفرضه القوى العربية على البلاد في “أسوأ أزمة إنسانية على كوكب الأرض، وبحسب الأمم المتحدة: 7 ملايين نسمة، أي ربع السكان، على وشك المجاعة، ومليون شخص مصابون بالكوليرا، وحكومة هادي، الذي لا يزال في المنفى بالرياض، ليس لها تقريبا أي سيطرة على البلاد.